تبعث الممارسات الأميركية، بحسب مراقبين، بـ«إشارات متضاربة» إلى صنّاع السياسة في بكين
في المقابل، رفضت الصين «الشكاوى» الأميركية المشار إليها حول إستراتيجيتها الاقتصادية، واضعةً إياها في خانة الأطماع «الانتهازية وأحادية الجانب»، ومحاوَلةِ «تبرير» فرض المزيد من التعريفات الجمركية على البضائع الصينية، واتخاذ المزيد من الإجراءات «الحمائية»، التي تهدف إلى تقويض نمو الصين. وفي السياق، نفى السفير الصيني لدى الولايات المتّحدة، شيه فنغ، في مقابلة مع مجلة «نيوزيوك» الأميركية، الحديث عن أن «طاقة الإنتاج المفرطة» للصين «تهدد الدول الأخرى»، معتبراً أنّه على العكس تماماً، فإنّ «القدرة الصناعية العالية الجودة والقوى الإنتاجية الجديدة النوعية (التي تروج لها الصين) ليست موجودة بشكل مفرط في العالم، إنّما هي نادرة جداً». كما أشار السفير الصيني إلى أنّ القدرات الصينية «الخضراء» تتيح لدول العالم النامية تحقيق أهداف خفض الانبعاثات السامة وتسريع الانتقال نحو الطاقة الخضراء.
وبالنظر إلى الممارسات الاقتصادية والعسكرية الأميركية الأخيرة، يصبح «التشكيك» الصيني في نوايا واشنطن مفهوماً؛ إذ تقترن «التبادلات» الديبلوماسية بين البلدين، مثلاً، باستمرار واشنطن في محاولة «قمع» بكين في مجال التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، أصدرت الولايات المتحدة، أخيراً، لائحة «محدثة» من قيود التصدير إلى الصين، دخلت حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، تشمل أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي تحتوي على رقائق الذكاء الاصطناعي. ويُضاف إلى تلك الإجراءات في المجال الاقتصادي، «الحراك» الأميركي، الذي تصفه بكين بـ«المزعزع للاستقرار»، في بحر الصين الجنوبي. وتبعث هذه الممارسات، بحسب مراقبين، بـ«إشارات متضاربة» إلى صنّاع السياسة في الصين، وتخلق «قناعة» لديهم بأنّ السياسة الأميركية «لا تتمتع بالمصداقية الكافية» كما يقولون، بل هي «رهن» التقلبات في المناخ السياسي الداخلي والخارجي، وتخدم فقط المصالح الأميركية.
كذلك، تحدثت وسائل الإعلام الصينية، أخيراً، عن أنّ الرأي العام الصيني أصبح يعي «حقيقة السياسة الأميركية»، ويلمس التناقضات فيها، وبالتالي لا «ينخدع» بمظاهر «الود» التي يحاول المسؤولون الأميركيون نشرها. حتى إنّ عدداً من الخبراء الأميركيين اعتبروا، في حديث إلى صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية المملوكة من الدولة، أنّ الولايات المتحدة كانت تنتظر من الصين إعطاء «الضوء الأخضر» لزيارة يلين، لأنّها تبحث عن «مساعدة ملحة» من الصين في ما يتعلق بمجال «السياسة النقدية»، بسبب المشكلات الكبيرة التي تعانيها لناحية ارتفاع الدين العام الأميركي. ويتابع أصحاب هذا الرأي أنّ على يلين ومن خلفها إدارة بايدن أن يدركوا أنّهم «في حال جاؤوا إلى الصين لطلب المساعدة والتعاون، فعليهم تغيير موقفهم المتعجرف والتحدث بلطف، بدلاً من البحث عن المنافسة غير العادلة لمواجهة الصين واحتوائها»، مؤكدين أنّ الأخيرة «لن ترضخ للضغوطات القائمة على منطق الهيمنة».