مع بداية تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، كانت البشرية قد دخلت العصر النووي. تمثّلت تلك الحقبة التي امتدّت إلى ما قبل الثورة الثقافية، في استكشاف طريق الصين الخاصة لبناء الاشتراكية. وفي مواجهة التهديدات الخارجية للصين، ولا سيما الأميركية، ومن أجل خلق «بيئة سلمية ومستقرة للبناء الاشتراكي في الداخل»، فيما كانت الصين تمرّ بظروف صعبة للغاية، قرّر ماو تسي تونغ اعتماد الطريقة الأكثر فاعلية لكسر الابتزاز النووي: امتلاك أسلحة نووية كقوة ردع. بعد ستّة أعوام على التأسيس، في 15 كانون الثاني 1955، عقدت سكرتاريا اللجنة المركزية لـ«الحزب الشيوعي» الصيني اجتماعاً موسعاً، اتّخذت خلاله القرار الاستراتيجي بتأسيس صناعة الطاقة الذرية وتطويرها. حينها، قال ماو تسي تونغ: «لا يجب أن يكون لدينا المزيد من الطائرات والمدفعية فحسب، ولكن أيضاً القنابل الذرية. في عالم اليوم، لا يمكننا الاستغناء عن ذلك إذا كنّا لا نرغب في تخويف الآخرين». علمت القيادة الصينية آنذاك أن ردع العدو يتطلّب الاستعداد التام للحرب. هكذا أصبح مشروع «قنبلتان وقمر صناعي واحد» إنجازاً مبكراً للصين، في عام 1964، أرسى الأساس للعلوم والتكنولوجيا المتطوّرة وأدخل الدفاع الوطني الصيني في مرحلة جديدة. في عام 1955، قال ماو تسي تونغ إن «التهديد الأساسي» الذي تتعرّض له الصين، يأتي من الولايات المتحدة. «لقد قاموا (الأميركيون) بغزو تايوان الصينية ومضيق تايوان وأرادوا بدء حرب ذرية. لدينا شيئان: أولاً، لا نريد الحرب. ثانياً، إذا جاء شخص ما لغزونا، فسنقاوم بحزم (...) لا يمكن للابتزاز الذري للولايات المتحدة تخويف الشعب الصيني». تعامل ماو بجدية مع القنبلة الذرية التي وصفها بـ«الشبح»، ودمج بناءها مع بناء الخط الثالث، في صميم عملية صنع القرار الاستراتيجي. على الرغم من جدية القرار، انطلق ماو في تعامله مع المسألة النووية من معادلة: سلاح نووي أكثر يعني حرباً أقلّ. هذا ما عبّر عنه في لقائه مع المارشال البريطاني برنارد مونتغمري عام 1961، والذي وصف فيه القنبلةَ الذرية بـ«نمرٍ من ورق» ينتهي معها القتالُ في بضع ثوانٍ، بينما «الفن العسكري والاستراتيجيات والتكتيكات قابلة للتغيير موقتاً وفقاً للحالة». 
شكّلت هزيمة الولايات المتحدة في الحرب الكوريّة، قبيل إطلاق التجربة النووية الأولى، دافعاً لتصعيد تهديداتها للصين مع تشديد سياسة تطويقها. وقّع الجانب الأميركي معاهدات مع العديد من البلدان، وأنشأ قواعد عسكرية فيها، مشكّلاً تحالفات مناهضة لبكين. ولاحقاً، قصفت الولايات المتحدة شمال فيتنام، وأضرمت النار في البوابة الجنوبية للصين. وفي أوائل الستينيات، طلبت سلطات الكومينتانغ في تايوان دعم الولايات المتحدة لـ«شنّ هجوم مضادّ على البرّ الرئيسي الصيني». صعّدت تايوان عبر إرسال عملاء مسلّحين لمهاجمة مناطق الصين الجنوبية الشرقية والساحلية الأخرى، في محاولة لإنشاء «ممرّ حرب العصابات» في جنوب شرق الصين لمهاجمة البرّ الرئيسي على نطاق واسع. في ذلك الوقت، كانت الهند أيضاً مصدر تهديد للصين تَمثل في اشتباكات شرق الحدود الصينية الهندية وغربها إثر شنّ الجيش الهندي هجمات مسلّحة. وكانت اليابان وكوريا الجنوبية متحالفتَين أيضاً مع الولايات المتحدة التي تملك قوات متمركزة فيهما. 
