العراق | اقتحام ثانٍ لـ«المنطقة الخضراء»: الصدر «يبارك» ولا يتبنّى... ويحذّر الحكومة من «مصير صَدّام»

  • 0
  • ض
  • ض

بغداد | بعد أيام من التحشيد الذي مارسه أتباع «التيار الصدري» وبعض الناشطين المدنيين، أقدم المئات من المتظاهرين، مجدداً، على اقتحام «المنطقة الخضراء» ومبنى البرلمان العراقي ومكتب رئيس الحكومة حيدر العبادي، في مقابل مقاومة لافتة أبدتها قوات الأمن، التي أطلقت العيارات النارية والغاز المسيل للدموع، الأمر الذي أدى إلى وقوع عشرات المصابين.

ولم تتبنَّ أية جهة، بشكل رسمي، عملية الاقتحام الثانية، وذلك بعكس الاقتحام الأول الشهير لـ«الخضراء» والمباني الحكومية، في الثلاثين من الشهر الماضي، والذي جرى تبنّيه من قبل «التيار الصدري» رسمياً. لكن المعطيات والمؤشرات كلها تدلّ على أن هذا التيار هو المدبّر الرئيسي للعملية الأخيرة، وخصوصاً بعد الخطاب التصعيدي الذي لجأ إليه أنصار الصدر على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، وترديد بعض المتظاهرين عبارات «لبيك مقتدى».
«الثورة الشعبية العراقية قريباً»، انتشر هذا الوسم، بشكل كثيف، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداوله أتباع الصدر على نطاق واسع، ثم انتقل من العالم الافتراضي إلى الواقعي، عن طريق شباب مجهولين قاموا بخط الجملة على جدران عدد من مناطق بغداد والمحافظات، وخصوصاً تلك التي تعتبر معقلاً لـ«التيار الصدري». إلا أن هذا التحرّك أثار استياء البعض فعدّوه محاكاة للأسلوب الذي اتبعه أبناء المناطق الغربية في حراكهم الاحتجاجي، الذي سبق دخول «داعش» إلى مناطقهم، فيما حذّر آخرون من اختراق «عناصر بعثية»، وأخرى مناوئة ومعارضة للعملية السياسية، صفوف المتظاهرين. أما البعض الآخر، فقد رأى أن هذا الوسم هو من وحي وفكرة «الصدريين»، الذين تحدثوا عن الجمعة (أمس) كموعد للثورة المفترضة من قبلهم.


العمليات المشتركة: ما جرى «أحداث شغب» تمّت السيطرة عليها

بدأت التظاهرة من «ساحة التحرير» وسط بغداد، وكانت مجهولة مصدر الدعوة واشترك فيها متظاهرون من «التيار الصدري» والناشطون المدنيون، ثم تطوّرت إلى عبورهم جسر الجمهورية المقابل للساحة، حيث قاموا بإزالة الحواجز الموضوعة، والاتجاه نحو إحدى بوابات «المنطقة الخضراء» الشهيرة، أي «بوابة التشريع» حيث مبنى مجلس النواب.
ويؤكد أحد المتظاهرين لـ«الأخبار» أنه في تلك الأثناء بدأت قوات الأمن المكلّفة بحماية «الخضراء» والبوابة المذكورة، بإطلاق النار والغاز المسيل للدموع، مشيراً إلى أنه شاهد سقوط ثلاثة مصابين، من دون أن يستطيع أن يحدّد سبب الإصابة، إن كانت بالغاز أو بالعيارات النارية.
وأكد أحد الصحافيين، الذين شاركوا في تغطية التظاهرات، أن ستة صحافيين على الأقل، أصيبوا خلال تغطيتهم أحداث اقتحام «المنطقة الخضراء»، مشيراً إلى أن بعضهم يعمل لمصلحة قنوات كردية تبثّ من إقليم كردستان.
كذلك، أوضح متظاهر آخر أن محاولة اقتحام «المنطقة الخضراء» استمرت أكثر من ساعة، قبل أن يتمكن المتظاهرون من اقتحامها ودخول مبنى البرلمان ومكتب رئيس الحكومة والأمانة العامة لمجلس الوزراء. وأظهرت الصور، التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، عقد مجموعة من المتظاهرين جلسة حكومية تعبيرية في مكتب العبادي.
وبحسب شهود عيان، فإن قوات الأمن استغلت اقتحام جموع المتظاهرين لـ«الخضراء»، فسارعت إلى إعادة انتشارها وتطويق مداخل المنطقة ومخارجها بالحواجز الاسمنتية، وإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ما أدى إلى حالات اختناق كثيرة في صفوف المتظاهرين، ما أجبرهم، بالتالي، على مغادرة «الخضراء» أو الاختباء في بعض المباني.
رسمياً، رأت قيادة العمليات المشتركة (التي تضم الأميركيين) أن عناصر مندسة استغلت الانشغال بالتحضيرات لمعركة الفلوجة، وقامت بـ«اختراق» مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن ما جرى هو «أحداث شغب» وقد تمت السيطرة عليها. كما لفتت إلى إصابة 12 عنصراً من حمايات «المنطقة الخضراء»، بطعن سكاكين من قبل «مندسين»، مضيفة أن ثلاثة من المصابين في حالة خطرة.
بدورها، أعلنت قيادة عمليات بغداد فرض حظر للتجوال في العاصمة حتى إشعار آخر، في إجراء أمني هو الأول من نوعه منذ تولي العبادي رئاسة الحكومة، ثم وجّه العبادي في وقت متأخر من مساء أمس برفع حظر التجوال.
في غضون ذلك، انتشرت قوات كبيرة من «سرايا السلام» ــ الجناح المسلّح لـ«التيار الصدري» ــ في مناطق مدينة الصدر وشارع فلسطين والباب الشرقي، حيث «ساحة التحرير» المحاذية لـ«المنطقة الخضراء». وبحسب شهود عيان، فقد شهدت تلك المنطقة انتشاراً منظّماً لـ«السرايا»، بدأ منذ ساعات الصباح الأولى.
وانتظر الصدر انسحاب المتظاهرين من «الخضراء»، ليصدر بياناً شنّ فيه هجوماً لاذعاً وغير مسبوق على الحكومة، محذراً إياها من مصير صدام والقذافي. ودعا العراقيين إلى «الصبر فثورتك السلمية لا محالة حليفها النصر، وإنهاء الطائفية والمحاصصة والفساد والإرهاب... وتعساً لحكومة تقتل أبناءها بدم بارد، وما القذافي وصدام عنهم ببعيد».
الصدر اتهم السلطات الأمنية باعتقال متظاهرين، داعياً إياها إلى الإفراج عنهم «فوراً»، رغم أنه لم يتمّ تداول أية أنباء عن هذا الموضوع، قبل دعوة الصدر. كما أكد احترامه لخيار المتظاهرين و«ثورتهم العفوية السلمية».
إلى ذلك، أعلنت خلية الإعلام الحربي تحرير الطريق الرابط بمنفذ طريبيل الحدودي غربي محافظة الأنبار، بعد طرد تنظيم «داعش» منها. وذكر بيان صادر عن الخلية أنها «تعلن تحرير الطريق الدولي من الرمادي إلى طريبيل باتجاه الأردن».
وكانت قيادة العمليات المشتركة قد أعلنت، أول من أمس، تحرير قضاء الرطبة غربي محافظة الأنبار، بشكل كامل، من سيطرة تنظيم «داعش».

  • أمر العبادي مساء أمس برفع حظر التجوال الذي كانت قد أعلنته قيادة عمليات بغداد

    أمر العبادي مساء أمس برفع حظر التجوال الذي كانت قد أعلنته قيادة عمليات بغداد (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات