واشنطن ــ محمد سعيدبغداد ــ الأخبار
لا شكّ أنّ الأشهر الأخيرة لولاية الرئيس جورج بوش في البيت الأبيض، كانت الأسوأ في سنواته الثمانية. ولم يكن ينقص مصائبه إلا «انقلاب» حلفائه العراقيين عليه عندما قرّروا عرقلة مسيرة الاتفاقيّة الأميركية ــ العراقية (sofa) وإرجاءها إلى حين تسلّم الرئيس الذي سيُنتخَب في الرابع من الشهر المقبل، حسبما كشف عنه النائب البارز في التحالف الكردستاني محمود عثمان أمس، بعد قرار حكومة نوري المالكي ردّ مسودة الاتفاق إلى واشنطن لإدخال «تعديلات ضرورية عليها».
قرار حكومي صدر بالإجماع ودفع حتّى أكثر المتحمّسين العراقيين إلى قبول نصّ الاتفاقية، وزير الخارجية هوشيار زيباري، إلى الاعتراف بأنّ توقيع المعاهدة قبل الاستحقاق الانتخابي الأميركي بات أمراً صعباً، رغم تلويح رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي مايكل مولن بحصول «عواقب جسيمة».
ويبدو أن بوش استشعر مسبقاً الخطر الآتي من بغداد، فأصدر الأسبوع الماضي قراراً رسمياً يتنصّل فيه من فقرة يتضمنها قانون موازنة الدفاع ويحصر حقّ استغلال النفط العراقي بأهل العراق وحكومته.
ورفض بوش الاستجابة لطلب الكونغرس بمنع الولايات المتحدة من السيطرة على موارد العراق النفطية. وقالت مصادر مطلعة إنّ «الرئيس أصدر قبل توقيعه قانون موازنة الدفاع، قراراً يؤكد فيه أنه غير ملزَم بفقرة في القانون تحظّر إنفاق أموال لممارسة الولايات المتحدة سيطرتها على موارد النفط في العراق».
وفي السياق، قال جيم فاين، وهو عضو في جمعية التشريع القومي، وهي لوبي تابع لطائفة «الكويكرز» في الولايات المتحدة: «لقد ذهلنا لأنّ الرئيس ينفي أن يكون للعراقيين وحكومتهم حقهم الأساسي في السيادة والسيطرة على مواردهم الطبيعية». وأضاف: «يعتقد الرئيس بوش أن لديه الحق لكونه قائداً أعلى للقوات المسلحة في السيطرة على حقول العراق النفطية والسيطرة على نفطه إذا رأى أن ذلك من شأنه حماية الأمن القومي الأميركي».
وأضاف فاين: «بوش أعلن نفسه إمبراطوراً للعراق وأي رئيس مقبل سيرفض نبذ هذه الادعاءات الغريبة».
وعملت جمعية التشريع القومي ولا تزال مع الكونغرس منذ ثلاث سنوات، لإصدار قانون يمنع القوات الأميركية من إنشاء قواعد عسكرية دائمة في العراق أو السيطرة على موارده النفطية.
يُذكَر أن بوش وقّع 5 قوانين تتضمن منع الولايات المتحدة من إقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق أو السيطرة على نفطه منذ عام 2006، لكنه في الوقت نفسه وقّع القرارات الآتية خلال العام الجاري: الأول يعارض فيه حظر إقامة قواعد دائمة في العراق والسيطرة على نفطه. والثاني أصدره الأسبوع الماضي، ورغم أنه لا يتضمن أي إشارة إلى القواعد الدائمة في بلاد الرافدين، إلا أنه أكد فيه أن منع الولايات المتحدة من السيطرة على النفط العراقي يمثّل انتهاكاً لسلطاته الدستورية».