يسعى أعضاء في الكونغرس الأميركي إلى تمرير قانون جديد يمنح الولايات المتحدة أدوات ضغط إضافية للجم موجة التطبيع مع دمشق. ويجري ذلك على رغم اشتغال الأردن على مبادرته لحلّ الأزمة السورية، في موازاة محاولات لدمجها بخطّة المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون (خطوة مقابل خطوة المدعومة أميركيّاً). ويحاول القائمون على مشروع القانون المذكور، والذي تمّ الإعداد له بالتعاون مع «التحالف الأميركي من أجل سوريا» (يضمّ 9 منظّمات تعمل في الولايات المتحدة، ويديرها أميركيون من أصول سورية)، المضيّ فيه قُدُماً على الطريق الذي سار عليه «قانون قيصر» و«قانون الكبتاغون». وتتضمّن مسودة القانون الذي يدور بمعظمه حول عدم اعتراف واشنطن بأيّ حكومة سورية يقودها الرئيس بشار الأسد، بنوداً أخرى للتضييق على الدول التي طبّعت علاقاتها مع سوريا، وتلك التي تحاول (تركيا)، عن طريق عرقلة أيّ تعاون اقتصادي مع الحكومة السورية: الخطط الساعية إلى إعادة الإعمار، وتأهيل البنى التحتية في المناطق المدمّرة كخطوة أولى لإعادة اللاجئين السوريين. ويعني ما تقدَّم أن ثمّة محاولات للإبقاء على الوضع الراهن، واستمرار استعمال قضيّة اللاجئين كورقة ضغط سياسية، لا سيما وأن المشروع يتضمّن بنداً واضحاً ينصّ على مراقبة أيّ تحويلات مالية تزيد قيمتها على 50 ألف دولار إلى سوريا، كما يتضمن بنوداً توسّع من آليات «قيصر».التصعيد الأميركي الذي يأتي في موازاة استعداد الرياض لاستضافة القمّة العربية التي يُنتظَر أن يحضرها الأسد، والمفاوضات السورية - التركية في إطار «الرباعية» (تضمّ إلى البلدَين المذكورين كلّاً من إيران وروسيا)، يعيد إلى الأذهان تحرّكات عديدة مشابهة قامت بها واشنطن، خلال سنوات الحرب، لعرقلة مسارات حلّ الأزمة السورية. ويأتي أيضاً ليزيد من حضور المعارضة السورية الناشئة في واشنطن، والتي تحظى بدعم الخارجية الأميركية، كبديل ممكن للمعارضة المشتّتة التي تحاول قطر سحبها تدريجاً من تركيا بالتوازي مع محاولة أنقرة الانفتاح على دمشق، للتخلّص من عبء الملفّ السوري بما يحتويه من قضايا عدة، أبرزها قضيّة اللاجئين. وتعتبر هذه الأخيرة أحد أبرز محرّكات المبادرة الأردنية، والتي يتطلّب حلّها عمليّة إعادة تأهيل وإعمار، يحاول مشروع القانون الأميركي الجديد كسْرها.
يطلب مشروع القانون الإطلاع على محاضر جميع اللقاءات التي تمّت بين دمشق والعواصم التي طبّعت معها


ويبدو لافتاً، كما يَرد في مسودة مشروع القانون، الذي يستمر على مدى خمس سنوات، طلَب الاطّلاع على محاضر اللقاءات التي تمّت بين دمشق والعواصم المطبّعة، بما فيها الإمارات ومصر، بالإضافة إلى محاضر اللقاءات السورية - التركية، وفرض عقوبات على المطارات التي هبطت فيها الطائرات السورية، في تهديد مباشر لدور الإمارات في الملفّ السوري، كونها تعتبر أحد أهم عقد النقل الجوي. وعلى رغم التصعيد الكبير الذي يتضمّنه مشروع القانون، تبقى مسألة تطبيقه من عدمه، أو تجاهل بعض بنوده حتى في حال إقراره، متعلّقة بالبيت الأبيض والرئيس الأميركي الذي تنتهج حكومته سياسة غير حاسمة إزاء الملفّ السوري: من التردّد الذي أظهره لدى تولّيه منصبه حيال الوجود العسكري الأميركي في سوريا، إلى الإعلان عن تفهُّم حركة التطبيع القائمة على رغم معارضتها، بالتوازي مع محاولات تضييق الخناق على دمشق عبر سلسلة طويلة من العقوبات لم تحقّق، إلى الآن، إلّا مزيداً من النزيف الاقتصادي، وتراجعاً مستمرّاً في مستويات معيشة السوريين الذين يرزحون تحت خطوط الفقر وانعدام الأمن الغذائي والصحي.