ما زالت تداعيات أزمة المهاجرين وتظاهرات اليمين المتطرف التي أجريت خلال الشهر الماضي احتجاجاً عليها، تثير الانقسام والبلبلة داخل أجهزة المؤسسات الألمانية، مع إقالة رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني، هانس غيورغ ماسن، المتهم بالتواطؤ مع اليمين المتطرف، اليوم، لإنقاذ التحالف الحكومي برئاسة أنجيلا ميركل. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي الالماني أن رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية أقيل من منصبه، وذلك في بيان صدر بعد اجتماع بين المستشارة وحلفائها في الحكومة، أكد إقالة ماسن وتعيينه في منصب سكرتير دولة في وزارة الداخلية. كانت صحيفة «دي فيلت» الألمانية قد أكدت، أمس، أن ميركل اتخذت قرار إقالة ماسن، لكنها معلومات لم يؤكدها مصدر رسمي. بدورها، لم تنفِ المستشارة الألمانية، أمس، النية بإقالة ماسن، مع رفضها إضافة أي تعليق بخصوص ما نشرته «دي فيلت»، مشدّدةً على أن ما قالته، الأسبوع الماضي، «يظلّ سارياً». وكانت ميركل قالت، نهاية الأسبوع الماضي، إن الائتلاف الحاكم لن ينهار بسبب مستقبل هانس جورج ماسن.

لا ثقة في أجهزة الأمن
واجه ماسن (55 سنة) صعوبات منذ السابع من أيلول/ سبتمبر، والسبب نفيه وجود عمليات «مطاردة جماعية» لأجانب، مع أن ميركل دانتها بعد التظاهرات المعادية للمهاجرين في مدينة كيمنتس (شرق) بدعوة من اليمين المتطرف. أكّد ماسن أيضاً أن تسجيل فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الشأن، ليس صحيحاً، بينما كان التسجيل حقيقياً.
إضافة إلى ذلك، انتقد ماسن بسبب علاقاته المفترضة الوثيقة جداً مع الحزب اليميني القومي، «البديل من أجل ألمانيا»، الذي دخل بقوة في 2017 إلى مجلس النواب، مستفيداً من المخاوف التي أثارها وصول أكثر من مليون طالب لجوء منذ عام 2015.
تتهمه الصحف بأنه نقل إلى الحركة معلومات سرية، لكنه نفى ذلك رسمياً، فيما اعترف بأنه التقى أعضاءً في الحزب كما يفعل باستمرار، لكن مع عدد من الشخصيات السياسية.
الداعم الوحيد لماسن هو وزير الداخلية، هورست سيهوفر، المنتقد الأبرز لسياسة الهجرة التي تتبعها ميركل، واعتبرت وسائل إعلام ألمانية أن سيهوفر نفسه يواجه الإقالة في وقتٍ قريب.
أما المنتقد الأبرز لرئيس جهاز الاستخبارات، فهو «الحزب الاشتراكي الديموقراطي»، الذي يطالب بطرده، مع تأكيد الأمين العام للحزب، لارس كلينغبايل، أن حزبه «مصمم على ذلك». من جهتها، شدّدت زعيمة الحزب الاشتراكي، أندريا ناليس، على أنه «على ميركل توضيح وضع الحكومة/ ماسن يجب أن يرحل وأقول لكم إنه سيرحل».
بالنسبة للاشتراكيين، فقد قوّضت تصرفات ماسن الثقة بأجهزة الأمن لتدخله في الجدل السياسي الداخلي. وبالفعل، فقد كشف استطلاع للرأي أجراه معهد «سيفي»، أخيراً، أن أكثر من ألماني واحد من كل اثنين أي 58 في المئة، لا يثق بأجهزة الاستخبارات لضمان أمن البلاد. وبمعزل عن قضية اليمين المتطرف، واجه جهاز الاستخبارات الداخلية انتقادات بسبب إخفاقه في مراقبة إرهابيين في البلاد.

ميركل «تتبخّر»
تشكّل قضية ماسن تجسيداً جديداً للضعف السياسي المتزايد لميركل، بينما يبدو أن ولايتها على رأس الحكومة ستكون الأخيرة، فيما واجهت صعوبات جمّة في تشكيل تحالفها. منذ تشكيل الائتلاف، تبدو ميركل مشتتة باستمرار بين «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» الذي دخل الحكومة بعد تردّد، وحليفها «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» الذي لا يكف عن الاحتجاج على سياستها للهجرة. ويتطلّع الحزب البافاري حالياً إلى انتخابات المقاطعات في 14 تشرين الأول/ أكتوبر حيث يمكن أن يخسر غالبيته المطلقة أمام «حزب البديل من أجل ألمانيا».
في مواجهة الشلل في العمل الحكومي، ذهبت صحيفة «هاندلسبلات»، أمس، إلى حدّ الدعوة إلى «انتخابات جديدة» لوضع حد للجمود، فيما رأت مجلة «دير شبيغل» أن سلطة ميركل التي تحكم البلاد منذ 2005 «تتبخر تدريجاً».


الإفراج عن عراقي متهم بالقتل
أكد المحامي المكلف بالدفاع عن طالب لجوء عراقي ألقي القبض عليه، الشهر الماضي، في واقعة طعن أفضت إلى الموت في ألمانيا، أن المحكمة قررت إخلاء سبيل موكله بعد جلسة انعقدت اليوم. وكتب المحامي أولريخ دوست-روكسين على موقعه الإلكتروني: «قرار اليوم بإلغاء أمر الاعتقال كان من المفترض أن يصدر منذ فترة طويلة. موكلي يوسف إيه Youssef E اضطر لأن يبقى أكثر من ثلاثة أسابيع في الحبس الاحتياطي من دون أي دليل مادي». في المقابل، قالت ممثلة للادعاء إن مشتبهاً به آخر سوري الجنسية لا يزال محتجزاً وإن مشتبهاً به ثالثاً لا يزال طليقاً.
كانت الواقعة التي سقط فيها ألماني من أصل كوبي قتيلاً قد أطلقت العنان لاحتجاجات شابها العنف من جانب متطرفين يمينيين.
حينها، تمّ إعلان اسمي العراقي والسوري على أنهما المشتبه بهما الرئيسيان في واقعة القتل التي أثارت احتجاجات عنيفة وفجرت فضيحة تركزت على رئيس جهاز الأمن الداخلي.