علي حيدرتفاقمت الخلافات داخل القيادة العليا للعدوان على قطاع غزة؛ ففيما يدعو رئيس الوزراء إيهود أولمرت إلى مواصلته لحين توافر اتفاق يحقق المطالب الإسرائيلية، يدعو كل من وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الحرب إيهود باراك إلى وقف إطلاق النار والاكتفاء بـ«الإنجازات» التي تحققت، وهو ما تدعمه الغالبية في المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ووجهت مصادر مقربة من أولمرت انتقادات شديدة لباراك على خلفية اتهامه بالتسريب لوسائل الإعلام أن إسرائيل تعمل للتوصل إلى وقف إطلاق النار مع حركة «حماس». وأكدت أن «التصريحات التي تصدر عن وزارة الدفاع، وخصوصاً مكتب باراك، تصبّ في مصلحة حماس، وتعرّض أمن سكان الجنوب وجنود الجيش الموجودين في القطاع للخطر، وخاصة أن رجال حماس يراقبون المشهد ويسمعون المواقف التي تتخذ، كذلك يمثّل كلام باراك تشجيعاً لهم».
ودعت المصادر إلى مناقشة أمور حساسة في الغرف المغلقة، لا عبر الإعلان عن مبادرات خاصة قبل أن تطرح للنقاش والمصادقة عليها. وحذرت من القيام بهذه الأعمال لكونها تضر بمسار العملية وتحقيق الأهداف التي وضعتها الحكومة. واتهمت باراك بأنه يقدم على خطوات تمثّل تعبيراً عن «انعدام للمسؤولية القومية».
يُشار إلى أن الهجوم على باراك أتى بعدما نشرت تقارير إعلامية إسرائيلية أنباء مفادها أن وزير الدفاع يعمل على تبني «وقف نار إنساني» لمدة أسبوع. وردت مصادر في مكتب باراك على الانتقاد بالقول إنه «لاعتبارات تتعلق بالمسؤولية المطلوبة في وقت القتال لن ينجر الوزير باراك إلى إعلانات غير ملائمة وغير مرتكزة على أسس كالتي قالتها مصادر سياسية». وأضافت أن «وزير الدفاع واثق بأن الجمهور يعرف كيف يحكم جيداً على مدى المسؤولية والجدية التي يتحلى بها كل من قادته».
وفي السياق، توالت التقارير الإعلامية التي تتحدث عن تفاقم الخلافات في صفوف القيادة السياسية العليا بشأن استمرار العملية العسكرية، إذ يعتقد أولمرت أن أهداف العملية لم تتحقق، وأن وقف النار سيتحقق فقط بعد أن يلبي الاتفاق المطالب الإسرائيلية تماماً، فيما يرى باراك أن «العملية العسكرية» حققت أهدافها الأساسية من جهة تعزيز قوة الردع، وأن استمرارها لا يحقق نتائج، بل يعرض إسرائيل لخسائر محتملة ومزيد من الضغط الدولي.
وتدعو وزيرة الخارجية تسيبي ليفني إلى وقف إطلاق نار من دون أي تسوية سياسية، والتلويح برد فعل عنيف على كل صاروخ يُطلَق من القطاع. وترى أن استمرار العملية العسكرية لن يحقق إنجازات ملموسة.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر سياسي قوله إنه رغم أن أولمرت ينفرد بموقفه في الطاقم الثلاثي المصغر (إلى جانب باراك وليفني)، إلا أن القوة لا تزال بيده، حيث إنه هو الذي يحدد متى يجتمع المجلس الوزاري المخول باتخاذ قرار توسيع أو وقف عمليات الجيش، وهو الذي يحدد جدول أعماله.
وكان باراك قد أجرى مع نظيره الأميركي روبرت غيتس محادثات هاتفية عن الوضع في غزة، وأكد مكتبه أن وزير الدفاع «أطلع غيتس على آخر التطورات المتعلقة بالعملية (الإسرائيلية) في قطاع غزة».
في المقابل، ذكرت مصادر إسرائيلية أن المشاورات التي تجريها قيادة الجيش والأجهزة الامنية أفضت إلى تفضيلها خيار الوقف الفوري والسريع لإطلاق النار وإلى عدم الدخول في المرحلة الثالثة من العدوان على غزة وإبقائها تهديداً فقط، وخصوصاً أن إسرائيل حققت منذ أيام الإنجازات الممكنة وأثبتت أنها لا تخشى المواجهة الصعبة مع «حماس» ولا الاجتياحات البرية أو إشراك جنود الاحتياط في المعارك.
وأكّدت المصادر أن الغالبية الساحقة من القيادة العسكرية والأمنية تفضّل إنهاء العدوان حالاً، لأن الردع الإسرائيلي في وضع جيد نسبياً، ولأن الوقت مناسب لإنهائه قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل. وأعرب المشاركون في المشاورات عن أن إسرائيل تستطيع الانسحاب من قطاع غزة بموازاة التهديد بردّ فوري وقاسٍ على كل إخلال لـ«حماس» باتفاق وقف إطلاق النار، إن كان عبر إطلاق الصواريخ أو عبر تهريب مزيد من الأسلحة من خلال رفح.
ولفتت صحيفة «هآرتس» إلى أن مواقف القيادة الأمنية، بخلاف الأسبوع الماضي، تميزت بتدني دعمها لتوسيع العدوان، حيث لا يدعم التوسيع سوى قيادة المنطقة الجنوبية التي تشترط للتوسيع مهلة زمنية تمتد لأشهر طويلة يكون خلالها الجيش والشاباك في القطاع.