strong>يقترب موعد قمّة «أوبك» المخصّصة لدراسة كيفيّة السيطرة على أسعار النفط، في 17 من الشهر الجاري، وقبل حلول هذا التاريخ تزداد التكهّنات في شأن التدابير التي يمكن أن تُتخذ... وكالة الطاقة الدوليّة تقدّر في تقريرها الأخير أن يتقلّص الطلب على النفط هذا العام، وتشير إلى نقطة خلاف جوهري بين أعضاء المنظّمة: عدم احترام قرارات تقليص الإنتاج
الطلب على النفط سينكمش خلال العام الجاري للمرّة الأولى منذ 25 عاماً. هذه إحدى الخلاصات التي توصّل إليها تقرير وكالة الطاقة الدوليّة التي تُعنى بالشؤون الطاقويّة للبلدان الغنيّة، ويأتي في الوقت الذي تحضّر فيه منظّمة الدول المصدّرة للنفط، «أوبك»، لقمّتها المفصليّة في نهاية العام الجاري، التي ستبحث كيفيّة إعادة أسعار الوقود الأحفوري إلى مستويات مرتفعة بعدما شهدت انخفاضاً دراماتيكياً منذ تمّوز الماضي حين سجّلت مستواها القياسي فوق الـ147 دولاراً للبرميل.
ويبدو أنّ المنظّمة تتجه نحو إقرار خفوضات جديدة في الإنتاج بعدما أعلنت أخيراً خفضاً بواقع 1.5 مليون برميل يومياً. وفيما يختلف المحلّلون بشأن حجم الخفض المرتقب، يلفت في تقرير الوكالة إشارتها إلى أنّ بلدان «أوب» لم تحترم القرار الأخير. فهي تقول إنّ خفض الإمدادات من الإكوادور وفنزويلا وليبيا وإيران كان «محدوداً نسبياً» في تشرين الثاني الماضي، فيما البلدان الثلاثة الأخيرة كانت تشدّد خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على ضرورة اتخاذ التدابير الجذريّة من أجل إعادة الأسعار إلى المستويات المرتفعة.
وفي هذا الصدد قال التقرير، «في الماضي كانت أوبك تعاني (الخلافات) في أوقات معيّنة لزيادة الإنتاج في وقت ارتفاع قدرة إنتاج الخام، وهي ظاهرة تعود حالياً في ظلّ ضعف الطلب»، وهذا الانقسام الواضح سيجعل اتخاذ القرارات أصعب في اجتماع وهران في الجزائر الأسبوع المقبل ممّا كان عليه الأمر في السابق.
وتنقل صحيفة «Financial Times» عن المحلّل في مؤسّسة «MF Global»، روبرت لوغلين، قوله في ورقة بحثيّة، «أعتقد أنّه إذا كانت أوبك تريد أسعاراً عند 30 دولاراً للبرميل، فإذاً عليها ترك كوتات الإنتاج عند المستويات الحاليّة، وإذا كان الأمر عكس ذلك (وهو الأكيد) فعليها فعل ما كان يجب فعله في اجتماعها في القاهرة منذ أسبوعين، أي خفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يومياً مع فعاليّة مباشرة». غير أنّ محلّلين آخرين يقولون إنّ حجم الخفض يجب أن يكون أكبر من ذلك ليصل ربّما إلى 3 ملايين برميل يومياً، من أجل التأثير جدياً في الأسواق التي تسيطر عليها بهامش كبير التوقّعات بأنّ العام المقبل سيحمل كساداً على اقتصادات البلدان الغنيّة، فيما البلدان الناشئة ستعاني انخفاضاً في نسب نموّها.
ولكن إذا لم تطبّق «أوبك» القرارات السابقة القاضية بخفض الإنتاج بحوالى مليوني برميل يومياً، فإنّ قراراها الجديد لن يلقى صدى في الأسواق، ومن المتوقّع انخفاض الأسعار أيضاً مثلما حدث بعد القمّة الأخيرة التي استضافتها جنيف.
ومن جهة أخرى، هناك مساعي «أوبك» لبلورة التعاون مع البلدان المصدّرة للنفط خارجها وفي مقدّمها روسيا. وأوّل من أمس، أعلنت موسكو أنّها تعدّ مقترحاتها لخفض الإنتاج قبل اجتماع وهران. وروسيا التي تعدّ ثاني أكبر مصدّر للنفط في العالم، تعاني من جهتها بطء وتيرة نموّ الإنتاج بسبب انخفاض حجم الاستثمارات في إنتاج الوقود الأحفوري.
وبالعودة إلى توقّعات الوكالة الدوليّة، فهي ترى أنّ الطلب على النفط سيعاود النمو في العام المقبل، إلّا أنّها تشدّد على أنّ العام الجاري سينتهي بطلب عالمي على النفط يبلغ 85.8 مليون برميل يومياً، أي أقلّ بـ200 ألف برميل عن المعدّل المسجّل عام 2007. وبهذه التوقّعات تكون الوكالة قد عدّلت رؤيتها السابقة من خلال خفض تقديراتها بواقع 350 ألف برميل يومياً.
وبالنسبة إلى العام المقبل، فهي تقول إنّ الطلب على الوقود الأحفوري سيبلغ 86.3 مليون برميل في اليوم، وذلك بناءً على توقّعات صندوق النقد الدولي الذي يقول إنّ النموّ الاقتصادي العالمي سينتعش تدريجاً في النصف الثاني من عام 2009.
ويقول تقرير الوكالة إنّ «التصور الذي نعمل على أساسه يقوم على افتراض المرونة خارج مناطق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وإن كان النمو أقل منه في السنوات الخمس السابقة». ويضيف إنّه يتضمّن «تعديلاً طفيفاً لبيانات الطلب الأخيرة خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».
وتجدر الإشارة إلى أنّه مع انخفاض الطلب فإن مخزونات النفط في دول المنظمة سجلت ارتفاعاً حاداً. ففي نهاية تشرين الأول الماضي بلغت المخزونات ما يعادل استهلاك 56.8 يوماً أي ما يزيد كثيراً على متوسطها في السنوات الخمس الأخيرة. ويتوقّع التقرير انخفاض الطلب على نفط «أوبك» في 2009 إلى 30.7 مليون برميل يومياً من 31.5 مليوناً في عام 2008.
(الأخبار)


مراجعة التقديرات

يتوقّع تقرير الوكالة الدوليّة للطاقة ارتفاع طلب البلدان النامية على النفط بنسبة 3.9 في المئة خلال العام الجاري، وبنسبة 2.9 في المئة في العام المقبل، وهذه التقديرات تعبّر عن خفض للتقديرات السابقة بسبب انخفاض الطلب الناتج من التباطؤ الاقتصادي العالمي، ومن مراجعة الأرقام الاقتصاديّة الصادرة من بلدان آسيويّة مثل ماليزيا وتايوان وماليزيا. وفي المقابل خفضت الوكالة توقّعاتها في شأن طلب بلدان منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية (30 بلداً) بواقع 290 ألف برميل هذا العام، و210 آلاف برميل العام المقبل.