خصّصت الإدارة الحالية أربعة مليارات دولار لتقوية اقتصادات «المثلث الشمالي»
صحيح أن بايدن أصدر، فور أدائه اليمين الرئاسية، قراراً بوقْف بناء الجدار (الذي كان بدأ ترامب العمل عليه) على الحدود مع المكسيك، وأنهى فصل الأطفال غير الشرعيين (أو غير المسجَّلين رسمياً) عن ذويهم، كما وأمر بإلغاء ما عُرف بـ«بروتوكول MPP» (ابقَ في المكسيك)، الذي صدر خلال حقبة ترامب، وفرَض على طالبي اللجوء الموافقة على طلباتهم أو رفضها، على الجانب المكسيكي من الحدود، إلّا أن تلك الإجراءات سرعان ما انتكست لتعود الأمور إلى نقطة الصفر، إذ رفضت المحكمة العليا الأميركية، ذات الغالبية المُحافِظة، في آب 2021، محاولات إدارة بايدن تعليق «برنامج بروتوكولات حماية المهاجرين (MPP)»، والذي تسبّب بترحيل عشرات آلاف اللاجئين إلى المكسيك، حيث اضطرّوا للبقاء عدّة أشهر في ملاجئ طوارئ غير آمنة، سُجّلت فيها أكثر من 1544 جريمة. كذلك، ألزمت المحكمة الإدارة بالتفاوض مع المكسيك، التي كان رئيسها أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، اتّفق، منذ تنصيبه عام 2018، مع بلدان «المثلث الشمالي»، غواتيمالا والسلفادور وهندوراس، على وضع حدّ للهجرة. لكنّ هاريس كانت قد بعثت، في حزيران 2021، أي قبيل صدور قرار المحكمة، برسائل سلبية في شأن إمكانية إيجاد حلّ تفاوضي، إذ توجّهت إلى المهاجرين خلال جولتها في أميركا الجنوبية بالقول: «لا تأتوا... ستستمرّ الولايات المتحدة في تطبيق القوانين الحالية وتأمين حدودنا»، بعدما كانت التسهيلات التي أتاحتها إدارة بايدن، في بداية ولايته، دفعت كثيرين إلى سلوك طريق الشمال، حتى بلغ عدد مُحاوِلي عبور حدود المكسيك أكثر من 173 ألفاً في آذار الماضي، في زيادة بمرّتَين ونصف مرة عمّا سُجّل في الفترة نفسها من سنة 2020 (سجّل 2021 بمجمله ما يقرب من 1.7 مليون محاولة عبور، وهو أعلى رقم منذ عام 2000).
مع ذلك، وعد بايدن بدعم خطّة نظيره المكسيكي القاضية بتصدير البرامج الاجتماعية إلى بلدان «المثلث»، بهدف الحدّ من بطالة الشباب وتحديث المناطق الريفية، وبالتالي تشجيع المهاجرين على البقاء في بلدانهم. ولذا، خصّصت الإدارة الحالية أربعة مليارات دولار لتقوية اقتصادات «المثلث»، شرط التزام هذه الدول بمكافحة الفساد، كما كثّفت تعاونها مع الشركات الخاصة لرفع إجمالي استثماراتها في الدول المذكورة إلى أكثر من 1.2 مليار دولار، على أن تتركّز تلك الاستثمارات على دعم رواد الأعمال ومزارعي البن، وخلق وظائف تصنيع جديدة، إضافة إلى جعل الاقتصادات أكثر مرونة في مواجهة تغيُّر المُناخ، وإتاحة وصول الملايين إلى الاقتصاد الرقمي والإنترنت. وعلى رغم أهمية خطّة إدارة بايدن، إلّا أن مراقبين اعتبروا أن «نتائجها لن تكون فورية، وربّما لن تأتي على قدْر ما تأمله الإدارة»، مُذكّرين بأنه «منذ تسعينيات القرن الماضي، سعت الحكومات الأميركية المتعاقبة لإحراز هذا الهدف، ولم تحرز تقدّماً كبيراً».