مع تصاعد الضغوط الأميركية على الدول المنتجة للنفط لزيادة إنتاجها بهدف الضغط على إيران، أكّد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، من سويسرا اليوم، أنّ الولايات المتحدة لن تتمكّن أبداً من منع إيران من تصدير نفطها، ووصف الإعلان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية في هذا الاتجاه بأنه «محض خيال»، وذلك فيما تعمل إيران، في الوقت نفسه، على حماية الاتفاق النووي بعد انسحاب الأميركيين منه. غداة إعلان «الخارجية» الأميركية أن الولايات المتحدة مصمّمة على دفع إيران لتغيير سلوكها عبر وقف صادراتها النفطية بشكل تام، وقول مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية، براين هوك، إن واشنطن واثقة من وجود ما يكفي من الاحتياطات النفطية في العالم للاستغناء عن الخام الإيراني، أكّدت السعودية اليوم استعدادها لزيادة انتاجها النفطي.
هوك، الذي يدير التفاوض مع حلفاء الولايات المتحدة في شأن استراتيجية جديدة حيال إيران، أكّد أمس أنّ العقوبات الأميركية ضد الشركات التي تتعامل مع إيران ستُفرض مجدداً اعتباراً من 6 آب/ أغسطس على شركات السيارات والمعادن، واعتباراً من 4 تشرين الثاني/ نوفمبر على التعاملات النفطية والمصرفية، بهدف «زيادة الضغط على النظام الإيراني عبر خفض عائداته من بيع النفط الخام إلى الصفر».
بعدما أكدت عزمها على «إفشال» الخطة الأميركية، محذرةً السعودية من السعي للحلول مكانها في السوق النفطية، رأت إيران على لسان رئيسها، حسن روحاني، اليوم، أن التصريحات الأميركية «مبالغ فيها ولا يمكن أن تتحقّق على الإطلاق». وأضاف روحاني، في مؤتمر صحافي في برن مع رئيس الاتحاد السويسري، آلان بيرسيه، أنّ «سيناريو من هذا النوع يعني أن تفرض الولايات المتحدة سياسة إمبريالية في انتهاك فاضح للقوانين والقواعد الدولية». وتابع أنّ «السماح لكل منتجي النفط بتصدير نفطهم باستثناء إيران محض خيال، ولا أساس له، وجائر». وندّد الرئيس الإيراني كذلك بالعقوبات المفروضة «على أمة كبيرة» باعتبارها «أكبر انتهاك لحقوق الإنسان». كان روحاني قد حذر أمس أيضاً من أن صادرات النفط الإقليمية قد تتعرّض للخطر إذا حاولت الولايات المتحدة الضغط على حلفائها لوقف شراء النفط الخام الإيراني. لم يخُض الرئيس الإيراني في تفاصيل، لكن تحتمل تصريحاته أكثر من تفسير، وقد تُعتبر تهديداً ضمنياً بالتدخل في أنشطة الشحن للدول المجاورة، خصوصاً مع تهديدها المسبق بغلق مضيق هرمز، وهو طريق رئيسي لشحن النفط، رداً على أي عمل عدائي أميركي تجاه إيران.

السعودية بين «أوبك» وواشنطن
يبدو أن السعودية ستعمد إلى تنفيذ المطلب الأميركي، مع تأكيدها، اليوم، استعدادها لزيادة إنتاجها من النفط «عند الحاجة» عبر «استخدام طاقتها الإنتاجية الاحتياطية» التي تقدّر بنحو مليوني برميل، وذلك بهدف المحافظة على استقرار السوق، وفق مجلس الوزراء. جاء التأكيد السعودي بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في تغريدة قبل يومين، أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وافق على طلبه زيادة إنتاج النفط. كما هاجم ترامب منظمة «أوبك»، منبّهاً إياها إلى ضرورة التوقف عن التلاعب بأسواق النفط، وكثف الضغط على السعودية حليفة الولايات المتحدة لزيادة الإمدادات من أجل تعويض انخفاض الصادرات من إيران.
مع ذلك، ذكر بيان صادر عن وزارة الطاقة السعودية، اليوم، أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح بحث تطورات سوق النفط مع نظيره الروسي، واتفق الوزيران على استمرار التنسيق الوثيق بما يصب في مصلحة المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي.
بدوره، قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، اليوم أيضاً، إن «أوبك» ستسعى للتقيد بمستويات الامتثال الإجمالية للمنظمة خلال الفترة المتبقية من عام 2018، وإن الإمارات على استعداد للمساهمة في تعويض أي نقص محتمل لإمدادات النفط. وقالت شركة بترول أبو ظبي الوطنية «أدنوك»، اليوم، إن بمقدورها زيادة إنتاج النفط بمئات الآلاف من البراميل يومياً، إذا كان ذلك ضرورياً لتعويض أي نقص محتمل للمعروض في السوق العالمية.

اجتماع في فيينا
من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الدول الخمس الموقِّعة على الاتفاق النووي الإيراني، يوم الجمعة المقبل، في فيينا للمرة الأولى منذ انسحاب الولايات المتحدة منه في أيار/ مايو الماضي، حيث سينضمّ وزراء خارجية كل من بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا إلى نظيرهم الإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة النمسوية. وفق وكالة الأنباء الإيرانية، ستُناقش خلال هذا الاجتماع «مجمل مقترحات الاتحاد الأوروبي (لتقديم الضمانات التي تطالب بها إيران) ووسائل حماية (الاتفاق) بعد انسحاب الولايات المتحدة منه»، ومن المفترض أن يعقد الاجتماع برعاية اللجنة المشتركة للاتفاق التي يرأسها الاتحاد الأوروبي ومكلفة متابعة تطبيقه.
روحاني أكد، اليوم، أن بلاده ستظلّ تحترم اتفاقها النووي مع القوى العالمية ما دامت مصالحها محفوظة. من جهته، حثّ الرئيس السويسري آلان بيرسيه كل الأطراف على عدم تعريض الاتفاق النووي المبرم بين قوى عالمية وإيران للخطر، وذلك بعد اجتماعه مع نظيره الإيراني. تعهدت سويسرا أيضاً بالعمل على الحفاظ على تدفق السلع الإنسانية لإيران بغض النظر عن أي استئناف أميركي للعقوبات، وحثّت طهران على الاعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود.



الإمارات تجمد حسابات إيرانية ضمن «قائمة الإرهاب»
ذكرت وكالة أنباء الإمارات الرسمية «وام»، أنّ هيئة الأوراق المالية والسلع أمرت اليوم بتحديد وتجميد حسابات وأصول تسعة أشخاص وكيانات إيرانية تدرجهم الإمارات على «قائمة الإرهاب». قال البيان إن «إجراءات الهيئة تضمّنت مطالبة جميع الشركات العاملة في قطاع الأوراق المالية والسلع البحث عن وتجميد أية حسابات... خصوصاً بالأفراد والكيانات الواردة في القائمة... والتي شملت 9 أسماء وكيانات تحمل الجنسية الإيرانية». كانت الإمارات أدرجت في أيار/ مايو التسعة المذكورين ضمن قائمة الإرهاب والمنظمات الإرهابية للاشتباه في صلتهم بالحرس الثوري الإيراني بعدما اتخذت الولايات المتحدة خطوة مماثلة.