بعد غد الخميس، سيكون قسَم اليمين للرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، ليبدأ مهامه مثقلاً منذ صدور نتائج الانتخابات، بحمل اقتصادي وسياسي ودبلوماسي لا يُحسد عليه. بخلافته لحسن روحاني، وعد رئيسي بإيجاد حلول سريعة لمشاكل البلاد التي تزدحم مشكلة تلو أخرى، وتتراكم معاً فوق كتفيه. لكنه، أعدّ حسب ما قال برنامجاً قصير الأمد وتم تحديد المشكلات وإيجاد الحلول، معتمداً على مقدرات البلاد، وليس منتظراً استعادة الاتفاق النووي.
لم يكن رئيسي وحده مثقلاً بالعقوبات الأميركية منذ عام 2019، بل مثله شخصيات وكيانات إيرانية. وعليه، لا يريد رئيسي أن يربط هذه العقوبات بـ«سفرة المواطن»، وأن يعلق «عمل الحكومة على ذلك».

فالمشاكل الحالية التي تعصف بالبلاد خطيرة؛ أبرزها وباء كورونا، الذي سجل حصيلة قياسية وصلت الى أكثر من 39 ألف شخص خلال الساعات الـ 24 ساعة الأخيرة، تليه أزمة مياه خوزستان.

يأمل الإيرانيون خيراً مع وصول رئيسي الى سدة الرئاسة، إذ إن قراراته لا يمكن أن تتسم بالصعوبة البيروقراطية، أو الصعوبة الإدارية ــــ السياسية، وخصوصاً بعدما صُبغت تركيبة السلطة الإيرانية باللون المحافظ. وهو ما شكا منه روحاني قبل يومين، إذ قال إن عقبة مجلس الشورى وقفت أمام المحادثات النووية، وتفعيل قراراته التي أراد تنفيذها حسب وجهته. توقع روحاني أن يبقى الحال على حاله إذا استمر المجلس في طريقة عمله السابقة. لا يبدو أن الأمور ستكون كذلك بسبب الانسجام بين مؤسسات الحكم. ولعلها الميزة الأبرز، حتى الآن، التي تصاحب رئيسي، في القرارات داخل البلاد وخارجها.

وكما أن ظروف البلاد تبدو معقدة، لا تبدو الأمور خارج الحدود أهون على أي طرف.

وقد وعد رئيسي بالعمل على رفع العقوبات، لكنه يرى وفريق سياسته الخارجية أن العملية برمتها ينبغي البدء بها من خلال رفع العقوبات بأكملها، وبعدها يبدأ العمل على العودة الى خطة العمل الشاملة المشتركة. ولعل أكبر برهان على النية الصادقة للعودة، والأهم هو السماح بتصدير النفط الخام دون قيود، بالإضافة الى تسلّم إيرادات التصدير واستخدامها مع الشركات الأجنبية الكبرى. هذا ما يتجه نحوه فريق العمل الجديد، مع العلم بأن الأمور تتعقد أكثر من السابق، وتتجه نحو حائط مسدود.

لم يكن الفيديو الذي نشره الموقع الرسمي للمرشد الأعلى علي الخامنئي، لأول مرة في حديثه مع الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، إلا دليلاً على أن الأمور في إيران تتجه نحو الانتهاء قريباً من الحديث عن منافع الاتفاق من عدمه.

يتحدث الفيديو عن أسباب إصرار الخامنئي على رفض التفاوض مع الولايات المتحدة. وذكَّر الفيديو بالأحاديث التي قالها الخامنئي في عدة مناسبات مختلفة، ومنذ أعوام عدة، أهمها في لقائه ورفسنجاني داخل اجتماع لمجلس الأمن القومي عام 2012. ووقتها فنَّد الخامنئي استدلالاته لرفض العلاقات مع أميركا.

ورأى الخامنئي أن إشكال التفاوض «يحرفك عن المسار الصحيح، ويأخذ منك المكاسب»، دون أن يحل مشكلات البلاد، وأن الأساس هو أنهم «ناكثو العهود».

وقال الخامنئي في وقت سابق: «يجب على الأميركيين رفع جميع العقوبات، ثم سنتحقق من ذلك وسنعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، وهذه سياسة ثابتة». طبعاً، لن يكون رئيسي بعيداً عن هذا التوجه في المرحلة المقبلة، وبالتأكيد سيعتمد وفريقه التفاوضي الذي لم يتغير أعضاؤه موقفاً حاداً في المحادثات النووية المقبلة.

أما المسألة الخارجية الأخرى، فهي المحيط الإقليمي لإيران والتطورات على الصعيد السياسي والعسكري، وخصوصاً في العراق وأفغانستان، ومياه الخليج. والأبرز التفاوض الإيجابي مع السعودية، بعد عدة جلسات حصلت في الفترة الأخيرة داخل بغداد.

وفي أول تصريح سعودي بعد تنصيب رئيسي اليوم، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في ندوة عبر الإنترنت لمنتدى «أسبن» الأمني: «نحن نؤيد بالتأكيد التوصل إلى اتفاق مع إيران، طالما أن الصفقة تضمن أن طهران لن تحصل الآن أو على الإطلاق على تكنولوجيا الأسلحة النووية، لذلك هذا هو التحدي. الأمر ليس أننا نعتقد بأن إيران يجب أن تكون منبوذة إلى الأبد. سنرحّب كثيراً بإيران كجزء منتج من المنطقة».

لكن ما كان لافتاً في مراسم التنصيب اليوم أن الحديث بالمجمل من قبل الخامنئي أو رئيسي كان حول الملفات الداخلية، وأبرزها الاقتصاد. وهو ما يدل على أن الأولوية لحكومة رئيسي، رغم التعقيدات الخارجية، هي العمل السريع على تحسين الأوضاع داخل البيت الإيراني.