بعد ثلاث سنوات من «حرب باردة» وارتفاع نسبة التهديدات، كانت الصين تطوّر خلالها آلة الردع النووية، تمّ الضغط على زر «لمَس قلوب الناس» بحسب الحزب الشيوعي الصيني، وذلك يوم 16 تشرين الأول 1964 عند الثالثة عصراً بتوقيت بكين. هي القنبلة الذرية الأولى التي عزّزت ازدهار الصين، كما أشار الرئيس دنغ شياو بينغ لاحقاً: «لو لم يكن لدى الصين قنابل ذرية أو قنابل هيدروجينية أو أقمار صناعية منذ الستينيات، لما وُصِفت بأنها قوة عظمى ذات تأثير كبير، ولما كانت تمتلك المكانة الدولية التي تتمتّع بها الآن». كانت الصين خامس الدول التي تدخل الساحة النووية بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا، إلا أنها استغرقت سنتين وثمانية أشهر فقط ما بين إنتاج أول قنبلة ذرية وأول قنبلة هيدروجينية، على عكس الولايات المتحدة التي استغرقت سبع سنوات وأربعة أشهر، والاتحاد السوفياتي الذي تطلّب منه الأمر حوالي أربع سنوات، وبريطانيا التي استغرقها أربع سنوات ونصف، وفرنسا ثماني سنوات ونصف. أتى الردع ثماره، فبعد زيارة مونتغمري في سنواته الأخيرة للصين، حذّر من أن مهاجمة بكين هي أحد «القوانين المحظورة» للحرب. وخلال لقائه ماو، وصف الأخير القصفَ الذرّي الصيني بـ«الرجل الفقير، والمتسوّل، والذي يرتدي ملابس جميلة ويركض إلى الخارج». 
بعد أكثر من نصف قرن على امتلاك الصين للنووي، ترى واشنطن أن بكين ستتجاوزها بحلول عام 2049


الخطّ الثالث: قرار استراتيجي من منظور الحرب
قبيل التجربة النووية الأولى، ووفق تعليمات ماو، في الفترة الممتدة من 15 أيار إلى 17 حزيران 1964، تمّ اتخاذ قرار استراتيجي رئيسيّ لبناء الخط الثالث، وتركّزت معظم المشاريع الجديدة غرب الصين. حقّق بناء الخط الثالث نتائج خلال فترة قصيرة عبر نقل معظم الموارد الاستراتيجية إلى المناطق الغربية والجنوبية الغربية. ركّز ماو على مسألة تخطيط بناء الخط الثالث من منظور الحرب، وخاصةً النووية. ورأى أن الصناعات الثقيلة والقواعد الصناعية العسكرية في شمال شرق البلاد تقع جميعها ضمن نطاق التهديد. «إذا اندلعت الحرب، حتى لو لم يستخدم العدو الأسلحة النووية، فسيتم تدمير معظم قاعدتنا الصناعية». حينها، كانت المنطقة الغربية بعيدة عن القوة النارية العسكرية للاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة وقوات الكومنتانغ، التي لم تتمكّن أسلحتها من الوصول إلى المنطقة الغربية، وخاصةً الجنوبية الغربية.
تساوقت فكرة ماو مع وجهة نظر هيئة الأركان العامة للّجنة العسكرية. في نيسان 1964، قدمت إدارة الأركان تقريراً إلى اللجنة المركزية حيال المخطّط الاقتصادي للصين الذي «لا يلبي» احتياجات الحروب المستقبلية. أكد التقرير مخاوف ماو وجذب انتباهه. ومنذ ذلك الحين، عزّز ماو فكرته الأصلية لتطوير غرب الصين، ما شكّل مخططاً شاملاً للبناء الصناعي. لم تعُد الصين تخشى خوض حرب واسعة النطاق، بينما كان خصرها مُطوّقاً. طلبت الحكومة الصينية من الرئيس الباكستاني، أيوب خان، مراسلة الرئيس الأميركي، ليندون جونسون: «إذا فرضت الولايات المتحدة الحرب على الصين، فستنهض الصين للمقاومة والقتال حتى النهاية».

الاتحاد السوفياتي: بين ملهم ومقوّض 
خلال زيارة ماو للاتحاد السوفياتي عام 1949، عرَض الأخير فيلماً وثائقياً إخبارياً عن أوّل اختبار ناجح لقنبلة ذرية في الاتحاد السوفياتي في 29 آب من ذلك العام. وعندما التقى ماو، جوزيف ستالين، اقترح الأخير أن يساعد الاتحاد السوفياتي الصين في تطوير القنبلة الذرية. في تشرين الأول 1954، أعرب ماو عن أمله لنيكيتا خروتشوف بأن يساعد السوفيات الصين في تطوير أسلحة نووية: «نحن مهتمون بالطاقة الذرية والأسلحة النووية. واليوم نودّ أن نناقش معكم ونأمل أن تساعدنا في هذا المجال حتى نتمكن من بناء شيء ما». رفض خروتشوف طلب ماو، لكنه وعد بمساعدة الصين أولاً في بناء مفاعل ذري صغير وتدريب الكوادر، على أن يحقّ للجانب الصيني أيضاً إرسال أشخاص للدراسة في الاتحاد السوفياتي.
