كانت المدينة مركزاً متقدّماً لاستقطاب إرهابيّي «داعش» من حول العالم
ويرى أبو عبد الله، الذي لم يغادر المدينة إلّا لأشهر قليلة، قبل أن يعود إليها مع سيطرة «قسد» عليها في نهاية عام 2017، أن «الدمار الأكبر للمدينة حصل خلال الشهرين الأخيرين من حملة التحالف الأميركي عليها». ويروي، لـ»الأخبار»، أنه كان «شاهداً على القصف الذي استهدف كلّ البنى التحتية والخدمية، بشكل ممنهج، ما أدّى إلى تدمير كلّي للبنى التحتية، وألحق الضرر والدمار بغالبية المباني السكنية». ويلفت إلى أن «أطناناً من القنابل والصواريخ أُلقيت على الرقّة في فترة قصيرة، حوّلتها إلى مدينة منكوبة تشبه الصور التي كنّا نشاهدها في هيروشيما اليابانية». ويضيف ابن حيّ الرميلة إن «نحو ربع سكّان المدينة مِمّن كانوا يقطنونها قبل الحرب، عادوا إليها على أمل أن يعوّض التحالف الدولي الأهالي، ويساعدهم في إعمار مدينتهم، لكن هذا ما لم يحصل أبداً». ويؤكد أبو عبد الله أن «التحالف ارتكب جرائم حرب بحق الرقّة وأهلها، وترَكها مدينة من ركام». وعلى رغم أن الكثير من الصحافيين الأجانب الذين زاروا المدينة خلال فترة هجوم «التحالف» عليها، رجّحوا أنها لن تكون صالحة للعيش لسنوات طويلة مقبلة، إلّا أن أهالي الرقة لا يزالون يتحدّون كلّ تلك التوقُّعات، ويحاولون إعادة بناء منازلهم، على أمل تجاوُز الذكريات السوداء التي عاشتها مدينتهم، طوال السنوات الماضية. وبالفعل، شهدت المدينة خلال العام الفائت عودةً ملحوظة للكثير من سكّانها الذين أعادوا ترميم منازلهم، مع تجدُّد جزئي للنشاط الاقتصادي والتجاري والزراعي فيها.
وتَصِف أم إبراهيم واقع الرقّة الحالي بأنه «صعب في ظلّ الغلاء الكبير الذي تشهده المدينة»، مستدركةً بأن «تمسّك الأهالي بالحياة دفع الكثيرين منهم إلى إعادة ترميم منازلهم المدمّرة، من دون أيّ مساعدة من أحد»، مضيفة: «وحدها بعض المنظّمات الدولية والأهلية شجّعت السكّان على العودة من خلال إزالة الأنقاض، وفتح الطرقات، ورفع الجثث من بين الركام». وتروي السيّدة، لـ»الأخبار»، أنها «بقيت أسبوعاً كاملاً لا تستطيع النوم بعد عودتها إلى المدينة، كونها كانت تنام في غرفة لم يطلها الدمار في منزلها المدمّر والمحاط برائحة الدماء من كلّ مكان». وتختم حديثها بالقول: «لم نكن نتمنّى أن ترى الرقّة كلّ هذا الألم والأسى، لكنه قدر مكتوب عليها»، متمنّية أن «تنتهي الحرب، وتعود الرقّة مدينة تعيش حياتها الهادئة على ضفاف نهر الفرات، بعيداً عن أيّ صراعات سياسية أو عسكرية»، معبّرة عن تفاؤلها «بالأنباء المتداولة عن اتفاق قريب بين قسد والدولة السورية».
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا