بدا ريفا إدلب وحلب، يوم أمس، أكثر هدوءاً مما كانا عليه في الأيام الماضية. إذ، على رغم متابعة الجيش السوري عملياته في ريف حلب الغربي، في مسعاه إلى توسيع طوق الأمان حول الطريق الدولي حلب ــــ حماة (M5)، إلا أن الجبهات لم تشهد عمليات عسكرية كبيرة، وخصوصاً من جهة المسلحين وداعميهم الأتراك، الذين لم يقوموا بأيّ تحرّك أمس، باستثناء قصف القوات التركية بصواريخ صغيرة مواقع للجيش السوري على جبهة كفرحلب في ريف حلب الغربي، من دون الإبلاغ عن إصابات. وسيطر الجيش السوري، أمس، على منطقتَي جمعية المهندسين 1 وجمعية المهندسين 2، وقريتَي كفرجوم وأورم الصغرى في ريف حلب الجنوبي الغربي، بعد معارك مع الفصائل المسلحة.وانسحب الهدوء الميداني على التخاطب السياسي بين الأطراف المتنازعة، وخصوصاً بين موسكو وأنقرة. وبعد أيام حافلة بالتصريحات الحادّة الصادرة عن مسؤولين وسياسيين أتراك، دعت موسكو، أمس، إلى «الحفاظ على ضبط النفس والتخلّي عن التعليقات الاستفزازية» حول التسوية السورية، مشيرة إلى أن «موسكو على اتصال دائم مع أنقرة في إطار صيغة أستانا»، وأنها «تؤيّد التنفيذ الكامل لمذكرة سوتشي حول استقرار الوضع في إدلب». وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «(إننا) تلقّينا بالدهشة تصريحات زعيم حزب الحركة القومية التركي، دولت باهتشيلي، يوم 11 شباط الجاري، والتي حاول فيها تحميل روسيا والحكومة السورية مسؤولية مقتل العسكريين الأتراك في سوريا، ودعا قيادة بلاده إلى إعادة النظر في العلاقات الروسية ــــ التركية».
دعت موسكو أنقرة إلى الحفاظ على ضبط النفس والإبتعاد عن الإستفزاز


وتتمسّك موسكو برؤيتها لما يجري في إدلب وحلب، عادّة إياه نتيجة لتلكّؤ الجانب التركي في تنفيذ تعهّداته المنصوص عليها في «اتفاقات سوتشي وأستانا». وفي هذا السياق، نبّه المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إلى أن «الكرملين لا يرى نزاعاً في ما يحدث في إدلب، بل هو محاربة القوات المسلّحة السورية للإرهاب على أرض بلادها». وأضاف بيسكوف إن «الحديث لا يدور حول نزاع، بل حول عدم تنفيذ اتفاقات سوتشي، وحول الالتزامات التي أخذتها الأطراف على نفسها وفق الاتفاقات». وغداة انتقادات موسكو الحادّة لأنقرة، توعّدت تركيا، أمس، بـ«ضرب الجهاديين في محافظة إدلب السورية إذا لم يحترموا وقف إطلاق النار في هذه المنطقة». وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إنه «سيتمّ استخدام القوة في إدلب ضدّ من لا يحترمون وقف إطلاق النار، بمن فيهم المتطرفون». وتابع: «سنرسل وحدات إضافية لإرساء وقف إطلاق النار مجدداً، والتأكد من أنه سيستمرّ». كذلك، وفي سياق مساعي التهدئة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن «رئيس هيئة الأركان الروسية بحث مع نظيره التركي هاتفياً الوضع في إدلب».
في المقابل، واصلت الولايات المتحدة محاولاتها تسعير الخلاف بين روسيا وتركيا، مُركّزة على دعمها تحرّكات أنقرة في إدلب. وفي هذا الإطار، أعلن المبعوث الخاص للخارجية الأميركية في شأن سوريا، جيمس جيفري، أمس، أن بلاده «تنظر في سبل تقديم الدعم لتركيا في إدلب في إطار حلف الناتو، والأولوية هنا هي لتزويد العسكريين الأتراك بمعلومات استخبارية ومعدات عسكرية»، مستدركاً في حديث تلفزيوني أثناء الزيارة التي يقوم بها إلى تركيا حالياً بأن «الحديث لا يدور، حتى الآن، عن دعم أنقرة عن طريق إرسال جنود أميركيين إلى منطقة النزاع». واستبعد جيفري احتمال اندلاع نزاع واسع النطاق في الساحة السورية بمشاركة الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإسرائيل، معتبراً أن هؤلاء «اللاعبين الكبار يتوخّون أقصى درجات الحذر في تحركاتهم». وأشار إلى أن واشنطن وأنقرة تتفقان على العديد من النقاط حول إدلب، مؤكداً «حق تركيا في حماية أمنها وحدودها».