في مقابلة أجرتها صحيفة «إيران ديلي» مع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، كشف الأخير عن أن بلاده «بصدد ترميم العلاقات مع السعودية والإمارات والبحرين»، مبيناً أنّ طهران «ترغب بأمن المنطقة واستقرارها؛ حيث تُرجم ذلك في قبولها للقرار 598 ومواجهتها لتنظيم داعش وللتطرف في المنطقة، ومبادرتها لتشكيل مجمع للحوار الإقليمي».ظريف كرّر كلام الرئيس حسن روحاني، مؤكداً أنّ بلاده «رحبت دوماً بالحوار (مع الدول الخليجية)، إلا أن الأميركيين طرحوا مزاعم لا أساس لها، وادعوا أنهم يريدون إيصال الصادرات النفطية الإيرانية إلى الصفر، وهو زعم لا يمكن تنفيذه، فالدول التي تتفاوض أميركا معها حالياً، أعلنت أنها ستواصل شراء النفط الإيراني». وتابع: «إذا ما أرادت واشنطن أن تنفّذ هذا الأمر فعليها أن تعلم تبعاته وعواقبه، لأنها (الإدارة الأميركية) لا يمكنها أن تتصور أن لا تصدر إيران نفطها، بينما يتمكن الآخرون من ذلك... وبالطبع فإن وقوع هذا الأمر مستبعد للغاية وتقريباً غير ممكن، ونحن متيقّنون أن الجيران، ومنتجي النفط، والدول التي يرتبط أمنها الاقتصادي بأمن النفط، ستمنع من وقوع هذه الظروف الحادة».

وساطة عُمانية ـــ سويسرية؟
بشأن اقتراح مسؤولين أميركيين، بينهم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التفاوض مع إيران دون شروط مسبقة، بيّن ظريف أنّ «المشكلة ليست في التفاوض»، إذ «أجرينا حتى الآن الكثير من المحادثات والتفاوض مع أميركا، وطبعاً بإذن من كبار المسؤولين في البلاد». ولكن «المشكلة تكمن في نتيجة التفاوض مع أميركا، ومدى الثقة الموجودة؟». وقال «على أية حال، لا يوجد أي طرف يرغب في الدخول في عملية متلفة للوقت ومثيرة للتوتر وعديمة الجدوى... بحسب معلوماتي، لا يوجد حوار بين طهران وواشنطن».
وكشف أن سلطنة عمان وسويسرا طرحتا على إيران عرضاً للوساطة يرتبط بالحوار مع الولايات المتحدة، معتبراً أن «طرح الوساطة أمر طبيعي، فالسفارة السويسرية في إيران تمثل المصالح الأميركية، وقد تباحثت مع المعنيين في البلاد طيلة الأعوام التسعة والثلاثين الماضية، وما زالت تفعل ذلك». أمّا بعض الأطراف الإقليمية، خصوصاً سلطنة عمان، فهي «لا تريد استمرار الوضع الراهن، وتحاول القيام بخطوات لمنع تصاعد حدة الأزمة».
واعتبر ظريف أن واشنطن التي انسحبت من الاتفاق النووي لم تعد محل ثقة المجتمع الدولي، مؤكداً أن «طهران من طرفها لا ترفض الحوار ولا التفاوض بشكله العام، لكنه على الأقل يجب أن يتمتع بشروط ومواصفات».

الأوروبيون يساندون إيران؟
رداً على سؤال ما إذا كانت المفاوضات بين إيران ومجموعة (4+1) بشأن الحزمة المقترحة وصلت إلى نتيجة محدّدة؟ قال ظريف إنّ «حزمة المقترحات الأوروبية لها خطوط عامة محددة، وقد تم الإعلان عن رؤوسها، بما فيها أن يكون هنالك مسار مصرفي لتبادل إيران المالي وأن تستمر الصادرات النفطية الإيرانية... إنّ الحظر المرتبط بهذه المواضيع سيدخل حيز التنفيذ في شهر تشرين الثاني».
وأشار إلى اتخاد «إجراءات أخرى في إطار الحفاظ على الاتفاق النووي، تشمل تفعيل الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمشاورات لإحياء قانون منع تنفيذ الحظر، وإصدار الترخيص لمصرف الاستثمار الأوروبي»، موضحاً أن «الأوروبيين لا يكتفون بجهودهم داخل الاتحاد الأوروبي، بل إنهم يقومون بجهود واسعة خارج الاتحاد للحفاظ على الاتفاق النووي».
وكشف ظريف عن أن «الأوروبيين أجروا محادثات منفصلة مع عدد من الدول لتزيد شراءها من النفط الإيراني، ودعوا دولاً أخرى إلى شراء النفط من إيران، وكذلك دعوا الدول إلى الاستفادة من نموذج مشابه لتفعيل حسابات المصرف المركزي الإيراني في المصارف المركزية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والذي يعمل عليه الاتحاد حالياً». وأوضح أنه «نتيجة هذه الإجراءات تمثّلت في عزلة أميركا».
ورغم أن إجراءات الأوروبيين «لم تكن على قدر توقّعاتنا»، إلا أنها، بحسب ظريف، «تسير في الاتجاه الصحيح، وللإنصاف فإنهم كانوا ملتزمين بإطار الاتفاق النووي، وأعلنوا تعهداتهم السياسية، ويتابعونها في الوقت الحاضر، إلا أن لدينا توقعات أكثر من أجل تطبيق وتفعيل هذه الالتزامات».


الدرس النووي... والخيار العسكري
رأى وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، أنّ «الحوار النووي الذي استمر 12 عاماً، وأسفر عن اتفاق صكته الأمم المتحدة، أعقبه انتهاك تاريخي من قبل الشيطان الأكبر... هذا يجب أن يكون درساً وعبرة ليفهم الجميع حجم العداء الأميركي للإيرانيين».
حاتمي أضاف في تصريحات نقلتها مواقع إيرانية، أن «أعداء إيران يحاولون قض مضجعها من جهة الحدود، ومن خلال إثارة بلبلة في دول جارة، إلى جانب شن حرب اقتصادية تستهدف الجمهورية الإسلامية»، مشيراً إلى أن هذا يوضح نوايا الأطراف التي سخّرت كل إمكاناتها لتستهدف النظام الإسلامي بوسائل سياسية واقتصادية وثقافية ونفسية».
أما المتحدث باسم «الحرس الثوري»، رمضان شريف، فشدّد على أن «أي تهديد عسكري قد تواجهه إيران سيقابله رد صعب». وقال إن بلاده «ستحول التهديدات والحصار الذي تتعرض له إلى فرص، وستكون قادرة على تجاوز الوضع الراهن»، مؤكداً أن الحرب الإعلامية التي تستهدف إيران «تترافق وأخرى اقتصادية تستهدفها من الداخل». وأشار إلى أن التصعيد الإسرائيلي ضد طهران «ناتج عن ضعف لا قوة... إسرائيل تتحرك نحو الزوال».