يبدو أن انعقاد قمة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بحلول نهاية الشهر الجاري، للتوصل الى اتفاق حول «بريكست» لا يزال غير مؤكد، في ظلّ غياب حل لتفادي الحدود بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية، قبل أقل من خمسة أشهر على خروج لندن المقرر من الاتحاد. فأمس، أعلن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي حول «بريكست» ميشال بارنييه، لوزراء الدول الـ27 المكلفين الشؤون الأوروبية، المجتمعين في بروكسل، أنه «لم يجرِ التوصل بعد إلى اتفاق رغم جهود مكثفة تبذل بهذا الشأن». فيما قال مجلس الاتحاد في بيان إن «بارنييه أوضح أن جهود تفاوض مكثفة لا تزال متواصلة، غير أنه لم يجرِ التوصل إلى اتفاق بعد»، بعدما سرت تكهنات كثيرة منذ أيام عن فرص للتوصل إلى اتفاق سريعاً. وتابع البيان المقتضب الذي صدر في ختام الاجتماع، أن «بعض المسائل الأساسية لا تزال موضع نقاش وفي طليعتها تسوية تحول دون قيام حدود فعلية بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية».وفيما لا تزال أزمة الحدود الإيرلندية قائمة، يتوقع الأوروبيون مقترحاً جديداً واضحاً من لندن. وهنا، يأتي الدور على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي يجب عليها إيجاد تسوية مدعومة من وزرائها، ويجب أيضاً التصويت عليها في البرلمان. في حين أن الانقسامات لا تزال قائمة حتى الآن، خاصة بعد الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق بشأن «بريكست» الذي أطلق موجة جديدة من المعارضة الداخلية لخطط ماي. يُذكر أن المفاوضات للتوصل إلى اتفاق «الطلاق» تعقدت بسبب الحاجة إلى إرضاء المتشددين في «حزب المحافظين» بزعامة ماي وحلفائها في إيرلندا الشمالية المتحفزين لأي مؤشر على أي تسوية.
يتوقع الأوروبيون مقترحاً جديداً واضحاً من لندن


وأمس، انتقد وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، المؤيد لـ«بريسكت»، مجدداً تيريزا ماي بشدة في صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية، إذ اتهمها بأنها «على شفير الاستسلام التام»، داعياً وزراءها إلى «العصيان». وفي وقتٍ سابق، استقال شقيقه جو جونسون، وهو من مؤيدي البقاء في الاتحاد، من منصبه كوزير دولة لشؤون النقل، احتجاجاً على الاتفاق الذي يجري التفاوض بشأنه، واصفاً إياه بـ«الخطأ الكبير». ودعا إلى استفتاء جديد حول «بريكست»، وهو أمر تستبعده ماي. وبذلك، يكون جونسون قد انضم إلى العديد من المحافظين الآخرين الذين يرغبون في البقاء في الاتحاد الأوروبي في دعوة زملائهم النواب إلى التصويت ضد الخطة. كذلك ذكرت صحيفة «صنداي تايمز»، أول من أمس، أن أربعة وزراء بريطانيين من المؤيدين للبقاء في الاتحاد على وشك الاستقالة من الحكومة.
بالعودة إلى الاجتماع، قال المتحدث باسم ماي للصحافيين إن «المفاوضات مستمرّة»، مضيفاً: «نود إحراز تقدم في أسرع وقت ممكن للتوصل إلى اتفاق في الخريف». فيما ذكر مصدر حكومي بريطاني أن المباحثات يجب أن تصل إلى نتيجة بحلول الأربعاء لعقد قمة خلال الشهر الحالي حول الاتفاق النهائي لـ«بريكست».
كل هذه المؤشرات إذا ما دلت على شيء، فإنها تدل على «مرحلة حاسمة» يعيشها بريكست، المقرر في 29 آذار/ مارس من العام القادم. وكان الاتحاد يأمل التصديق على اتفاق خلال قمة مقررة في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، لكنه رأى في غياب أي تقدم في الملف الإيرلندي، أن الأمر بحاجة إلى مزيد من الوقت. إلا أن بروكسل ولندن بحاجة إلى مهلة قبل استحقاق الخروج، ليتسنى للبرلمانين البريطاني والأوروبي التصديق على اتفاق الانفصال. وقال وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفني، في بيان إن «المفاوضات في مرحلة حاسمة جداً وحساسة. من الضروري التفكير بوضوح مع أهداف للتوصل إلى اتفاق مرض». وفيما لم يدلِ بارنييه بتصريحات صحافية قبل الاجتماع، التقى بكوفني على انفراد. من جهتها، قالت الوزيرة الفرنسية ناتالي لوازو، لدى وصولها إلى الاجتماع: «إننا مصممون على التوصل إلى اتفاق واتفاق جيد، نعتقد أن الأمر ممكن»، مضيفة: «لم يعد هناك متسع من الوقت». بدوره، قال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز، إنه «ليس هناك مؤشرات إيجابية على المقترحات حول إيرلندا»، مشيراً إلى أنه يعتقد «أن ذلك سيحصل في الأسابيع المقبلة».
يُذكر أن أحد الخيارات سيكون إبقاء بريطانيا في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، لكن ذلك يعني بحث الاتحاد لهذه التفاصيل. ويرى المحللون لدى «يوريجيا غروب» أنه في غياب تقدم بحلول الأربعاء «ستضطر ماي إلى الانتظار حتى قمة مقررة أصلاً في 13 و14 كانون الأول/ديسمبر للحصول على موافقة الاتحاد على اتفاق».