شهدت مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا الأميركية، أعمال عنف واشتباكات بين مئات الأميركيين ورجال الشرطة، خلال تظاهرة احتجاجاً على وفاة رجل من أصول أفريقية أثناء توقيفه، ما أشعل موجة غضب ضد رجال الشرطة. وسار مئات المتظاهرين نحو مركز الدائرة الثالثة التابع لشرطة مينيابوليس، للتنديد بوفاة جورج فلويد، الذي أثارت وفاته موجة غضب حيث أظهر فيديو مسجّل، تمّ تداوله على نطاق واسع، فلويد وهو يستغيث مردّداً «لا أستطيع التنفّس»، بينما يضغط شرطي أبيض بقدمه على ظهره وعُنُقه في محاولة لتثبيته على الأرض، من دون أن يستجيب لنداءات المارّة الذين طلبوا منه التوقّف عن الضغط بركبته على عنق فلويد. ويُسمع فلويد يتوسّل مردّداً «ركبتك على عنقي... لا يمكنني التنفس... أمّي... أمّي». ويصمت فلويد شيئاً فشيئاً ويتوقّف عن الحراك، فيما الضبّاط يواصلون تحدّيه قائلين: «انهض واصعد في السيارة»، فيما لا يزال أحدهم يثبّته أرضاً بركبته.وفاة جورج فلويد أعادت إلى الأذهان حادثة وفاة إيريك غارنر اختناقاً في عام 2014 بعد توقيفه. حينها، ردّد غارنر، الذي كان يبلغ من العمر 43 عاماً، مرّات عدّة «لا أستطيع التنفّس»، بعد اعتقاله بطريقة عنيفة من قبل رجال الشرطة للاشتباه في بيع سجائر بشكل غير قانوني، قبل وفاته اختناقاً أثناء اعتقاله. وأدّى مقتله إلى قيام حركة «بلاك لايفز ماتر» أو «حياة السود تهمّ».
رئيس شرطة مينيابوليس ميداريا أرادوندو، عقّب على مقتل جورج فلويد، موضحاً أنه أحال القضية إلى مكتب التحقيقات الفدرالي للتحقيق فيها، الأمر الذي يمكن أن يحوّلها إلى قضية انتهاك حقوق فدرالية. كذلك، أعلن الاتحاد الأميركي للحرّيات المدنية أن قضية مينيابوليس تظهر أن الشرطة لا تزال تسيء معاملة السود المتّهمين بقضايا غير خطيرة. وقال خبير مسائل الشرطة في رابطة الحقوق المدنية بايج فرنانديز، إنّ «هذا الفيديو المأسوي يُظهر كم أن التغيير الذي حصل لمنع الشرطة من قتل السود يبقى ضئيلاً». وأضاف: «حتى في أماكن مثل مينيابوليس، حيث القبض على العنق محظور عملياً، تستهدف الشرطة السود لجرائم غير خطيرة ويتعرّض هؤلاء لعنف غير منطقي وغير ضروري».
أحال رئيس الشرطة القضية إلى مكتب التحقيقات الفدرالي


من جهته، صرّح محامي الحقوق المدنية بن كرومب، بأنّ الشرطة أوقفت فلويد بسبب اتهام بالتزوير، وهي تهمة غالباً ما تستخدم لإصدار صكوك من دون رصيد أو استخدام أوراق نقدية مزيّفة لعمليات الشراء. وقال إن «هذا الاستخدام المسيء والمفرط واللاإنساني للقوة كلّف حياة رجل كان بإمكان الشرطة احتجازه لاستجوابه من دون عنف».
في الأثناء، تصاعدت دعوات لاعتقال عناصر الدورية بتهم القتل. وقالت نيكيما ليفي أرمسترونغ، وهي محامية أميركية من أصول أفريقية في مينابوليس: «هذا شرّ خالص»، مضيفة: «هؤلاء الضبّاط بحاجة إلى توجيه الاتهام إليهم وإدانتهم بالقتل». كذلك، لم يتردّد المتظاهرون الغاضبون في رشق مركز الشرطة بالحجارة، اعتقاداً منهم بأنّ عناصر دورية الشرطة المتورّطين في وفاة فلويد يعملون هناك. إلّا أنّ إدارة الشرطة في مينيسوتا، أعلنت أنها أقالت 4 من أفرادها بعد وفاة رجل أسود أثناء القبض عليه. كذلك، أكّد عمدة مينيابوليس جاكوب فراي، «إنهاء» خدمة أربعة من أفراد الشرطة متورّطين في الحادث، مضيفاً إنّ «هذا هو الرد الصحيح».
لم يكن هذا الحادث الوحيد الذي ضجّت به وسائل الإعلام الأميركية، في اليومين الماضيين، والذي يدخل ضمن خانة التمييز العنصري ضد السود، فقد وقع في وقت انتشر فيه فيديو يُظهر امرأة بيضاء تستدعي الشرطة ضد رجل أسود يراقب الطيور في متنزّه سنترال بارك في نيويورك. وطُردت المرأة لاحقاً من عملها، بعدما أثار سلوكها تنديداً واتهامات بالعنصرية. كذلك، يأتي عقب حادثين قتل فيهما أسودان بأيدي الشرطة. ففي 13 آذار/ مارس، اقتحم ثلاثة شرطيين منزل امرأة سوداء تدعى بريونا تايلور في مدينة لويسفيل في ولاية كنتاكي، وأطلقوا النار عليها في سياق تحقيق في قضية مخدّرات. وفي برونسويك في ولاية جورجيا، اتّهمت الشرطة والنيابة العامّة بالتغطية على قتل الشاب الأسود أحمد أربيري، فيما كان يمارس رياضة الجري، حين أطلق عليه النار مفتّش متقاعد كان يعمل لحساب النيابة العامة المحلّية. ويُعتقد بأنّ الشرطة احتجزت لشهرين فيديو يوثّق الجريمة، يظهر فيه أحمد أربيري (25 عاماً) يحاول الالتفاف على بيك آب متوقّف في طريقه، غير أنّ رجلاً يعترضه، فيما تسمع ثلاث طلقات نارية.
(الأخبار، أ ف ب)