أنهى آلاف الطلاب والطالبات تقديم امتحانات الشهادات العامة الأساسية والثانوية في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، رغم منع الأخيرة تدريس المناهج الحكومية نهائياً في مناطقها، مع عقوبات صارمة بحق المدرسين المخالفين للقرار، فيما لم تشهد الامتحانات العامة التي نظّمتها «الإدارة الذاتية» إقبالاً كبيراً من الطلاب.
يتمسّك أكثر من 20 ألف طالب وطالبة، من طلاب الشهادات العامة الثانوية والأساسية، بدراسة المناهج الحكومية، متجاوزين عشرات الحواجز التي تسيطر عليها «قسد»، للوصول إلى مراكز الامتحانات الحكومية في مدينتي الحسكة والقامشلي.

وكانت «الإدارة الذاتية» التابعة لـ«قسد» قد أعلنت إنهاء التعليم بالمناهج الحكومية العام الفائت، بعد أن أقرّت مناهج خاصة بها منذ العام 2014، بدأت بتطبيقها تدريجياً وصولاً إلى منعها التدريس بالمناهج الحكومية للسنوات كافة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي.

القرار ترك آثاراً سلبية بارزة، ما تسبّب في احتجاج الأهالي بعد إغلاق «الذاتية» لأكثر من 1200 مدرسة حكومية، واقتصار التعليم الحكومي على أقلّ من 200 مدرسة، يجري فيها تدريس المناهج الحكومية في مدينتي الحسكة والقامشلي، وجزء من الأرياف.

أحد هؤلاء الطلاب الذي يعيشون في المنطقة التابعة لـ«الإدارة الذاتية»، يُدعى لوند، يضطر إلى قطع مسافة 350 كيلومتراً من ريف مدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي، للوصول إلى مركز الامتحانات في مدينة الحسكة، من أجل تقديم امتحان الشهادة الثانوية الحكومية.

لوند، الذي التقته «الأخبار»، قال إن الأهالي والطلاب «يعانون» من «إلزامهم بالتعليم بمناهج الإدارة الذاتية، ومنع تدريس المناهج الحكومية، ومحاسبة أي معلم يخالف ذلك».

ووفق لوند، يشعر آلاف الطلاب في منطقة عين العرب وأريافها بـ«الحرمان، مع وجود مخاوف من انتشار الجهل والأمّية، في ظلّ عدم قدرة الطلاب على الحصول على تعليم مُعترف به داخلياً على الأقل».

وأوضح لوند أن «العديد من الطلاب توجّهوا إلى حلب، وآخرين إلى الحسكة، لمواصلة التعلم بالمنهاج الحكومي، كتأكيد لتمسّكهم به، ورفض أي مناهج قسرية».

ومن هؤلاء الطلاب، إبراهيم، الذي جاء من ريف الرقة إلى الحسكة، من أجل تقديم امتحانات الشهادة الثانوية في مركز «مدرسة الأندلس»، للمرة الثانية، في محاولة لتحسين نتيجته هذا العام، بهدف الوصول إلى كلّيتي الطب أو الصيدلة.

وعن سبب تكبّده هذا العناء، يشرح إبراهيم لـ«الأخبار»، أن «الشهادة الحكومية شهادة معترف بها، وتخوّل دارسها الوصول إلى الجامعة داخلياً، أو أي جامعة أخرى في بلد أجنبي»، مشيراً إلى أن «الأوضاع المادّية منعت الكثير من الطلاب من متابعة تحصيلهم العلمي، والوصول إلى مراكز الامتحانات الحكومية».

بدورها، تقول مديرة التربية (التابعة للحكومة السورية) في الحسكة، إلهام صورخان، لـ«الأخبار»، إن «المديرية اتخذت إجراءات عديدة لضمان حق الطلاب في تلقي التعليم من خلال إقرار منهاج (الفئة ب)، والتعليم الذاتي والمنزلي، والسماح للطلاب بتقديم الدراسة الحرّة بعد اجتياز الاختبارات الأولية».

وأضافت: «تمّ تركيب أكثر من 120 غرفة صفّية مسبقة الصنع، مع استخدام عدد من الأبنية الحكومية كمدارس، لتعويض النقص الحاصل في أعداد المدارس».

واعتبرت صورخان أن «وصول آلاف الطلاب إلى مراكز الامتحانات للشهادات العامة، هو تأكيد شعبي على التمسك بالدراسة بالمناهج الحكومية».

وفي موازاة ذلك، أعلنت «الإدارة الذاتية» تنظيم امتحانات للشهادات العامة الأساسية والثانوية للمرة الأولى في مناطق سيطرتها في الجزيرة السورية، وفق منهاج خاص بها باللغتين العربية والكردية.

وحول ذلك، اعتبر عضو «الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي»، ألدار خليل، أن «الامتحانات التي جرت في روج آفا باللغة الأمّ للمرة الأولى في التاريخ، إنجازٌ ومكسب تاريخيّ لشعبنا وثورتنا في سوريا».

في المقابل، وُوجه القرار بانتقادات من قيادات «المجلس الوطني» الكردي، وقيادات كردية أخرى، لكونه «خطوة غير قانونية، ولا تلقى أي اعتراف حكومي أو خارجي».

ووفق «الإدارة الذاتية»، شهدت المراكز التحاق نحو 4 آلاف طالب وطالبة. وتعلّق صورخان، على ذلك، بالقول: «لا اعتراف حكومياً إلّا بالمناهج الحكومية، التي هي وحدها من تخوّل الطلاب متابعة تحصيلهم العلمي الجامعي»، مطالبةً بـ«تدخّل المنظمات الدولية المعنية لتحييد التعليم عن الصراعات السياسية، وحفظ حقوق الطلاب في تلقي التعليم الحكومي».