في وقتٍ عوّلت فيه رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي بدأت أمس إلى بلادها، لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، أطلق ترامب سلسلة تصريحات حادة ضد المشروع الذي قدمته ماي إلى الاتحاد الأوروبي حول العلاقات البريطانية الأوروبية بعد «بريكست». اعتبر ترامب أن ماي «لم تلتزم» بنصحيته بشأن كيفية الخروج من الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن هذا المشروع «سيقضي على الأرجح» على اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة.
«لم تستمع إليّ»
في مقابلةٍ مع صحيفة «ذي صن» البريطانية، قال ترامب إنه في حال جرى إبرام اتفاق كالذي قدمته ماي إلى الاتحاد الأوروبي، «فسنكون بذلك نتعامل مع الاتحاد الأوروبي بدلاً من التعامل مع المملكة المتحدة»، متابعاً أن «الخطة التي قدمتها ماي مختلفة كثيراً عن الاتفاق الذي صوّت عليه الشعب البريطاني».
ترامب الذي يجري محادثات مع ماي اليوم، أضاف أنه أخبر ماي أنه كان سيتعامل مع «بريكست» بطريقة مختلفة، قائلاً: «أخبرتها كيفية فعل ذلك، لكنها لم توافق، لم تستمع إلي، وأرادت أن تسلك طريقاً مختلفاً».
وكان ترامب قد وجه قبل مغادرته العاصمة البلجيكية، ضربة جديدة للمشروع الذي قدّمته ماي في اليوم نفسه، قائلاً إنه «لا يعرف» ما إذا كان يتوافق مع ما صوت عليه البريطانيون في استفتاء «بريكست».
المشروع الذي تقدمت به ماي أمام بروكسل ينصّ على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي على صعيد تجارة السلع من خلال إقامة منطقة «تبادل حر» جديدة على أساس مجموعة من القوانين المشتركة المتعلقة بالسلع وقطاع الصناعات الغذائية.
في واشنطن، حاولت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، التخفيف من وقع تصريحات ترامب، مؤكدةً أمام صحافيين أن الرئيس الأميركي «يحبّ ماي ويحترمها كثيراً»، مضيفة «لقد قال في المقابلة إنها شخص جيد جداً وأنه لم يتحدث عنها بأي سوء».


هجوم غير مسبوق
مثّلت تعليقات ترامب صفعة لماي التي كانت أشادت مساء أمس، بـ«قوة العلاقة بين البلدين، وبأن هناك فرصة غير مسبوقة بينهما».
وقد صرحت ماي خلال استقبالها ترامب وزوجته ميلانيا على العشاء في قصر بلينهايم، أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ليستا فقط «أقرب حليفين بل أيضاً أعز صديقين».
في هذا الوقت، قلل مساعد وزير الخارجية البريطاني، آلان دنكان، من أهمية التصريحات، قائلاً لإذاعة «بي بي سي» إن «ترامب يثير الجدل وهذا أسلوبه، ولا أعتقد أن في الأمر إهانة».
وتابع دنكان أن ترامب لم يطّلع على تفاصيل مشروع ماي عندما قام بالمقابلة الصحافية، وشدد على أن العلاقة الخاصة بين البلدين لا تقتصر على مسألة «بريكست».
إلا أن أنتوني غاردنر سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي في عهد الرئيس السابق باراك اوباما، علّق بأن «هجوم ترامب على ماي غير مقبول أبداً» و«غير مسبوق» في خضم زيارة على مستوى رفيع.


تدمير ثقافة أوروبا
من بين التصريحات التي وصفتها «ذي صن» بكونها «الأحكام الأكثر وحشية في صراحتها من قبل ترامب بشأن بريطانيا»، تطرّق الرئيس الأميركي إلى ملفات عدة مثل قضايا المهاجرين والإرهاب والجريمة. واتهم ترامب زعماء الاتحاد الأوروبي بـ«تدمير ثقافة بلادهم وهويتها عبر السماح (بدخول) ملايين المهاجرين». واعتبر أن رئيس بلدية لندن، صديق خان، لم يواجه الإرهابيين، واتهمه بزيادة نسبة الجريمة في العاصمة.
وعن وزير الخارجية البريطاني الذي قدم استقالته في الأسبوع الماضي من حكومة ماي، بوريس جونسون، قال ترامب إن الأخير سيكون «رئيس حكومة عظيماً».
كذلك، عبّر ترامب عن «حزنه» عندما شعر أنه غير مرحب به في العاصمة من قبل المحتجين على زيارته، مؤكداً في الوقت نفسه أن «ملايين البريطانيين يؤيدون سياساته».
وينظّم عدد كبير من مناهضي سياسات ترامب في بريطانيا تظاهرات احتجاجاً على زيارته، في وقت ارتفع فيه بالوناً يصوّر ترامب كرضيع في أجواء العاصمة، بعد سماح رئيس البلدية بهذه الخطوة.