لن يكون مفاجئاً، لو صارت السعودية، قريباً، عضواً في منصّة أستانا
وبحسب مصادر متابعة، فإنه «لن يكون مفاجئاً، لو رأينا السعودية قريباً عضواً في منصّة أستانا، إلى جانب روسيا وتركيا وإيران»، مع ما يعنيه ذلك من مساهمة سعودية في الحلّ السوري. وفي المقابل، ترى هذه المصادر، أن «سوريا قد تجد طريقها للعودة إلى لعب دورها الإقليمي، من البوابة السعودية»، حيث سيكون بين الدولتَين اتفاق «مراعاة المصالح القومية، بحيث تراعي سوريا مصالح السعودية في سوريا وملفّات أخرى، بينما تراعي السعودية المصالح السورية في ملفّات في المنطقة، مثل الملف اللبناني بشكل خاصّ». وعلى الرغم من أن المشهد العام في جدة، كان إيجابياً بالنسبة إلى سوريا، إلا أن الواقعية، وعشرات التجارب السابقة، تفرض نظرة حذِرة إلى تطوّر «المسار العربي» تجاه سوريا. حيث إن النقاط التي وردت في قرارات مجلس الجامعة، لم تناقش آليات واضحة وبرامج وخططاً مُفترضة للحلّ. وقد وردت في القرارات عبارة «ضرورة اتّخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرّج نحو حلّ الأزمة»، وهو ما يذكّر بالمبادرة القديمة ــــ الجديدة، والتي أُعيد طرحها في اجتماع عمّان مطلع الشهر، وهي «خطوة مقابل خطوة»، علماً أن هذه الأخيرة لا تلقى قبولاً كاملاً لدى القيادة السورية، وتحتاج إلى نقاش معمّق في كلّ خطوة ومقابلها.
لكن في صورة أوسع، فإن كلّ هذا المسار التصالحي بين سوريا وبعض الدول العربية، كان وليدَ مجموعة كبيرة من المتغيّرات الدولية والإقليمية، الخارجة عن سيطرة وربما تأثير أيّ من المجتمعين في جدّة أمس. ذلك أن احتدام الصراع الدولي بين روسيا والغرب، وانفجاره في أوكرانيا، وبين الصين والولايات المتحدة، وأيضاً بين إيران والغرب، كان لا بدّ أن يترك أثره البالغ على مجمل المشهد في المنطقة. وكانت بداية هذا المسار، في قناعة حلفاء واشنطن في المنطقة بضرورة تنويع الشراكات، وفي مقدّمة هؤلاء السعودية، التي انكَوت بنار تراجع النفوذ الأميركي، بعد الهجوم على منشآت «أرامكو» عام 2019. وبعد نحو شهر واحد من اندلاع الحرب في أوكرانيا العام الفائت، دشّنت الخارجية السعودية حملة لإقناع الدول العربية الحليفة، بضرورة إجراء مراجعة للمواقف الخارجية تناسباً مع المتغيّرات الدولية المستجدّة. لكن أيّ نقاش في ما جرى، لا يجب أن يتجاوز حقيقة جوهرية، وهي أنه بينما كان «الكونغرس» الأميركي قبل أيام، يذكّر بقانونَي «قيصر» و«الكبتاغون»، الراميَين إلى حصار سوريا وتجويعها، وبينما تَصدر البيانات تلو الأخرى عن الخارجية الأميركية و«البيت الأبيض»، حول «عدم» دعم واشنطن لمسار عودة العلاقات العربية - السورية، كان وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، يرعى «حفل» إعادة سوريا إلى مقعدها في «الجامعة العربية»، مع ما يعنيه التزامن من تحوّلات غير خافية في السياسة الخارجية السعودية، وفي شكل العلاقات السياسية والاقتصادية في المنطقة، علماً أن ابن سلمان يقدّم نفسه على أنه الرجل الذي «أنهى» الحرب (على سوريا)، والتي بدأها غيره.