أعلن كبير الديبلوماسيين في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا، دانييل كريتنبرينك، أمس، أن الاجتماع بين الرئيسين، الصيني تشي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، في بكين، كان يمكن أن يشكّل فرصة للصين لتشجيع روسيا على تهدئة التوترات مع أوكرانيا، في وقت بات موقف بكين الداعم لروسيا، ولحقّها بالحصول على الضمانات الأمنية من الغرب واضحاً أكثر من أي وقت مضى.
وتابع كريتنبرينك للصحافيين، خلال الاجتماع الذي أدّى إلى إعلان الصين وروسيا عن شراكة استراتيجية عميقة، أن مثل هذا النهج هو ما يتوقعه العالم من «القوى المسؤولة».

وأضاف: «إذا غزت روسيا أوكرانيا، وتجاهلت الصين الأمر، فهذا يشير إلى أن الصين مستعدة للتغاضي عن محاولات روسيا لإكراه أوكرانيا أو دعم موسكو ضمناً، حتى عندما تُحرج تصرفاتها بكين وتضرّ بالأمن الأوروبي، وتخاطر بالسلام والاستقرار الاقتصادي العالمي».

يأتي هذا بعدما فتحت روسيا والصين، أمس، فصلاً جديداً وغير مسبوق في تاريخ تعاونهما، بتوقيعهما وثيقة مشتركة بدا واضحاً أنها مدفوعة بتصاعُد العداء المشترك للولايات المتحدة. تصاعدٌ لا يفتأ يدْفع بالبلدَين إلى تعزيز تقاربهما وتنسيق مواقفهما، وهو ما يَظهر جليّاً في تعاملهما مع الأزمة الأوكرانية، والتوسع الغربي.

وفي وثيقتهما، ندّد البلدان بالنفوذ الأميركي ودور «حلف شمال الأطلسي» وتحالف «أوكوس» الدفاعي في أوروبا وآسيا، وجدّدا معارضتهما «أيّ توسيع للحلف الأطلسي مستقبلاً». كما تعهّدا بالتصدّي لأيّ تدخُّل خارجي في شؤون دول ذات سيادة تحت أيّ ذريعة كانت، مكرّرَين رفضهما «الثورات الملوّنة»، ومعلنَين اعتزامهما تطوير التعاون في هذا الصدد.

وتتزامن هذه الوثيقة مع بلوغ التوترات بين كييف المدعومة من الغرب وموسكو مستويات غير مسبوقة. فبعد مرور نحو ثماني سنوات على إعادة روسيا ضمّ شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ودعمها لمقاتلين انفصاليّين في دونباس في شرق البلاد، أصبحت الجمهورية السوفياتية السابقة محوراً للصراع، في ما قد تكون أخطر مواجهة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.

وممّا فاقم التوتر أخيراً، اتهم حكومات غربية موسكو بحشد نحو 100 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا استعداداً لغزو محتمل، فيما تنفي موسكو هذه المزاعم، وتؤكّد أن تحرك قواتها يهدف إلى حمايتها من التوسع الغربي باتجاه حدودها.

وفي محاولة لحلّ النزاع بالأساليب السلمية، أصدرت وزارة الخارجية الروسية في 17 كانون الأول، مشروع اتفاقية حول ضمانات أمنية بين روسيا والولايات المتحدة ومشروع اتفاقية حول ضمان أمن روسيا والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، تشمل الحدّ من التوسّع الغربي باتجاه حدودها وعدم ضمّ أوكرانيا إلى الحلف والإبلاغ عن التدريبات الأمنية مسبقاً وغيرها، وجرت مفاوضات عدّة حول هذه المطالب في كييف، من دون التوصّل إلى نتيجة واضحة بعد، وسط تلويح غربي مستمر بفرض عقوبات قاسية على موسكو.