يأتي هذا التغيير، في ظلّ الجهود الدبلوماسية الجارية بعد قمة سنغافورة التي جمعت زعيمي كوريا الشمالية والولايات المتحدة، في حزيران/ يونيو الماضي. وقد جرى هذا العام التركيز على قضية الوحدة بين الكوريتين، فيما عنونت صحيفة الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية عددها الصادر اليوم بـ«الوحدة هي الطريق الوحيد لنجاة الكوريين».
لا صواريخ باليستية
كانت البالونات الملونة والزهور، السمة الأساسية للعرض العسكري هذا العام. أعداد كبيرة من المتفرجين تابعت العرض العسكري الذي ركز على السلام والتنمية الاقتصادية ومرّ فيه عشرات الآلاف من الجنود، إضافة إلى طوابير من الدبابات أمام المنصة لتحية الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وعلى عكس السنوات السابقة، لم تظهر في العرض صواريخ عابرة للقارات ولم تجرِ اختبارات نووية لمناسبة هذا اليوم، مثلما حدث في السنتين الأخيرتين.
تخلّت بيونغ يانغ عن هذا التقليد هذا العام، في تأكيد للهدف الذي أعلنه كيم بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية واجتماعاته التي عقدها في الآونة الأخيرة مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، واجتماعاته مع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ.
وتحتفل كوريا الشمالية، في التاسع من أيلول/سبتمبر، بتأسيس جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية عام 1948. الدولة الشيوعية ولدت من تقسيم شبه الجزيرة باتفاق بين واشنطن وموسكو، في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
هذا العام، وجهت دعوات إلى عدد كبير من دول العالم، لكن وحده الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قبل الدعوة، كما جلس في المنصة الرئيسية أيضاً الممثل الفرنسي جيرار دوبارديو.
كذلك، وجهت كوريا الشمالية الدعوة لمجموعة كبيرة من الصحافيين الأجانب لتغطية العرض العسكري وأحداث أخرى بالمناسبة، بينها ألعاب جماعية تنظمها بيونغ يانغ للمرة الأولى منذ خمس سنوات، ويشارك فيها ما يصل إلى مئة ألف متسابق.
وكان كيم قد زار في وقت سابق اليوم ضريح جده ووالده.
تقليل «الطبيعة العسكرية»
لم يظهر أي من صواريخ «هواسونغ 14 و15»، التي يمكن أن تبلغ أراضي الولايات المتحدة وأدى اختبارهما العام الماضي إلى تغيير المعطيات الاستراتيجية.
وقال مدير مجموعة «كوريا ريسك غروب»، تشاد اوكارول، إن الوضع يوحي «بأن الكوريين الشماليين حاولوا فعلاً تقليل الطبيعة العسكرية للحدث».
وأضاف «ليس هناك صواريخ عابرة للقارات بعيدة المدى ولا متوسطة المدى التي لم يكن وجودها سيشكل نبأ ساراً في هذه الأجواء التي تفرض التزام كوريا الشمالية نزع الأسلحة النووية في نهاية المطاف». وقال: «أعتقد بأن ذلك سيلقى ترحيباً».
أما موضوع احتفالات العام الحالي، فكان «توحيد شبه الجزيرة الكورية» المقسمة منذ الحرب الكورية 1950-1953. ولتجسيد ذلك مرت عربات تحمل عدداً كبيراً من الكوريين الشماليين وهم يلوحون بأعلام كوريا الموحدة.
وقال مقال افتتاحي في صحيفة «رودونغ سينمون» الناطقة باسم الحزب الحاكم في كوريا الشمالية: «على جميع الكوريين التعاون لتحقيق الوحدة لجيلنا. الوحدة هي الطريق الوحيد لنجاة الكوريين».
ومن المقرر أن يتلقي زعيما الكوريتين في بيونغ يانغ في الفترة من 18 وحتى 20 أيلول/ سبتمبر للمرة الثالثة هذا العام، لبحث «إجراءات عملية تجاه نزع السلاح النووي».
بروز «الصداقة» مع الصين هذا العام
حرص الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، على التركيز على صداقته مع الصين برفعه يد موفد الرئيس شي جينبينغ لتحية الحشد بعد العرض العسكري.
ومعروف أن الصين هي الشريك التجاري والحليف الرئيسي لكوريا الشمالية. وبعد سنوات من الفتور بسبب التجارب البالستية والنووية لكوريا الشمالية، تحسنت العلاقات بشكل كبير هذه السنة ما سمح لكيم بلقاء الرئيس الصيني ثلاث مرات في الصين.
مدير مجموعة «كوريا ريسك غروب»، تشاد اوكارول، قال إن بيونغ يانغ تسعى إلى إبراز علاقتها مع بكين على ما يبدو، مضيفاً أن «لهذا الأمر انعكاسات على المفاوضات بين واشنطن وبيونغ يانع بالتأكيد لأن الصين تبقى طرفاً فاعلاً مهماً جداً، ووجودها هنا بوفد على هذا المستوى الرفيع يهدف إلى تذكير الولايات المتحدة بذلك».