فيما تستعدّ منظمة الدول المصدرة للنفط، «أوبك»، لاجتماعٍ صعب في وقتٍ لاحق هذا الشهر، تخيّم عليه المساعي الأميركية لزيادة الإنتاج السعودي للنفط، أكّدت إيران، اليوم، أن طلب واشنطن أن تضخ الرياض مزيداً من النفط لتغطية أي نقص في الصادرات الإيرانية «جنوني ومذهل» ولن يحظى بقبول «أوبك»، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» عن محافظ إيران في «أوبك»، حسين كاظم بور أردبيلي. وأوضح كاظم بور أنه أمر «جنوني ومذهل أن نرى تعليمات تصدر من واشنطن للسعودية من أجل التحرّك وتعويض أي نقص في صادرات إيران نتيجة للعقوبات غير القانونية على إيران وفنزويلا»، متوقعاً ألا تمتثل «أوبك» للطلب الأميركي.
ودعت إيران أيضاً المنظمة إلى بحث العقوبات «غير القانونية» في الاجتماع المقبل للمنظمة في 22 حزيران/ يونيو والذي من المقرّر أن يناقش سياسات الإنتاج، لكن مصدراً مطلعاً أشار لوكالة «رويترز» إلى أن من المرجح أن ترفض «أوبك» طلب إيران بحث العقوبات الأميركية على طهران خلال اجتماع المنظمة.
غير أنّ كاظم بور كان قد اعتبر أن أسعار النفط ستقفز رداً على عقوبات واشنطن بحق إيران وفنزويلا كما حدث خلال جولة العقوبات السابقة ضد إيران. وأوضح المسؤول الإيراني أيضاً أن لا أحد في «أوبك سيتحرك ضد اثنين من الأعضاء المؤسسين... حاولت الولايات المتحدة ذلك المرة الماضية ضد إيران، لكن أسعار النفط وصلت إلى 140 دولاراً للبرميل». كذلك، عبّر كاظم بور عن اقتناعه بأنّ المنظمة ستقف صفاً واحداً في وجه الطلب الأميركي، مضيفاً أن «أوبك لن تقبل بمثل تلك الإهانة، ومن الصلف والجهل أن يستهين المرء بستين عاماً من التعاون بين متنافسين».

خلاف داخلي في «أوبك»؟
تخفض «أوبك» وحلفاؤها ـــ من خارج المنظمة ـــ بقيادة روسيا الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يومياً منذ كانون الثاني/ يناير 2017. ومن المقرر أن ينتهي سريان التخفيضات في نهاية 2018، لكن السعودية وروسيا قالتا إن التخفيضات يمكن أن تُخفف بعدما تلقَّتا دعوات من مستهلكين؛ من بينهم الولايات المتحدة والصين والهند، لدعم الطلب العالمي.
في الشهر الماضي، طلب وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، دعم «أوبك» في مواجهة العقوبات الأميركية الجديدة، ولمح إلى خلاف في وجهات النظر بين طهران والسعودية بشأن الحاجة إلى زيادة إمدادات النفط العالمية. كتب زنغنه في خطاب إلى نظيره الإماراتي، الذي يتولى رئاسة «أوبك» في 2018، حينها: «أودّ... أن أطلب الدعم من أوبك بموجب المادة الثانية من النظام الأساسي للمنظّمة، التي تؤكد على حماية مصالح الدول الأعضاء بشكل فردي وجماعي».
بدوره، طلب كاظم بور، مستشهداً بخطاب زنغنه، من المجلس أن يضم لمحادثات حزيران/ يونيو بنداً في جدول الأعمال بعنوان «دعم المؤتمر الوزاري لأوبك للدول الأعضاء الخاضعة لعقوبات غير قانونية وأحادية الجانب وعابرة للحدود». وقال المصدر إن محافظ الإمارات لدى «أوبك»، أحمد الكعبي، طلب المشورة من مستشار قانوني بعد تلقيه طلب كاظم بور. وأضاف أن رد المستشار على الطلب الإيراني جاء سلبياً على أساس أن جدول الأعمال الوزاري لا يمكن تعديله بعد الانتهاء منه.

طلب زيادة الإنتاج قبل العقوبات
انسحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الشهر الماضي من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني، معلناً عن «أعلى مستوى» من العقوبات ضدّ إيران، ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية والعراق. قبل الانسحاب، قال ترامب في نيسان/ أبريل إن أسعار النفط مرتفعة على نحو مصطنع بسبب «أوبك»، وطلبت الحكومة الأميركية على نحو غير رسمي من السعودية وبعض المنتجين الآخرين في «أوبك» زيادة الإنتاج قبل يوم من فرض واشنطن العقوبات الجديدة على طهران.
في الجولة السابقة من العقوبات بحق طهران، والتي شارك فيها الاتحاد الأوروبي، انخفضت صادرات النفط الإيرانية بأكثر من النصف إلى أقل من مليون برميل يومياً. لكن هذه المرة، لا يعتزم الاتحاد الأوروبي المشاركة في العقوبات، إذ دعا الولايات المتحدة إلى منح شركاته إعفاءً حتى يمكنها مواصلة العمل في إيران.
غير أن الكثير من الشركات الأوروبية تقطع علاقاتها مع طهران بسبب المخاوف من أن تواجه عقوبات ثانوية من الولايات المتحدة، ما يعني أن تخسر القدرة على الوصول إلى نظام تسوية معاملات الدولار الأميركي. وستدخل العقوبات الأميركية على قطاع البترول الإيراني حيز التنفيذ بعد فترة «إنهاء تدريجي للنشاط» تمتد 180 يوماً وتنتهي في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لكن الكثير من شركات التكرير الأوروبية تقلّص تدريجياً بالفعل مشترياتها من النفط الإيراني.