الحسكة | لم يكن استهداف «المقاومة الشعبية» السورية، المدعومة من إيران، لعدد من قواعد «التحالف الدولي» (رميلان، خراب الجير، العمر، كونوكو)، في نهاية شباط الفائت، حدثاً عادياً لدى الولايات المتحدة. ذلك أن المقاومة استطاعت اختراق أنظمة دفاع جوّي أميركية متطوّرة، وقتلت جندياً وأصابت 6 آخرين، كما وصلت إلى مهبط المروحيات في حقل العمر. ومن هنا، أدركت واشنطن أن هذه النجاحات الميدانية ستدفع المقاومة حتماً إلى تطوير أساليب هجماتها، وربّما زيادة عديد قوّاتها أيضاً، خاصة أن المعلومات التي توافرت حينها أفادت بأن القصف في اتجاه «العمر» تمّ من محيط القاعدة في ريف دير الزور الشرقي الخاضع لسيطرة «قسد»، وهو ما يعني تمكّن المقاومة من الوصول إلى بُعد كيلومترات قليلة عن معاقل الأميركيين. كذلك، جاء قرار «جامعة الدول العربية» إعادة سوريا إلى عضويّتها، ليزيد في استفزاز الولايات المتحدة التي تخطّط حالياً لمضاعفة العقوبات على الحكومة السورية، من خلال السعي إلى إدخال «قانون الكبتاغون» حيّز التنفيذ، وتشديد الإجراءات ضدّ أيّ دولة عربية أو أجنبية تفكّر في التطبيع مع الدولة السورية.  وعلى خلفيّة تلك التطوّرات، بدأ الأميركيون استقدام أنظمة دفاع متطوّرة إلى قواعدهم، مستعينين أيضاً بمنظومة «هيمارس» القادرة على ضرب أهداف بعيدة المدى، إذا ما تَقرّر الردّ على أيّ محاولات هجومية جديدة، بهدف ردع نظائرها مستقبلاً، ومنع تكرار ما حصل نهاية شباط. وبالفعل، نقلت واشنطن صواريخ «هيمارس» إلى قاعدتَي العمر ورميلان، وهو ما أكّدته مجلّة «فوربس» الأميركية، لافتةً إلى أن «الولايات المتحدة بحاجة إلى قوة حماية تردّ بسرعة على التهديدات في سوريا، وهذا ما يوفّره نظام هيمارس بشكل فعّال»، موضحةً أن هذا الأخير «موجّه ضدّ المجموعات المدعومة من إيران، والتي استهدفت القوات الأميركية أخيراً». وأضافت المجلة أن «واشنطن تريد إرسال رسالة إلى موسكو وطهران ودمشق بأن أساليب التحرّش ضدّها لن تدفعها إلى سحب قواتها، وأن نشر هيمارس سيجعلهم في وضع غير متساوٍ». ولأن فعل المقاومة لم يَعُد مقتصراً فقط على إطلاق المسيّرات والصواريخ من مسافات بعيدة، إنما تَجاوزه إلى استهداف القواعد من مسافات لا تتجاوز الكيلومترين، فإن الأميركيين بدؤوا، منذ مدّة، بالتفكير في تشكيل قوّات محلّية تحرس محيط قواعدهم، وترصد أيّ حركة مشبوهة ضدّ قوّاتهم. ولذا، فقد أحيت الولايات المتحدة، أخيراً، فكرة ربط قاعدة التنف على مثلّث الحدود السورية - العراقية - الأردنية، بقواعدها الموجودة في شرق الفرات.
بدأ الأميركيون منذ مدّة بالتفكير في تشكيل قوّات محلّية تحرس محيط قواعده


وعلى رغم استحالة تطبيق ذلك في ظلّ الواقع الميداني الجديد في المنطقة، بعد مرور نحو ستّة أعوام على سيطرة الجيش السوري على طريق دمشق - بغداد، فالظاهر أن واشنطن تريد تصعيد الضغوط على دمشق وطهران، والتلويح بدعم تشكيل جماعات مسلّحة وتسليحها من أجل مهاجمة نقاط الجيش السوري، في حال استمرّ الحليفان في تحريك ودعم الهجمات ضدّ القواعد الأميركية. وفي هذا الإطار، تحدّثت وكالة «الأناضول» التركية عن أن «الجيش الأميركي يعمل على تنسيق التحرّك بين فصيل الصناديد وقسد وجيش سوريا الحرة، على مثلّث الحدود السوري - الأردني - العراقي ضدّ ميليشيات مدعومة من إيران»، مضيفةً أن «وفداً رفيعاً من الجيش الأميركي التقى ببندر حميدي الدهام الجربا، قائد قوات الصناديد في منطقة اليعربية في محافظة الحسكة شرقي سوريا، واستمرّ اللقاء لنحو ساعة ونصف ساعة»، متابعةً أن «القادة العسكريين الأميركيين طلبوا من قوات الصناديد أن تتحرّك بالتنسيق مع جيش سوريا الحرة في منطقة التنف، في إطار التدابير المتَّخذة ضدّ جماعات أجنبية مدعومة من إيران وضمان أمن الحدود».
من جهتها، توضح مصادر «الأخبار» أن «التحرّكات الأميركية لا تزال أوّلية وإعلامية، وغايتها الأساسية الضغط على المقاومة الشعبية، والتهديد بإشغال الجيش السوري والمجموعات الرديفة في معارك جانبية مع قوّات لا تملك أيّ ثقل ميداني على الأرض، وعلى رأسها ميليشيات جيش سوريا الحرة وجيش مغاوير الثورة، والتي تعاني أصلاً انقسامات داخلية، وعديدها غير كافٍ لخوض معركة ولو صغيرة ضدّ الجيش السوري، مهما ارتفع مستوى الدعم الأميركي المقدَّم لها». وإذ تلفت إلى أن وجود هذه الميليشيات في منطقة التنف غرضه «تأمين غطاء لاحتفاظ قوات الاحتلال الأميركي بقاعدة لها في المنطقة، وعرقلة استعادة الدولة السورية لكامل أراضيها، بما فيها معبر التنف المهم»، فهي تستبعد «تورّط الصناديد في أيّ نشاط ضدّ الجيش السوري، خاصة أن شيوخ قبيلة شمر يملكون علاقات متّزنة مع دمشق وموسكو وحتى طهران»، مبيّنةً أن «المعروف عن الصناديد أنها قوى تشكّلت لحماية قرى قبيلة شمر على الحدود، ومن المستبعد انخراطها في أيّ أنشطة مشبوهة تمسّ وحدة وسلامة الأراضي السورية، وتهدّد الدولة السورية». وتتابع المصادر أن «الصناديد حاربوا داعش بشكل فاعل، لأنه عدو لكلّ الشعب السوري، ولن يكونوا شركاء في أيّ اصطفاف سياسي أو عسكري بعيداً من هدفهم الرئيس المتمثّل في محاربة داعش».