قدّم «حزب الشعوب الديموقراطي» المعارض طلباً، أمس، لإطلاق سراح زعيمه المعتقل منذ عام تقريباً، صلاح الدين دميرتاش، فيما أعلن محاموه في وقتٍ لاحق أن إخراجه من السجن سيتمّ خلال أيّام. دميرتاش مرشّح للانتخابات الرئاسة المبكرة التي تجرى الشهر المقبل، وبالتّالي فإن احتجازه يضرّ حريّة التصويت، وفق ما قال في وقتٍ سابق. كذلك، فإنّ الطلب الذي قدّمه محاموه إلى محكمة في أنقرة لإخراجه من السجن، يستند إلى أن الدستور التركي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يشددان على «الحقّ في انتخابات حرّة».
وفق المحامي محسوني كارامان، فإن الطلب الذي قدّم لإطلاق سراح السياسي المعتقل، «لا يرتبط فقط بحريّة دميرتاش، بل هو طلب الملايين من الناخبين الذين يدعمونه ويريدون أن يكون معهم في الميدان والحملات الانتخابية».
وأوضح كارامان أنه سبق لمحامي دميرتاش أن قدّموا طلبات بشكل متكرر لإطلاق سراحه، متابعاً أن «طلبنا اليوم ليس مجرّد طلب بسيط لإطلاق سراح... هو طلبٌ من أجل الديموقراطية في تركيا... نتوقّع أن تصدر المحكمة في أنقرة قرارها خلال أيّام».

خطوةٌ انتخابية
دميرتاش مسجون منذ 17 شهراً بسبب اتهامات متصلة بـ«الإرهاب» والأمن، ويواجه في حال إدانته مدةً سجن تصل إلى 142 عاماً.
مع ذلك، عمد «حزب الشعوب الديموقراطي» إلى ترشيحه لخوض انتخابات الرئاسة، علماً بأن «المجلس الأعلى للانتخابات» في تركيا، وافق على ترشّحه، ليبدأ بإدارة حملته الانتخابية من السجن. يحظى «حزب الشعوب الديموقراطي» بدعم نحو 12 في المئة من الناخبين، فقد تمكّن دميرتاش، المحامي السابق المدافع عن حقوق الإنسان، من توسيع دعم الحزب من خارج قاعدته الكردية التقليدية، باستقطاب بعض العلمانيين اليساريين.
إلا أن إشارة استطلاعات الرأي إلى أن فوز أردوغان من الجولة الأولى غير محتمل، برغم التغطية الإعلامية المحدودة جداً لمرشحي المعارضة، تثير احتمالات إجراء جولة ثانية بين أعلى مرشحين في عدد الأصوات من الجولة الأولى، قد يحتاج فيها الطرفان إلى استقطاب أصوات قاعدة «حزب الشعوب الديموقراطي».
لذلك، لحظ مراقبون إن إخراج دميرتاش من السجن يأتي في سياق الحملة الانتخابية لـ«حزب العدالة والتنمية» والرئيس رجب طيب أردوغان، وأحزاب المعارضة الأخرى أيضاً، فقد حصل كذلك على دعم من بعض مرشحي المعارضة الآخرين مثل المرشحة القومية ميرال أكشنار، زعيمة «حزب الخير» التي أسسته بعد خروجها من حزب «الحركة القومية»، حليف أردوغان.
وتساءلت أكشنار، في موقف لافت بالقول: «دعونا نقل إنه جرى إطلاق سراحه بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات، كيف يمكن لتركيا تفسير عدم المساواة في المنافسة خلال فترة الحملة الانتخابية؟». تلك التصريحات جذبت الاهتمام نظراً الى أن السياسيين القوميين والمؤيدين للأكراد نادراً ما تجمعهم أرضية مشتركة.
بدوره، دعا مرشح «حزب الشعب الجمهوري» العلماني، محرم إينجه، الى إطلاق سراح دميرتاش، علماً بأنه كان قد زاره في السجن الأسبوع الماضي.

الليرة التركية في أدنى مستوياتها
في الأثناء، سجّلت الليرة التركية مستويات تاريخية دنيا جديدة، اليوم، مقابل الدولار بسبب خشية المستثمرين من تصريحات للرئيس التركي، أشار فيها إلى نيته لعب دور أكبر في السياسة النقدية لبلاده. وقد فقدت الليرة ثمانية في المئة من قيمتها، خلال الشهر الماضي فقط، مع توجّه تركيا نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 حزيران المقبل، وسط مخاوف بشأن قوّة وسلامة الاقتصاد.
خلال زيارته لندن، أشار أردوغان في مقابلةٍ مع وكالة «بلومبرغ» إلى نيته لعب دور وبسط سيطرة أكبر في السياسة النقدية والاقتصادية حال فوزه بالانتخابات: «قد يسبب هذا عدم ارتياح للبعض. لكن علينا فعله».
كذلك، أبدى مستثمرون انزعاجهم من ضغط أردوغان المتواصل على المصرف المركزي المستقل اسمياً، لرفع معدلات الفائدة وبالتالي معدلات النمو.
وكانت الليرة قد تراجعت إلى 4,5 ليرات للدولار، ثم عادت وارتفعت بعد الظهر إلى 4,42 مقابل الدولار بعدما أصدر المصرف المركزي التركي بياناً حول التذبذب «غير الصحي» للعملة الوطنية، ساعد الليرة في تعويض خسائرها. جاء في البيان أن «المصرف المركزي للجمهورية التركية يراقب عن كثب تطور الأسعار غير الصحي في الأسواق». وأشار إلى أنه «سيتم اتخاذ الإجراءات الضرورية، وأيضاً دراسة تأثير هذه التطورات على توقعات التضخم».
تصريح سابق لأردوغان، الأسبوع الماضي، قال فيه إن معدلات الفائدة هي «سبب كل العلل»، أدى أيضاً إلى تراجع العملة المحلية.