من الخيارات المطروحة التي ستستفيد منها طهران «تنسيق أشمل» روسي - صيني - إيراني
موسكو التي تنتظرها معركة معقّدة مع العقوبات الأميركية والأوروبية الجديدة، وهي معركة خَبِرتها طهران على مدى عقود، من المرجّح أن تندفع إزاء ذلك إلى تجاهل العقوبات الأميركية - الأوروبية على طهران في تعاملاتهما المقبلة. وفي استكمال للغة التحدّي الروسي، فإن من الخيارات المطروحة، والتي ستستفيد منها إيران، «تنسيق أشمل» روسي- صيني- إيراني، خصوصاً إذا ما عملت الولايات على عرقلة الوصول إلى خواتيم سعيدة لمفاوضات فيينا. وعلى الرغم من الضغوط الداخلية التي تتعرّض لها العلاقات الإيرانية - الروسية من الفريق المُراهن على «انفتاح إيران» على الغرب، إلّا أن معركة بوتين في أوكرانيا ضيّقت بعض الهوامش بين طهران وموسكو في ما يتعلّق ببعض الملفّات الخارجية، خصوصاً في سوريا وربطاً بإسرائيل، التي دانت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بعد أن تجنّبت في البداية الانتقادات المباشرة لموسكو.
ومع أن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، حرص على ملاحظة «العلاقات العميقة والطويلة الأمد والطيّبة التي تربط إسرائيل مع روسيا ومع أوكرانيا»، إلا أن الردّ الروسي على الموقف الإسرائيلي لم يتأخّر كثيراً، قبل أن تعلن البعثة الروسية في الأمم المتحدة أن روسيا لا تعترف بسيادة «إسرائيل» على الجولان السوري المحتلّ، بل تعتبره جزءاً لا يتجزّأ من سوريا. هذا الردّ الروسي السريع، وسّع دائرة القلق في تل أبيب من أن تجني إيران وحلفاؤها ثمار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. إذ تساءلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عمّا إذا كانت «الحرب الروسية في أوكرانيا سوف تفتح صندوق باندورا من الغزوات والحروب المماثلة»، معتبرة أن «هناك فرصة لأن الحرب في أوكرانيا وتركيز الولايات المتحدة عليها من الممكن أن يدفعا إيران إلى الاعتقاد بأنها قادرة على استغلال هذا الوقت الفوضوي لتشجيع وكلائها على مهاجمة إسرائيل (...) هذا ينطوي على عواقب محتملة بالنسبة لنا». ويعني ذلك أن مبعث القلق الإسرائيلي يكمن في إمكانية أن يخلق الصراع في أوكرانيا وضعاً جديداً، يجبر تل أبيب على أن تواجه طهران وحدها.
في المحصّلة، تبدو إيران أمام حزمة خيارات ومسارات ربطاً بالأزمة الروسية - الأوكرانية. وهي وإنْ كانت تتعامل مع الوضع المستجدّ برويّة وتمهّل، إلّا أنها في خلفية المشهد لا يمكنها أن تخفي حماستها لدى مشاهدتها مسماراً جديداً يُغرز في جسد مَن شبَّت على اعتباره «الشيطان الأكبر»، وتنبّأ مرشدها الأعلى قبل مدّة بأن «عصر ما بعده (ما بعد أميركا) قد بدأ».