Strong>أولمرت يحمّل «حماس» مسؤوليّة «الخراب والمسّ بالأبرياء»: ممنوع اكتسابها أيّ شرعيّة من الترميمتوقّف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، وتفرّغ حكام تل أبيب لمهمّتين طارئتين: حرمان «حماس» من تحقيق أيّ نصر معنوي في عملية تقديم المساعدات وإعادة الإعمار، والاستعداد لمواجهة دعاوى ارتكاب «جرائم حرب». أما شروط فك الحصار عن غزة، فقد حدّدتها تسيبي ليفني بإطلاق سراح جلعاد شاليط

علي حيدر
شدّد رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، أمس، على أن حكومته «كانت ولا تزال مستعدة لقبول المبادرة العربية إطاراً لاستمرار مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية أساساً، ثمّ مع دول عربية أخرى».
وجاء كلام أولمرت خلال لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي زار القدس المحتلة أمس، وبحث مع مضيفه في سبل «المحافظة على استقرار وقف إطلاق النار».
كذلك تباحث المسؤولان في مشاريع المنظمة الدولية لتركيز الجهود في تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة، للوصول إلى ترميمه في مرحلة لاحقة.
وشدّد أولمرت على أنّ «جهود الترميم ينبغي أن تنسّقها الأمم المتحدة مع المنظمات الدولية وبالتعاون التام مع مصر والسلطة الفلسطينية والدول البراغماتية»، مشيراً إلى أنه «ممنوع أن تكسب حماس شرعية ما من عملية الترميم». ولفت إلى أن المساعدات الإنسانية وترميم القطاع، لا يحلّان المشكلة القائمة فيه، وهو ما لا يمكن أن يتمّ «إلا عبر المسارات السياسية في المنطقة من خلال التوصل إلى سلام مستقر»، معرباً عن ثقته بأنه «في هذا الوقت بالذات، يوجد حلّ لمشاكل المنطقة».
وأمام وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، نفى أولمرت أن تكون دولة الاحتلال مسؤولة عن المجازر التي قتلت وجرحت آلاف الفلسطينيين خلال العدوان على غزة، محمّلاً حركة «حماس» «المسؤولية التامة عن خراب قطاع غزة والمس بالأبرياء».
وعن فحوى لقائه بفراتيني، أوضح بيان صادر عن مكتب أولمرت، أنه تمحور حول الإجراءات التي تستعد حكومة تل أبيب لاتخاذها، «لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بحراً، والمساعدة التي يمكن أن يقدمها الخبراء الإيطاليون لضمان فعالية المراقبة».
في المقابل، كشف دبلوماسيون غربيون عن طلب تقدمت به إسرائيل من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة المختلفة، بتزويدها بقوائم تفصيلية بما تريد إدخاله إلى القطاع المنكوب، من سلع ومعدات وأفراد، سواء كان الهدف منها توفير الحاجات العاجلة، أو إعادة بناء ما هدمته آلة القتل الإسرائيلية.
وفي الإطار، أبلغت تل أبيب جميع منظمات الإغاثة أنها ستبحث إمكان توسيع قائمة المواد المسموح بإدخالها تحت شعار «عدم السماح لحماس بأن تنسب الفضل لنفسها في أي شيء».
بدورها، رأت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أنّ آلاف المدنيين الفلسطينيين الذين أصابتهم صواريخ جيشها قد سقطوا «عرضاً»، مشيرة إلى أنه «كان لا بد للجيش من تنفيذ تلك العملية»، ومعربة عن اطمئنانها «إلى حقيقة أننا نفذناها».
ولم تنسَ ليفني تحميل «حماس» المسؤولية عن مقتل المدنيين، «لأنها كانت تقاتل من داخل مراكز تجمعات سكانية»، مبررة المجازر بالقول «إننا نبحث عن الإرهابيين وأحياناً يمكن أن يتعرض مدنيون للأذى في القتال ضد الإرهاب».
وربطت ليفني بين فتح المعابر والإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة، جلعاد شاليط. وقالت، خلال لقاء طلابي في كلية الإدارة في مدينة ريشون لتسيون، «من الواضح أن حماس والمجتمع الدولي سيمارسان ضغوطاً علينا في قضية المعابر وقضايا أخرى». واختصرت شروط حكومتها في هذا الشأن، بالمعادلة الآتية: «إذا كانت حماس تريد أن تحصل على شيء ما من إسرائيل، فلدينا شخص نريد الحصول عليه: جلعاد شاليط».
وجزمت بأنه «من غير الممكن الفصل بين هذه الأمور، ومن غير الممكن التقدم في أي موضوع آخر، قبل التقدم في ما هو مهم بالنسبة لنا، وهو تحرير شاليط».
في هذا الوقت، بدأت دولة الاحتلال بإعداد ملف دفاعها في حال اتهامها بارتكاب «جرائم حرب» خلال عدوانها على غزة. وأوضح وزير الرفاه، المكلف بالعلاقات مع المنظمات غير الحكومية، اسحق هرتسوغ، لوكالة «فرانس برس»، أن إسرائيل «تريد أن يكون بوسعها إبراز أدلة تثبت أن غالبية المباني التي دمرت كان يستخدمها المقاتلون، وأن الكثير منها كان مفخّخاً ويستخدم لإطلاق صواريخ وتخزين أسلحة».
وللهدف نفسه، تعمل القيادة الإسرائيلية على جمع صور جوية ووثائق صوّرها جنود في غزة، لإثبات الفرضية التي تفيد بأن المجازر كانت مشروعة ومبررة.
وعن الموضوع نفسه، برّرت المتحدثة باسم جيش الاحتلال، أفيتال لايبوفيتش، قتل الفلسطينيين بأن «معسكرات التدريب وكل منشآت حماس أقيمت قرب مدارس أو مساجد أو منازل».
ونقلت «هآرتس» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن «التخوف الأساسي هو من دعاوى قضائية يقدمها أفراد أو منظمات حقوقية، وليس من محاولة دول المطالبة بتأليف لجان تحقيق». وبحسب «هآرتس»، فإن إسرائيل ستشدد في دفاعها على أن عملياتها العسكرية في القطاع كانت «دفاعاً عن النفس»، وأنها «بذلت جهوداً كبيرة» لتحذير السكان ومطالبتهم بإخلاء بيوتهم، بواسطة ربع مليون محادثة هاتفية وبلاغات عبر الهواتف الخلوية وإلقاء مناشير من الجو وأيضاً من خلال السيطرة على شبكات بث فلسطينية.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه سيتعين على الضباط الإسرائيليين الذين يعتزمون السفر إلى أوروبا، بصفة شخصية أو في إطار العمل، الحصول قبل ذلك على تعليمات من النيابة العامة العسكرية، ومن المحتمل أن يتم منع بعضهم من مغادرة إسرائيل. ويقدر مسؤولون سياسيون وخبراء قانون في إسرائيل أن الوضع سيزداد خطورة عندما يتم السماح لوسائل الإعلام الأجنبية بالدخول إلى قطاع غزة والاطّلاع على حجم الدمار فيه.