وفي أوائل الستينيات، امتدّ التناقض بين الحزبين في الصين والاتحاد السوفياتي إلى مجال علاقات الدولتين. في عام 1960، أوقف الاتحاد السوفياتي مساعدته للمشروع النووي الصيني، وقررت الصين تطوير القنبلة الذرية بالكامل من تلقاء نفسها. امتلكت الصين في البداية المعلومات والتكنولوجيا الخاصة بالقنبلة الذرية، لكنها افتقرت إلى الخبرة. وتوقع ماو أن يتطور التناقض بين الصين والاتحاد السوفياتي إلى مستوى المواجهة المسلحة. وقد عزّز وصول بريجنيف إلى السلطة، في عام 1964، السياسة التي اتبعها خروتشوف حيال بكين. اشتدّ العداء بين البلدين، إذ سرعان ما زاد عديد الجيش السوفياتي المتمركز على الحدود الصينية السوفياتية إلى مليون. كما أرسل الاتحاد السوفياتي قوات إلى جمهورية منغوليا الشعبية وحاول توجيه ضربة للمنشآت النووية التي تعمل عليها الصين.
في عام 1969، تدهورت العلاقات تماماً بعد الصراع في جزيرة Zhenbao وحوّل ماو انتباهه مرة أخرى إلى بناء الخطّ الثالث، إذ أولاهُ اهتماماً أكبر. من أجل القضاء على تدخل المتمردين وضمان التقدّم السلس، قرر فرض سيطرة عسكرية على بعض قواعد ومشاريع البناء الرئيسيّة للخط الثالث، وأرسل الجيش مباشرة لتنفيذ أعمال البناء. «لن يجرؤ المتمردون على العبث بمثل هذه الوحدات التي يديرها جيش التحرير الشعبي بشكل مباشر».

الصين: قوة نووية أكبر؟
بعد أكثر من نصف قرن على امتلاك الصين للنووي، ترى واشنطن أن بكين ستتجاوزها بحلول عام 2049، بحسب تقرير البنتاغون السنوي للقوة العسكرية للصين، الصادر عام 2020. لم تُصدر واشنطن تقييمها لعدد الرؤوس الحربية النووية الصينية فقط، بل قالت إن عددها يمكن أن يتضاعف على الأقل في السنوات العشر المقبلة. كانت تلك المرة الأولى التي يشير فيها البنتاغون إلى تقييم عسكري أميركي محدّد لعدد الرؤوس النووية الصينية في وثيقة. ذكر التقرير أنه «بينما تسعى الصين إلى بناء ثالوث خاص بها من قوات الضربات النووية البرية والبحرية والجوية، فإن التحديث والتوسّع النوويَّين جزء من جهد أوسع للّحاق بالجيش الأميركي (...) ويتجاوزه بحلول عام 2049 ». 
في ما يتعلق بعدد الرؤوس الحربية النووية الصينية، أكد التقرير أن التقديرات الحالية تشير إلى أن عدد الرؤوس الحربية النشطة يزيد قليلاً عن 200، بما فيها تلك التي يمكن تركيبها على صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على ضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة. وأكد التقرير أيضاً أنه في السنوات الخمس عشرة الماضية، قامت البحرية الصينية ببناء 12 غواصة نووية، ستّ منها غواصات نووية استراتيجية جديدة، ما يوفر للصين «رادعاً نووياً بحرياً موثوقاً به».
في المقابل، تسعى القيادة الصينية إلى تكثيف «روح قنبلتين ونجمة واحدة» في إلهام مئات الملايين من الجيل الصيني للتغلّب على العقبات. وأشار الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى أنه «مهما تغيرت الظروف، فإن روح الاعتماد على الذات والعمل الجادّ لا يمكن أن تضيع. يجب أن يحذو العصر الجديد لعمال الفضاء حذو الجيل القديم من رواد الفضاء، والمضيّ قدماً بقوة في روح قنبلتين ونجمة واحدة، للتغلب على جميع الصعوبات والعقبات».