هي أشبه بمتاحف افتراضية متنقلة عبر الأزمنة الجميلة، شبيهة بمتاجر الـ«أنتيكا» والقطع النفيسة. صفحات الزمن الجميل إن كانت لبنانية أو مصرية على فايسبوك تحتلّ حيّزاً عند المتابعين. هؤلاء، يهربون من ضجر مدنهم الصامتة، ويبدأون بتصفح هذه الصفحات التي تخطفهم قليلاً إلى فترات لم يعاصروها، أو ربّما أحبّوا أن يستذكروها.
بيروت القديمة، المدينة الجميلة قبل أن تخطف روحها الأبنية الشاهقة وتتغير معالمها العمرانية والطبيعية، نتصفح ماضيها عبر Old Beirut، وOld Lebanon، و«نوستالجيا»، و«أنتيكا»، وغيرها من الصفحات الرائجة على الموقع الأزرق التي تستقطب الآلاف.
فيها، تُنشر كنوز العاصمة وباقي المدن اللبنانية؛ لوحات فنية، زيتية بالتحديد، لبيروت الستينيات والسبعينيات. صور تتنوّع بين تلك النادرة بالأبيص والأسود، وأخرى تتلوّن مع مرور الوقت. ساحتا «البرج» و«النجمة» في وسط بيروت، ومدينة بعلبك عام 1860، إضافة إلى ملصقات أفلام قديمة عُرضت في العضر الذهبي للسينما اللبنانية. كلّها لا تلبث أن تقترن بعبارة «نادر/ة»، تدل على أنّنا أمام صور نفيسة يصعب الاستحصال عليها. هكذا، تبدأ رحلة العودة بالذاكرة إلى الوراء، من دون أن يخلو ذلك من الابتسامات والحسرة في آن واحد.
وللطوابع البريدية، والكوميكس، والرياضة، والإعلانات الترويجية الورقية القديمة حصّتها أيضاً. هذه الأخيرة عفوية وخفيفة الظل في طريقة ترويجها للسلع المختلفة. وبين الأبنية وحركة الباعة والناس، تخترق صور السياسيين اللبنانيين هذه الصفحات: الرؤساء بشارة الخوري، وصائب سلام، وكميل شمعون، وغيرهم. صور رجال السياسة خطفت لحظات معيّنة و«كشفت» تصرفاتهم خارج أروقة الاجتماعات والديبلوماسية.
هذا في العمران والسياسة. أما في ما يخص صور المشاهير وأسرارهم الحميمة في الأزمنة الجميلة، فيذهب بنا الخيار إلى صفحات مصرية. تاريخ السينما المصرية وأبرز وجوهها الأنثوية على وجه التحديد، وبينها فصول من حكايات العاشقين على الشاشة الكبيرة وأهم اللقطات التي سجلتها الكاميرات وقتها. وإلى جانبها، مقتطفات من حوارات سينمائية في المحروسة، أسهمت من خلال الأعمال التي تضمنتها في النهوض والتمرّد وخلق خطوط جديدة في أسلوب طرح المواضيع الحساسة. فنرى على سبيل المثال في صفحة Classic المصرية مشاهد من أفلام للراحلة فاتن حمامة بين الراحلة ومحمود ياسين في فيلم «الخيط الرفيع» (1971) والعبارة التي توجهت إليه بها: «يا ابن الكلب»، وهي «الشتيمة الأشهر في السينما العربية». وبين صور المشاهير وحكاياتهم، تتغلغل أسرارهم الصغيرة والشخصية؛ نرى الممثل عماد حمدي وزوجته آنذاك نادية الجندي في لقطة نادرة مع ابنهما «هشام» (الصورة)، فيما تتوالى أفيشات الأفلام البسيطة في تصاميمها وألوانها. ومن مصر إلى هوليوود وحسناواتها في فترة الستينيات والسبعينيات. صور تُظهر ضحكاتهن، وأبرز لحظاتهن خلف الكاميرات وأمامها، إضافة إلى أبرز صيحات موضة يومها.
على خط موازٍ، تنشط هذه الصفحات اللبنانية والمصرية اليوم في رثاء قافلة الفنانين الذين يرحلون عنّا من صباح إلى فاتن حمامة. تنتعش الذكريات والأمجاد من جديد، ويذهب زائر الصفحة في رحلة إلى أبرز محطاتهم الفنية والشخصية التي طبعت تاريخهم الحافل.