للمرّة الثانية في غضون أسبوعين، أبعَدَ الجمهوريون أنفسهم عن الرئيس دونالد ترامب، مُعربين عن عدم ارتياحٍ إزاء فشله في التنصّل من إحدى المنظّمات اليمينية المتطرّفة المؤمنة بتفوّق العرق الأبيض، ومن أعمال العنف، خلال مناظرته الأولى مع منافسه الديموقراطي جو بايدن. وفق صحيفة «ذا نيويورك تايمز»، أثار ذلك «ارتجافاً» ضمن الحزب الجمهوري، خلال لحظة حرِجة من الحملة الانتخابية، إذ أعرب مشرّعون بارزون عن امتعاضهم من سلوك ترامب، وسط مخاوف متزايدة من أنه قد يضرّ بالحزب في يوم الانتخابات. يأتي ذلك بعدما نأت مجموعة من قادة الحزب بنفسها، أيضاً، عن ترامب، بسبب سلوك اعتبرت أنه «يتجاوز الحدود»، وهو عدم رغبته في التعهّد بانتقال سلمي للسلطة، في حال خسر الانتخابات. هذه المرّة، تمحور الجدل حول التطرّف العرقي، الذي تَمثّل في ردّ ترامب على مطالبة بايدن، خلال المناظرة التي أجريت الثلاثاء، برفض «براود بويز»، وهي منظّمة مرتبطة بالمؤمنين بتفوّق العرق الأبيض وأعمال العنف. يومها، أجاب ترامب بدعوته المجموعة إلى «التراجع والبقاء جاهزين»، في رسالة اعتبرها أعضاء المنظّمة دعماً افتراضياً لهم.
إجابةٌ فتحت على الرئيس الأميركي باب الانتقادات من كلّ حدب وصوب، وأبرزها ما أطلقه مسؤولون في الحزب الجمهوري، يُعتبرون مقرّبين منه. وتطرّق زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، إلى الأمر، قائلاً: «من غير المقبول عدم إدانة المتطرّفين البيض»، من دون أن ينتقد ترامب بالاسم، بينما قال السيناتور ليندسي غراهام إن على الرئيس أن «يوضح أن براود بويز هي منظّمة مناقضة للمُثُل الأميركية».
ردود الفعل العامة، وعلى مستوى الحزب الجمهوري خصوصاً، دفعت بالرئيس الأميركي إلى السعي لتهدئة الغضب، إذ دعا جماعة «براود بويز» إلى «التوقّف». وقال للصحافيين: «لا أعرف من هم براود بويز، لكن بغض النظر عمّن يكونون، عليهم أن يتوقفوا»، مضيفاً: «توقفوا واتركوا أجهزة تطبيق القانون تقوم بعملها».
إلّا أن ذلك لم يكن كافياً ليمنع بايدن من استغلال الفرصة والجوّ المشحون ليواصل توجيه الانتقادات اللاذعة إلى خصمه الجمهوري. وفي آلاينس في ولاية أوهايو، اعتبر نائب الرئيس السابق أن «سلوك رئيس الولايات المتحدة عارٌ وطني». وهاجم، بشدة، إحجام ترامب عن إدانة دعاة نظرية تفوّق العرق الأبيض، قائلاً: «رسالتي إلى براود بويز، وكلّ جماعة تنادي بتفوّق العرق الأبيض، هي: توقّفوا وكفى»، مضيفاً: «هذا منافٍ لمبادئنا كأميركيين». كذلك، حمل بايدن، خلال توقّف قطار حملته الانتخابية في بيتسبرغ، على ترامب، منتقداً «زرعه بذور الشك» إزاء مصداقية الانتخابات الأميركية بقوله إن الاقتراع البريدي ستشوبه عمليات «تزوير لم ترَوا مثيلاً لها من قبل». وطيلة نهار الأربعاء، لم يتوقّف بايدن عن التطرّق إلى مسألة تفوّق البيض، إذ لفت، خلال توقّف في غرينسبرغ في بنسلفانيا، إلى استخدام جماعة «براود بويز» كلمات ترامب للترويج لقضيّتهم، مشيراً إلى أن «لديهم شعاراً جديداً الآن، حرفياً يقول تراجعوا واستعدوا، أي إنّه في حال خسر (ترامب) الانتخابات، ربما يتعيّن القيام بشيء ما». وتابع: «أعدكم بأن هذا لن يحدث»، مشدّداً على أن «لا أحد سيقف في طريق عمليّتنا الديموقراطية».
رفضُ ترامب إدانة المتعصّبين للعرق الأبيض، إضافة إلى ما شاب المناظرة من صراخ واتّهامات وسخرية وفوضى، دفع باللجنة المشرفة على المناظرات الرئاسية إلى الإعلان أنها ستُجري تغييرات على شكل المناظرتَين المتبقيتَين لهذا العام، بما في ذلك، على الأرجح، اتخاذ القرار بإغلاق ميكروفون المرشّح، بهدف مساعدة مديري الندوات في «الحفاظ على النظام».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا