لم يكن للتغير البسيط في رقم العام قيمة تذكر. سنة 2014 تشبه سابقاتها إلى حد التطابق مع اختلاف بسيط في عدد القتلى وسيل الدماء الجارف بعدما تلفّحت سوريا بالأعلام السوداء والشعارات التكفيرية للمجرمين الجدد الذين قرروا إقامة «دولة الخلافة في العراق والشام». كان الحدث الإعلامي الأبرز هو الوفاق بين المعارض السوري والعضو السابق في الائتلاف كمال اللبواني، وبين سلطات العدو الإسرائيلي بعدما دعاها اللبواني إلى ضرب الجيش السوري قبل أن يزور لاحقاً «إسرائيل».
وقد تحدثت الإذاعات الإسرائيلية والقناة الثانية عن الزيارة وعن اللقاءات التي جمعته مع عدد من الوزراء. لم يمض هذا العام إلا بعد عدوان جديد على دمشق في الديماس وقرب مطار دمشق من دون أن يحرك هذا العدوان شيئاً لدى الكثير من المحطات والمواقع المعارضة التي تفرغت للسخرية من الجيش السوري وعدم تجرئه على الرد. على طرف آخر، لم يسجل الإعلام السوري إنجازات تذكر سوى محاولة قناة «تلاقي» دخول موسوعة «غينيس» من خلال برنامج بث مباشر استمر 70 ساعة حمل عنوان «من سورية مع الحب». هنا، استضافت المذيعتان أريج زيات ورين الميلع مجموعة كبيرة من الضيوف بإدارة المخرج الهمام البهلول. وقد أوضحت إدارة القناة بأن الهدف كان إيصال رسالة للعالم بأن سوريا مستمرة في الإنجازات والحضور المتميز. لكن الجمهور السوري انقسم على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد لهذه الخطوة على اعتبارها محاولة محفزة للاستمرار في الحياة، وبين معارض لها في ظل ما تعانيه دمشق من فقر ووضع مترد ومتأزم. مع ذلك، لاقت الخطوة ترحيب القيادة السورية عندما استقبل الرئيس بشار الأسد فريق البرنامج، فيما ظلّت فضيحة حرمان الفنيين من المكافأة المالية التي منحت لفريق البرنامج (تقدَّر بـ 20 ألف دولار أميركي) طي الكتمان. كذلك جرّب السيناريست فؤاد حميرة إنجاز مسلسل مخصص لليوتيوب بعنوان «نساء ورئيس»، لكنه توقف بعد الحلقة الثانية بسبب الانحدار والإسفاف الذي حملته المادة المقدمة بدعوى أنّها
كوميدية.
على صعيد الحملات الإعلانية، كان غريباً ما فعلته مؤسسة «الوعد الصادق» بحملتها الإنسانية لمداواة جرحى الجيش عندما اختارت الحذاء العسكري ليكون شعار حملتها الضخمة «لنداوي جراحكن»، ما أثار استياء الشارع السوري الموالي والمعارض على حد سواء.
ولم يتراجع السلوك القمعي بحق الصحافيين من قبل السلطات السورية. حتى المحطات الصديقة للنظام، لم تسلم من قرارات غريبة، إذ صدر قرار بمنع التغطية الميدانية إلا بعد موافقة وزارة الإعلام، وشمل حتى قناتي «المنار» و «الميادين»، إضافة إلى إيقاف طارق علي مراسل «الميادين» في حمص عن العمل بقرار من «الإدارة السياسية» بعد تغطيته المعارك التي دارت في «حقل الشاعر». ولا يزال مدير «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» مازن درويش ورفيقاه هاني زيتاني وحسين غرير قيد الاعتقال بعد رفض المحكمة شملهم ضمن قانون العفو الرئاسي. وتأجّلت محاكمتهم لأكثر من مرة من دون سبب، فيما تستمر المعارضة في خطف الناشطة رزان زيتونة ورفيقاتها من دون أن يعرف لهن أثر. وكعادتها طيلة سنوات الحرب، تحولت سوريا إلى قبر مفتوح لأهل الإعلام والصحافة. ولم يمض هذا العام إلا بعدما سقط عدد من الإعلاميين أثناء تغطياتهم الميدانية ومنهم مصور «الميادين» عمر عبد القادر في محافظة دير الزور، وفريق «المنار» في معلولا وهم حمزة الحاج حسن ومحمد منتش وحليم علوه.