ويبرز أن هناك مدة زمنية لإنجاز هذا البند من الاتفاق، وهو ما قد يترك الأمور مفتوحة لخوض معارك لاحقة لإنفاذه على حساب الفصائل التي قد تعترض على تطبيقه. ومع إعطاء هذه الفرصة الجديدة، التي ستختبر حجم النفوذ الحقيقي التركي في إدلب، ينتظر أن تسخّر أنقرة كل إمكاناتها المتاحة للالتزام بتنفيذ تعهداتها، لأن الخيارات الأخرى تصبّ كلها في الجانب العسكري.
أكدت موسكو موافقة دمشق على «الخط العام» لاتفاق المنطقة «المنزوعة السلاح»
من جهة أخرى، تشير تفاصيل الاتفاق وآلية إعلانه إلى أنه جاء في ختام مسار طويل كانت «قمة طهران» واحدة من محطاته؛ وهو ما يثير تساؤلات بشأن غياب الجانب الإيراني عن اجتماع اليوم والتوقيع على مذكرة التفاهم العسكرية، خاصة في ضوء التصريحات المتكررة من مسؤولين إيرانيين في شأن عدم مشاركة أي قوات إيرانية في العمليات في إدلب وغيرها واقتصارها على الجانب الاستشاري، إلى جانب التأكيد الروسي على موافقة دمشق «على الإطار العام» لاتفاق المنطقة «المنزوعة السلاح» الأخير. وهنا يمكن الإشارة إلى أن بنود الاتفاق تتقاطع مع ما رشح سابقاً عن كواليس «اتفاق أستانا» الذي قسّم مناطق سيطرة الفصائل المسلحة حينذاك إلى ثلاثة قطاعات، كان أوسطها (بين الطريق الدولي حلب ـــ حماة وسكة القطار) يخضع لنفوذ روسي ـــ تركي مشترك فقط، على أن تُطرد التنظيمات الإرهابية منها. ومن شأن غياب إيران عن التوقيع الرسمي لمذكرة التفاهم الرسمية أمس، برغم وجود «نقاط مراقبة» لعدد من قواتها في محيط خطوط التماس، أن يساعد في عزل ملف إدلب عن حملة الضغط الدولي ضد «الوجود الإيراني» في سوريا، ويتركه خاضعاً لإطار تفاهمات «ضامني أستانا». على مسار آخر، سوف تعمل روسيا جاهدة لدفع مبادرة «اللجنة الدستورية»، مستفيدة من الهامش الواسع الذي منحته لأنقرة في ملف إدلب، ربطاً بالدور التركي الواسع في تشكيلة مرشحي «هيئة التفاوض» المعارضة إلى عضوية تلك اللجنة.
عدوان صاروخي على اللاذقية
هذه التطورات التي بدأت منذ انتهاء العمل العسكري في الجنوب السوري، والتي تهدف إلى وضع قواعد لضبط التوتر في سوريا، ترافقت مع توسيع إسرائيل حجم وتواتر اعتداءاتها على مواقع حكومية سورية، خاصة المرتبطة بتنمية قدرات الجيش الاستراتيجية. فبعد اعتداءات متكررة في محيط دمشق وغارات استهدفت مواقع جديدة في الساحل السوري وحماة، شهدت اللاذقية أمس عدواناً صاروخياً استهدف أحد المواقع في محيط المدينة الجنوبي. ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن «وسائط الدفاع الجوي تصدت لصواريخ معادية قادمة من عرض البحر» من دون أن يحدد مصدر تلك الصواريخ، مضيفاً أن العدوان استهدف «مؤسسة الصناعات التقنية».
ونفى متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أن تكون قوات بلاده مسؤولة عن الضربات الصاروخية.
وأشارت مصادر محلية إلى أن الانفجارات الناجمة عن العدوان وقعت في محيط المنطقة الصناعية (بجانب طريق اللاذقية ـــ حلب) قرب مستودعات تتبع مؤسسة «الإسكان العسكري»، كما رصد إطلاق عدد كبير من صواريخ الدفاع الجوي والمضادات الجوية في سماء كل من اللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس، إلى جانب ريفي حماة وحمص الغربيين، من دون أن يسجل أي استهداف أو انفجار (أرضي) في غير اللاذقية، في حين أفيد عن إسقاط طائرة مسيرة في سماء ريف طرطوس.
ووفق المعلومات المتوافرة، لم تنخرط منظومتا الدفاع الجوي الروسيتين «إس 300» و«إس 400» اللتين تغطيان القاعدتين، الجوية في حميميم والبحرية في طرطوس، في التصدي لأي من الصواريخ، وذلك رغم مشاركة قطعات دفاع جوي داخل قاعدة حميميم في الاشتباك الجوي. كذلك، سجلت إصابة عدد من الأشخاص في اللاذقية، ونقلوا إلى أحد المستشفيات القريبة من موقع الاستهداف، فيما تسبّب القصف في تضرر خطوط نقل الكهرباء إلى مدينة اللاذقية وانقطاع جزئي للتيار الكهربائي.