تتهم المعارضة، الرئيس التركي بأنه يستنسخ برنامجها، وبأنه لم يأتِ بجديد
وبطبيعة الحال، لم يوفّر إردوغان مهاجمة خصمه كيليتشدار أوغلو، متوعّداً بـ«دفنه» هو وشركائه في صندوقة الاقتراع في 14 أيار المقبل، وبـ«سحق» «حزب العمال الكردستاني» وجماعة فتح الله غولين وكل المنظمات الإرهابية، معتبراً أن وعود المعارضة هي «وعود الإرهاب الكردي وغولين». وقال، في برنامج تلفزيوني، إنه سيعمل على ألّا يحرِج الناخبين، وأن يفوز بالتالي من الدورة الأولى. وفي هذا الإطار، اعترف الصحافي جيم كوتشوك، المؤيّد للسلطة، بأن معركة إردوغان «على حدّ السكين»، ولذلك فهو قد يُصدِر عفواً عاماً يُكسِبه عدداً كبيراً من الأصوات. غير أن ما قاله رئيس «حزب اليسار الديموقراطي»، أوندير أقصاقال، كان لافتاً جداً، حين اتّهم، أثناء مشاركته إردوغان حفلَ وضْع حجر الأساس لمساكن جديدة في ملاطيا، المعارضة بـ«الكفر». وقال أقصاقال: «هذه الانتخابات ليست كسابقاتها بين اليمين واليسار، بل هي انتخابات أمّة الوطن»، مضيفاً: «إن شاء الله، في 14 أيار، لن نسلّم وطننا إلى الكفّار». وعلى رغم أن هذا التصريح لاقى ردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلّا أن أقصاقال واصل الإصرار على موقفه في افتتاح مستشفى في مدينة قوجا علي، قائلاً إنه «على رأس تحالف الأمّة (المعارض) الولايات المتحدة، وخلْفه حزب العمال الكردستاني، وإلى جانبه فتح الله غولين. هم يريدون تقسيم الأمّة، ولكن لن ندعَ أقدام هؤلاء الكفّار تطأ هذه الأرض». كذلك، لم يتأخّر رجال الدين على التحريض على «حزب الشعب الجمهوري»، إذ تحدّث الشيخ إحسان شينوجاك إلى صحيفة «يني عقد» الإسلامية الموالية لإردوغان، قائلاً إن «العمل الأعظم الذي يمكن أن يقوم به مسلم إرضاء لله تعالى، هو معاداة حزب الشعب الجمهوري».
أمّا على صعيد المعارضة، فقد بلغت وعودها درجة المسّ بجذور النظام الرئاسي وشطْبه نهائيّاً والعودة إلى نظام برلماني قوي، وأيضاً العفو أو الإفراج عن جميع الذين زجّتهم السلطة في السجون أو سرّحتهم من وظائفهم بعد محاولة انقلاب عام 2016. ولكن الوعود الحالية تركّزت أكثر على القضايا المعيشية المباشرة التي تهمّ المواطن العادي، من البطالة وتوفير فرص العمل ودعم الأسر والشباب وبرامج حماية العائلات الفقيرة. ويَعتمد مرشّح المعارضة، كيليتشدار أوغلو، على الفيديوهات القصيرة للترويج لحملته الرئاسية، بعدما امتنعت جميع المحطّات الموالية، من نشْر أيّ دعاية ولو مدفوعة له. وغالباً ما يبدأ مقاطعه المصوّرة بعبارة «أعدكم»، وقد وعد الشباب، قائلاً إن هناك ثلاثة أسباب لكي يصوتوا له: أوّلاً ستُعفى السيارة التي يشترونها من الضرائب، وستزاد قيمة القروض - ومن دون فائدة - للجميع، وسيتم تثبيت نسبة التضخّم لمدّة سنتين، وتوفير خمسة ملايين فرصة عمل خلال خمس سنوات».
