القاهرة | استغلّت مصر الأزمة الروسية - الأوكرانية لطلب إبرام مزيد من صفقات السلاح مع دول أوروبية والولايات المتحدة، بحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار». وأكدت المصادر أن الفترة المقبلة ستشهد الإعلان عن صفقات جديدة بقيمة تتجاوز 5 مليارات دولار، بخلاف صفقة طائرات «سي 130 هيركليز» الأميركية، والتي وافق عليها مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، وتصل قيمتها إلى 2.2 مليار دولار. وأشارت إلى أن القاهرة طلبت، خلال الأيام الماضية، أنواعاً محدّدة من الأسلحة من كلّ من باريس وبرلين، مضيفاً أنها حصلت على وعد ألماني بالفصل بين ملفَّي صفقات السلاح وحقوق الإنسان، بخلاف الموقف السابق المعلَن من حكومة أولاف شولتس. ويعود هذا التحوّل الأميركي - الأوروبي نحو التشجيع على إبرام صفقات السلاح، من وجهة نظر القيادة المصرية، إلى السعي لاجتذاب القاهرة إلى الصفّ الغربي في سياق الصراع المحتدم مع موسكو، ودفعها إلى لعب دور أكبر في إقناع الحلفاء الخليجيين باتّخاذ موقف مماثل. لكن الصفقات الغربية لن تكون بديلاً من التعاون العسكري مع روسيا؛ ففي الوقت الذي حصلت فيه الدول الغربية على وعود بتجميد مشروعات كبرى بين القاهرة وموسكو في مقدّمتها مشروع محطّة الضبعة، وعدم صرف أيّ مستحقّات خاصة به بالدولار، تبقى الأزمة العالمية الراهنة فرصة لمصر، بحسب رؤية صناع القرار، لتنويع مصادر التسليح وتعزيز موقع الجيش.
تبدو تفاصيل الصفقات الجديدة مبهمة، لكن المفاوضات حولها بدأت في الأيام الماضية

وحتى الآن تبدو تفاصيل الصفقات الجديدة مبهمة، لكن المفاوضات حولها بدأت بالفعل في الأيام الماضية، حيث عُقدت جلسات بالفيديو بين عسكريين مصريين ونظرائهم الأميركيين، ظهر واضحاً فيها الاستعجال المصري للحصول على الأسلحة المطلوبة والاتفاق على التفاصيل المالية والفنّية، في مقابل مماطلة نسبية من الجانب الأميركي، وهو ما دفع القاهرة إلى تأكيد رغبتها في إبرام الصفقات سريعاً، وعدم وجود ما يدعو إلى تعطيلها أو تأجيلها. وتوازياً مع ذلك الاستعجال، يسعى المصريون، بشكل واضح، إلى استغلال الأزمة لتحسين صورتهم في مجال حقوق الإنسان، وانتزاع تصريحات علنية نادرة من المسؤولين الأوروبيين بهذا الشأن، وهو ما تقوم رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، السفيرة مشيرة خطاب، بدور رئيس فيه، عبر اتصالات مكثّفة تُجريها مع مسؤولين أوروبيين، تمهيداً لدور مماثل ستتولّاه وزارة الخارجية. والظاهر أن هذه «التزكية» الغربية ستكون بالمجان، إذ لا وعود من السلطات المصرية بإجراء إصلاحات حقيقية أو إحداث أيّ تغييرات في الوضع القائم، الأمر الذي يشكّل تحوّلاً غربياً غير مسبوق في التعامل مع حُكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي لا يتردّد في استغلال أيّ أزمة لترسيخ دوره دولياً، على غرار نظام حسني مبارك.
صحيح أن الظروف الدولية الحالية تمنح النظام فرصة نادرة لجنْي مكاسب، لكن المشكلة تكمن في محاولته استثمار اللحظة في دعم بقائه فقط، من دون وجود أيّ رؤية للتعامل مع تحدّيات الداخل. فحتى صفقات الأسلحة الجديدة سيتمّ تمويلها بعمليات اقتراض مسؤولة عنها المؤسسة العسكرية ظاهرياً من خلال تسديد ثمنها على دفعات خلال السنوات المقبلة، في وقت يتزايد فيه عجز الموازنة وتُحمّل الحكومة المواطنين مزيداً من الارتفاع في الأسعار.