منذ عرضه الأوّل في مهرجان «ساندانس» الفائت، لم يتوقفGoing Clear: Scientology and the Prison of Belief عن إثارة الزوابع. الوثائقي الذي أخرجه الأميركي أليكس غيبني (1953)، وأنتجته شبكة HBO عن كتاب لورانس رايت، يتحرّى المسكوت عنه في كواليس المذهب الديني الغامض والمثير للجدل. يطارد الجانب المظلم منذ تأسيس «الكنيسة السينتولوجية» عام 1954 على يد الكاتب الأميركي ل. رون هوبارد، وصولاً إلى رئيسها الحالي دايفد مسكافيج. يكشف أساليب الكنيسة في استقطاب نجوم هوليوود من أمثال طوم كروز وجون ترافولتا، بل والتدخّل الوقح في حياتهم. يلتقي مسؤولين وأعضاء سابقين في الحركة، للحديث عن تجاوزات وعقوبات نفسية وجسدية بحق بعضهم. الكنيسة لم تكتفِ بالفرجة، بل نظّمت حملات صحافية وإعلانية، واصفةً الشريط بأنّه «دعاية كاذبة». غيبني من الوثائقيين المرموقين في الولايات المتحدة. المواضيع السجالية تروقه دائماً. شريطه Taxi to the Dark Side حول وسائل التعذيب الأميركية في أفغانستان والعراق وغوانتانامو، الحائز جائزة الأوسكار عام 2007، مثال صارخ على ذلك. بعد قراءة كتاب رايت، لم يتمكّن من مقاومة الإغراء.

شرع في الأفلمة بالاشتراك مع رايت نفسه في الإنتاج. أعاد البناء الدرامي، اعتماداً على مقابلات مع ثمانية سينتولوجيين سابقين، منهم المخرج الأوسكاري باول هاغيس والمسؤول الثاني في الكنيسة سابقاً مارك راثبون، وحبيبة جون ترافولتا السابقة سيلفيا تايلور. ادّعاءات الشريط صاعقة. ليس أقلّها تسبّب الكنيسة في انفصال طوم كروز عن نيكول كيدمان، لأنّها «مصدر محتمل للمشاكل». سبب ذلك يعود إلى تخصّص والدها في علم النفس الذي ترفضه الكنيسة بالمطلق، ما يجعل إخلاصها مثار شكّ دائم. لم تكتفِ المنظمة بالتجسّس على هاتف كيدمان، بل مارست ضغوطاً على كروز للتخلّص من زوجته. هذا ما حصل بالفعل عام 2001. في فلك المشاهير، يواصل الفيلم توليد العواصف. جون ترافولتا لا يستطيع الرحيل عن الكنيسة خوفاً منها. يبدو أنّهم «يعرفون أكثر من اللازم» عن حياته الشخصية. الضغط النفسي ليس الاعتداء الوحيد على الأتباع و«المؤمنين». هناك عقوبات تصل إلى الضرب والإهانة الفظّة. تنظيف الحمّامات باللسان إحدى الصور الكابوسيّة التي يرويها ضيوف الفيلم. يُضاف إلى كل ذلك، التسلّل إلى البنية التنظيمية للمذهب وأساليب انتشاره. مع حجم الممتلكات والتبرّعات الذي يتجاوز مليار دولار، تبدو «المنظومة» أقرب إلى شبكة تجارية مغلّفة بوجه ديني دكتاتوري. مع ذلك، يصرّ «بوضوح» على تراجع عدد أتباع الديانة إلى خمسين ألفاً حول العالم. بعد العرض، لاقى الشريط احتفاءً نقدياً كبيراً، بسبب الجرأة ومتانة البنية وسخونة الموضوع. السينتولوجيون ردّوا بعنف على مختلف الجبهات. حجزوا صفحات كاملة في «نيويورك تايمز» و«لوس أنجلس تايمز» لمهاجمة الشريط الذي وصفوه بـ«الدعاية الكاذبة». نشطوا على تويتر ومحرّكات البحث للترويج لردودهم، والنيل من ضيوف الفيلم: «المجموعة المعتادة من المهووسين الساخطين بسبب طردهم من الكنيسة قبل 30 عاماً بسبب مخالفاتهم. هؤلاء لديهم سجل موثق في اختلاق الأكاذيب من أجل المال». وصل الأمر بمسؤولي الكنيسة إلى مراسلة نقاد السينما، وهي سابقة غريبة في التعاطي الإعلامي. وثائقي HBO دليل آخر في صلب هدف الشريط: «كيف يمكن للإيمان الأعمى أن يتحوّل إلى سجن لصاحبه». يثبت أنّ التعصّب الفكري يمكن أن يظهر في أرقى الأوساط (لنتذكّر موجة الكابالا منذ بضع سنوات، مع مشاهير مثل مادونا وبريتني سبيرز). يؤكّد أنّ السينما تبقى السلاح الفعّال ضدّ كل ذلك.
Going Clear: Scientology and the Prison of Belief يُعرض على HBO يوم 29 آذار (مارس) الحالي، بعدما وصل إلى صالات مختارة قبل أيام.