اختير علي باقري كني (56 عاماً) خلفاً لوزير الخارجية الراحل، حسين أمير عبد اللهيان، علماً أن الأول كان يشغل، أخيراً، منصب مساعد الأخير للشؤون السياسية وكبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي الإيراني، منذ عام 2021، حين عيّنه عبد اللهيان مساعداً له، بدلاً من عباس عراقجي.ولد الدبلوماسي الإيراني عام 1967 في منطقة كن في شمال غرب طهران، وحمل اسمها في كنيته، وهو نجل محمد باقر باقري كني، الذي يُعدّ من علماء الدين المعروفين، والعضو السابق في مجلس خبراء القيادة للدورات الأولى والثانية والرابعة، كما أنه شقيق مصباح الهدى باقري كني، صهر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، وابن أخي الراحل محمد رضا مهدوي، الرئيس السابق لمجلس خبراء القيادة ومؤسّس «جامعة الإمام الصادق» - في السنوات الأولى لانتصار الثورة الإسلامية - التي تولّى الكثير من خرّيجيها مناصب رفيعة المستوى في الجمهورية الإسلامية. ومن بين هؤلاء، باقري كني نفسه، الذي تخرّج فيها في فرع «المعارف الإسلامية والاقتصاد»، ويحمل شهادتَي ماجستیر في المعارف الإسلامیة والاقتصاد، ودكتوراه في علوم الاقتصاد. وفي المناخ السياسي الإيراني عموماً، يُعرف باقري كني بقربه من المجموعة المعروفة بـ«جبهة الصمود»، المحسوبة على التيار الأصولي، وذات المواقف الثورية ضدّ الغرب.
يعود أول منصب رسمي تقلّده باقري كني إلى عام 1994، مسؤولاً للدائرة الأولى للشرق الأوسط العربي وشمال أفریقیا في معاونیة الشؤون العربیة - الأفریقیة، عندما كان علي أكبر ولايتي وزيراً للخارجية، وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيساً للجمهورية. وإبّان فترة رئاسة إبراهيم رئيسي للسلطة القضائية، منذ عام 2019 وحتى عام 2021، أي قبل عهدة الأخير الرئاسية، تولّى باقري كني منصب مساعد السلطة القضائية للشؤون الدولية وأمين لجنة حقوق الإنسان فيها. كما شغل، سابقاً، أربعة مناصب خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، في ولايتَي حكم الأخير منذ عام 2005 وحتى عام 2013، إذ تولّى منصبين في وزارة الخارجية، عندما كان منوشهر متكي وزيراً للخارجية، وهما: المدیر العام لشؤون أوروبا الوسطى والشمالیة (2005-2006)، والمشرف على معاونیة الشؤون الأوروبیة في الوزارة بين عامي 2007 و2008.
إلا أن اسم باقري كني ارتبط خصوصاً بسعيد جليلي، حين كان الأخير أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي بين عامَي 2007 و2013، وقاد المحادثات النووية في تلك الفترة، حيث تولّى الأولى منصب مساعد شؤون السیاسة الخارجیة والأمن الدولي للأخير، ومنصب کبیر المفاوضین في الملف النووي منذ عام 2008 وحتى عام 2013، قبل أن تنتقل إدارة الملف إلى وزارة الخارجية في عهدتي رئاسة حسن روحاني (2013 إلى 2021)، حيث تمتّع وزير الخارجية آنذاك، محمد جواد ظريف، بالسلطة الكاملة، فيما أدى أمناء المجلس الأعلى للأمن القومي مهمة كبار المفاوضين. والجدير ذكره، هنا أيضاً، أن باقري كني قاد حملة جليلي الانتخابية في رئاسيات 2013، والتي فاز فيها روحاني.
وذاع صيت باقري كني أيضاً، عندماً تولّى منصب كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي عام 2021، نظراً إلى أنه انتقل من معارضة الاتفاق إلى قيادة فريق بلاده في المباحثات الهادفة إلى إحيائه، بعدما بلغت طريقاً مسدوداً منذ صيف 2022. والجدير ذكره، هنا، أن مواقف باقري المعارضة للاتفاق كانت نابعة من نظرته الثورية، وفقاً لأحد خطاباته التي ألقاها عام 2019، حيث قال إن حصيلة الاتفاق هي «لا شيء تقريباً»، وهي نتيجة لـ«أحد أخطاء التيار غير الثوري في المحادثات»، في وصفه للفريق المفاوِض في إدارة روحاني، لافتاً إلى أن الأخير «كان يظنّ أن بوسعه الإبقاء على أميركا في المحادثات، من خلال القوانين الدولية، في حين أنه يمكن من خلال أدوات ومكوّنات القوة، إرغام واشنطن على الانحناء احتراماً وتكريماً، لا من خلال القوانين الدولية». كما اعتبر أن «هدف أميركا من المحادثات، ليس الموضوع النووي، بل الإطاحة بالنظام». وفي نيسان 2018، أي قبل أيام من الانسحاب الأميركي من الاتفاق، رأى باقري كني أن «أشباه المثقّفين والمنبهرين بالغرب في الداخل، هم الذين دعموا إهدار أكثر من 100 حقّ نووي للشعب الإيراني في إطار الاتفاق النووي، كما دعموا إيقاف الكثير من النشاطات النووية وإزالة العديد من التجهيزات، وحتى إنهم احتفلوا بصبّ الخرسانة في قلب مفاعل آراك للمياه الثقيلة، وقدّم البعض جوائز لمن صبّوا هذه الخرسانة».