وفي تشاناق قلعة عند مضيق الدردنيل، ومع الشعار الشهير «أنا كمال، آتٍ»، أقام كيليتشدار أوغلو مهرجاناً حاشداً شاركه فيه رئيسا بلديتَي أنقرة منصور ياواش، وإسطنبول أكرم إمام أوغلو، اللذان ألقى كلّ منهما كلمة أمام الحشود. وقال ياواش إن «خطاب السلطة يقوم على التخويف من التغيير، وبأن عظائم الأمور ستحصل إذا فازت المعارضة، لكن تجربتنا في البلديات كانت غاية في الشفافية والنجاح وتوفير فرص العمل»، مضيفاً أن «إمبراطورية الخوف ستجد نهاية لها في 15 أيار المقبل». ومن جهته، تحدّث إمام أوغلو عن أن «العدالة ستجد نفسها، في 15 أيار، حيث سينتصر تحالف الأمّة وتتجسّد إرادة الأمّة، وسيربح كيليتشدار أوغلو ليكون الرئيس الـ13 للجمهورية، وكل شيء سيكون جميلاً». أمّا كيليتشدار أوغلو، فقال إن «إردوغان يتّهمنا بأنّنا غير قادرين على فعل شيء. لكنّنا نقول له: سنفعل وسنوفّر فرص العمل للجميع ولن ينام طفل جائعاً في سريره ولا عائلة محرومة. وأنا أعدكم بأنّنا سننتصر معاً وننهي حكم الرجل الواحد»، مضيفاً: «يتّهموننا بالإرهاب فيما هم الذين هربوا منه ونقلوا رفات سليمان شاه من مكانه في سوريا إلى مكان آخر... إن المال الذي تمّ تهريبه إلى إنكلترا والولايات المتحدة، وتبلغ قيمته 418 مليار دولار، سنعيده إلى تركيا. وعصابة الخمسة (الشركات الخمس المقرّبة من السلطة التي تعطَى دائماً التلزيمات) لا تريدني رئيساً. ولكن حتى لو كانوا خمسة آلاف شركة وليس خمس، فسنعيد المال للأمّة ولن نأكل حقّ العبد». وكان سلجوق أوزداغ، نائب رئيس «حزب المستقبل» المعارض، قال إنه قد تكون هناك محاولة لاغتيال كيليتشدار أوغلو، داعياً إلى تشديد الحراسة الخاصة به. وهي معلومات أكدها أيضاً إردوغان طوبراق، كبير مستشاري كيليتشدار أوغلو، قائلاً إن على الدولة أن تكون أكثر حساسيّة تجاه هذا الموضوع.
وتتهم المعارضة، الرئيس التركي بأنه يستنسخ برنامجها، وبأنه لم يأتِ بجديد، إذ يقول علي باباجان، زعيم «حزب الديموقراطية والتقدّم» المعارض: «أنا مسرور لأن إردوغان يقرأ برنامج عملنا قبل أيام قليلة من الانتخابات». ومن جهته، يرى عاكف باقي، الكاتب في صحيفة «قرار» المعارِضة، أن الشعور العام كما لدى المعارضة، كذلك لدى «العدالة والتنمية» أن إردوغان لم يُخرج بعد «أرانبه الصغيرة». ومع ذلك، يقول باقي إن الرئيس التركي «لم يَعُد لديه أرانب ليخرجها، وماذا لديه أفضل من أرنب محرم إينجه والتشهير بأن الأصوات التي سينالها كيليتشدار أوغلو ستذهب إلى حزب العمال الكردستاني والولايات المتحدة الأميركية؟». أمّا مصطفى بلباي، في صحيفة «جمهورييات»، فيتّهم إردوغان بأنه «لم يأتِ بجديد، بل استنسخ وعود المعارضة وأَطلق وعوداً كما لو أنه الآن بدأ مشواره في السلطة، وكما لو أنه لم يكن فيها منذ 20 عاماً». ويقول إن «دعوة السلطة لتطبيق الوعود الآن وفوراً، يجب أن تقابَل بشعار "التغيير الآن وفوراً"». ووفق مراد يتكين، فإن إردوغان يَعِد الناس بوعود المعارضة نفسها، بل إنه في كل انتخابات يقول للناخبين: «إدعموني للمرّة الأخيرة»، مضيفاً أنه «على الرغم من أن أوساط إردوغان واثقة من انتصاره، فإن الرياح تميل أكثر إلى كيليتشدار أوغلو».