بعد موجةِ احتجاجاتٍ كبيرة وعنيفة شهدتها فرنسا في الأيّام والأسابيع الماضية، ضدّ سياسات الحكومة الضريبية، خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، ليعبّر عن «تفهّمه» لمعاناة المحتجّين. وتراجع ماكرون عن موقفه الثابت بشأن الضرائب، مقترحاً مراجعة الضرائب على الديزل والبنزين كل ثلاثة أشهر، للأخذ في الاعتبار حركة الأسعار العالمية، في مسعى منه لنزع فتيل احتجاجات «السترات الصفراء».في الوقت نفسه، أعلن ماكرون، اليوم، عن برنامج لإغلاق مفاعلات نووية في إطار سياسته المتصلة بالتحوّل البيئي، وذلك في خطابٍ دام ساعةً، تحدّث فيه بشأن سياسة الطاقة أمام المشرّعين في قصر الإليزيه.

تفهّم لـ«المعاناة»!
تنازلٌ بسيط عبّر عنه ماكرون في خطابه الذي سيطرت عليه الاحتجاجات، بإعلانه عن «تفهّمه» لمعاناة المحتجّين على ضريبة الوقود، وما تعانيه الأسر الفرنسية التي تشعر بأنها تتحمّل وزر زيادة الضرائب على الوقود هذه السنة.
وأعلن ماكرون أنّه سيقترح آلية لتصحيح الزيادة الضريبية عندما تُفرض، في الوقت نفسه، مع ارتفاع أسعار النفط على المستوى العالمي، مثلما حدث في هذا العام.
وكرّر ماكرون، مرّات عديدة، أنّه فهم الغضب الذي عبّر عنه مئات الآلاف من الناس بصورة عفويّة عبر النزول إلى الشوارع مرتدين السترات الصفراء التي يحتفظ بها السائقون في سياراتهم ليتسنّى رؤيتهم على الطريق في حال تعرضوا لحادث أو عطل. وأقرّ بأنّ العديد من الفرنسيين شعروا بأنّ الضرائب «فرضت عليهم من فوق»، واعداً بتسريع عمل الحكومة لتخفيف العبء عن الأسر العاملة وخفض الإنفاق العام.
وبسبب اتهامه من قبل المحتجين بأنّه صاحب مواقف «نخبوية»، قال ماكرون إنه خَبِر «مثل العديد من الفرنسيين، الصعوبات التي يواجهها الناس الذين يضطرون إلى القيادة لمسافات طويلة ولديهم مشكلات في تغطية مصاريفهم في نهاية الشهر. أنا واثق تماماً بأنّنا نستطيع تحويل هذا الغضب إلى حلّ».

إغلاق 14 مفاعلاً نووياً
خطاب ماكرون جاء للإعلان عن سياسة الطاقة، ولذلك دعا إلى حوار وطني على امتداد ثلاثة أشهر، بهدف وضع خريطة طريق لتسريع مسيرة التحوّل بعيداً عن استخدام الوقود الأحفوري، والتي قال إنّها لا تزال هدفه. واعتبر أنّ المسار المتّبع في هذا الشأن، هو المسار «الصحيح والضروري» ويجب عدم «تغييره».
من جهةٍ ثانية، أعلن ماكرون، خلال عرضه خطوط سياسة الطاقة للسنوات العشر المقبلة، وفي صلبها مستقبل الطاقة النووية، أنّ فرنسا ستغلق 14 مفاعلاً نووياً من أصل 58 مفاعلاً تعمل حالياً بحلول عام 2035، على أن يتمّ إغلاق ما بين أربعة وستة مفاعلات بحلول عام 2030.
وتشمل الخطة ما أُعلن سابقاً عن إغلاق اثنين من أقدم مفاعلات فرنسا في فيسينهيم، شرق البلاد. وقال ماكرون إنّ إغلاقهما تقرّر في صيف 2020. وأضاف أنّ فرنسا ستغلق، بحلول عام 2020، محطاتها الأربع المتبقية لإنتاج الكهرباء من الفحم، في إطار جهود مكافحة التلوّث.
وتعتمد فرنسا على الطاقة النووية في إنتاج حوالى 72 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء، وتريد الحكومة خفض هذه النسبة إلى 50 في المئة بحلول عام 2030 أو 2035 من خلال تطوير المزيد من مصادر الطاقة المتجددة.