Strong>غداة إعلان حكومة دبي أنّها أصدرت سندات بقيمة 20 مليار دولار، باعت ما قيمته 10 مليارات دولار منها للمصرف المركزي الإماراتيّ، انتعشت الأسهم في المركز المالي العالمي في الإمارة (البورصة). والإجراء يمثّل خطوة إنقاذيّة تقوم بها الحكومة المركزيّة لمصلحة «الإمارة المعجزة» التي تواجه مستحقّات قروض تزيد على 15 مليار دولار خلال العام الجارياستطاعت دبي خلال اليومين الماضيين تخفيف وطأة مستحقّات الديون التي ترزح حكومتها وشركاتها تحتها، على المستثمرين وأسهم بورصتها التي خسرت خلال العام الماضي 72 في المئة من قيمتها بسبب الأزمة الماليّة العالميّة.
فبداية عام 2009، التي شهدت في معظم بورصات العالم تسويات إيجابيّة نسبياً بسبب خطط الإنقاذ المالي التي أطلقتها الحكومات، لم تكن ورديّة على القطاع المالي في المدينة الإماراتيّة، نظراً إلى أنّ مستحقّات الديون عليها تزيد على 15 مليار دولار (حوالى 50 في المئة من استحقاقات الديون على الشركات الخليجيّة)، وتمويلها يبدو صعباً جداً بسبب ضيق الأحوال في أسواق الائتمان واستمرار أزمة الثقة في عمليّات منح القروض.
ولكن الإمارة الخليجيّة، وبمساعدة فدراليّة، استطاعت تأمين بيع نصف قيمة السندات التي أدرجتها في برنامج لتمويل الاحتياجات الحكوميّة. فقد هبّ المصرف المركزي الإماراتي، لشراء 10 مليارات دولار من السندات لينعش آمال المستثمرين المتوجّسين من تصحيحات إضافيّة في القطاعات المختلفة وأبرزها قطاع العقارات، الذي توقّفت فيه مشاريع تزيد قيمتها على 250 مليار دولار في الإمارات إجمالاً بسبب شحّ السيولة وانفجار فقاعة المنازل التي أدّت إلى تراجع أسعار البيوت في دبي بنسبة 25 في المئة وفقاً لتقديرات مصرف «Morgan Stanley».
وهذا التطوّر كان له الأثر الإيجابي البارز على التداول في مركز دبي المالي العالمي (DIFC)، إذ ارتفعت الأسهم بنسبة 7.91 في المئة، وهي أكبر نسبة ارتفاع منذ 17 تشرين الثاني الماضي. وقاد موجة الارتفاع سهم الشركة العقاريّة العملاقة «إعمار»، الذي ارتفع بنسبة 13.2 في المئة،
كذلك انتعشت السوق الماليّة في أبو ظبي وارتفع المؤشّر الأساسي بنسبة 1.06 في المئة، يقوده ارتفاع سهم الشركة العقاريّة، «الدار»، بنسبة 6.05 في المئة، وسهم المصرف التجاري لأبو ظبي بنسبة 5.3 في المئة.
وإضافة إلى الانعكاسات الإيجابيّة على البورصة، تراجعت كلفة التأمين على قروض دبي وانخفضت حوالى 200 نقطة أساس، إلى 750 نقطة أساس، ما يعني وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز»، أنّ كلفة اقتراض 10 ملايين دولار لمدّة 5 سنوات، بلغت 750 ألف دولار، بعدما كانت تتراوح بين 920 ألف دولار و950 ألف دولار.
وتعدّ الخطوة الإنقاذيّة التي قامت بها الحكومة الفدراليّة (أبو ظبي) من خلال ذراعها النقديّة، المصرف المركزي، حيويّة جداً لدبي التي تغرق في مستنقع فقاعة قطاع العقارات والاستثمارات في ظلّ الأجواء الخانقة للديون المستحقّة. وهذه الخطوة هي الثانية من نوعها التي تتمّ خلال 4 أيّام. فيوم الجمعة الماضي أمّنت مؤسّسة الاستثمار التابعة لدبي 2.3 مليار دولار لتغطية استحقاق قرض قيمته 3.4 مليارات دولار مستحقّة على شركة «بورصة دبي» لتهدئة المخاوف في السوق من عدم استطاعة الإمارة الخليجيّة تسديد التزاماتها.
وقد لجأت دبي إلى مساعدة حكومتها المركزيّة عندما تبيّن أنّ بيئة الإقراض العالميّة ليست مناسبة لتأمين السيولة المطلوبة لتغطية الديون. ولكن على الرغم من الصدى الإيجابي الذي لاقته عمليّة إصدار السندات (وهي بفائدة سنويّة تبلغ 4 في المئة)، غير أنّ محلّلين كثراً، استطلعت آراءهم وكالة «رويترز» يرون أنّ مبلغ الـ20 مليار دولار غير كاف لكي تواجه دبي مستحقّاتها الكبرى خلال العام الجاري.
وهذا الاعتقاد يسود نظراً إلى التوقّعات بأنّ الأسوأ لا يزال مرتقباً في منطقة الخليج، وتحديداً في دبي التي توجّهت منذ 6 سنوات إلى اعتماد نهج البذخ في تنفيذ المشاريع وخصوصاً في القطاع العقاري، فتمّ بناء أكبر برج في العالم ومجمّعات تجاريّة عملاقة والجزر الاصطناعيّة لشركة «نخيل».
ولكن الإجراء الذي اتخذه المصرف المركزي الإماراتي قد يكون أساسياً، إذ يؤمّن لهذه المؤسّسة النقديّة سيطرة جزئيّة على حركيّة القروض من خلال السندات التي يتحكّم بها، وخصوصاً أنّ عمليّات الإقراض شهدت منحى جنونياً في إطار النموّ الصاروخي في جميع العقارات، ما أدّى إلى تقويمات غير دقيقة لأداء السوق وقدرتها على تحمّل تبعات تضخّم مالي غير منطقي.
وقد تكون الحركة التصحيحيّة أصعب مما كان معتقداً، ليس فقط في دبي بل في منطقة الخليج بأجمعه. فعلى الرغم من تخصيص الحكومة المركزيّة 120 مليار درهم (32.6 مليار دولار) من أجل دعم سيولة المصارف وتحفيز الإقراض، إلّا أنّ فائدة الإقراض بين المصارف (Interbank Rate) تبقى مرتفعة وهي سجّلت 3.06 في المئة أمس.
(الأخبار)


استثمارات عقاريّة

فيما تعاني دبي لمعالجة تداعيات انفجار فقاعة قطاع العقارات فيها، أوضح تقرير أعدّته مؤسّسة «Future Brand»، أنّ قيمة المشاريع العقاريّة في منطقة الخليج العربي تبلغ 2.39 تريليون دولار. واللافت هو أنّ الاستثمارات الخليجيّة في السوق العقاريّة في دبي تجاوزت الـ5 مليارات درهم إماراتي (1.36 مليار دولار) في عام 2008، ما يشير إلى دور دبي في جذب المستثمرين ويركّز رتبة الإمارات على السلّم العالمي لبيع الأراضي، حيث تحلّ رابعة. وخلال العام الماضي، شكّلت عمليّات بيع الأراضي في الإمارات 5.8 في المئة من مجمل العمليّات العالميّة.