عقب مرور ستة أسابيع على بدء العمليات التي يقودها «التحالف الدولي» ضد «داعش» في البلدات الواقعة ضمن الوادي الشرقي لنهر الفرات، جاء الإعلان أمس عن بدء مرحلة ثانية تستهدف السيطرة على مناطق وجود التنظيم في ريف الحسكة الجنوبي وريف دير الزور الشرقي، والمحاذية لحدود العراق. المرحلة الأولى التي تضمنت تكثيفاً للقصف المدفعي والجوي، ومشاركة من سلاح الجو العراقي، لم تسفر عن نتائج على الأرض، سوى سيطرة «التحالف» على قرية الباغوز، فيما فشلت محاولاته الدخول إلى بلدة هجين. وفي الوقت نفسه، تسبب القصف الكثيف على بلدات دير الزور والحسكة، باستشهاد أكثر من 70 مدنياً، منذ مطلع أيار الماضي، وفق مصادر محلية. وأوضحت هذه المصادر أن أكثر من 50 مدنياً في ريف الحسكة الجنوبي سقطوا جراء ضربات «التحالف»، بينهم 27 في قرية الفاضل، و24 في قرية ذيب هداج، واثنان آخران في قرية حسن آل علي، فيما استشهد 22 مدنياً في مجازر مماثلة في بلدتي الباغوز وهجين. ومع دخول المعارك «مرحلتها الثانية»، لا يزال «داعش» يحافظ على وجوده في الجيب الممتد من جنوب بلدة الهول في ريف الحسكة وحتى الريف الشمالي لمدينة البوكمال. ولم تفلح كل محاولات «قوات سوريا الديموقراطية» في دخول هجين، معقل التنظيم الرئيسي في جيبه الأخير على ضفاف الفرات، ما دفع «التحالف» نحو التركيز على ريف الحسكة الجنوبي الشرقي، في محاولة لإحداث خرق يمكّنه من السيطرة على منطقة تل الشاير الاستراتيجية، وربط مناطق سيطرة «قسد» بنقاط الجيش العراقي. وعلى الضفة المقابلة من الفرات، صد الجيش السوري هجوماً شنه «داعش» على مواقع متعددة في ريف البوكمال. وأوضح مصدر عسكري أن «التنظيم شن هجمات على مواقع الجيش في جسر الحسرات ومحيط حقل الحمّار والجلاء، وتم صد الهجمات وإعادة معظم النقاط إلى ما كانت عليه قبل الهجوم».
صد الجيش السوري هجوم «داعش» في ريف البوكمال

وعلى صعيد آخر، أثارت زيارة وفد من «الجبهة الديموقراطية السورية» إلى مدينة القامشلي، ولقاؤه عدداً من ممثلي الأحزاب السياسية الناشطة هناك، جدلاً حول ارتباط توقيتها بتصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، حول انفتاح دمشق على حوار مع الأطراف الفاعلة في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية». والتقى الوفد عدداً من الشخصيات السياسية، بينها رئيس «ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺪﻳﻤوﻘﺮﺍﻃﻲ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻲ ﺍﻟﻜﺮﺩﻱ» عبد الحميد حج درويش، الذي يبدو مرشحاً للعب دور هام في أي مفاوضات أو حوار بين الحكومة السورية والقوى الكردية، نظراً للقنوات المفتوحة بينه وبين الجهات الرسمية السورية، وللتقدير الذي يلقاه من معظم الأحزاب الكردية. وفي حديث إلى «الأخبار» اعتبرت الناطقة باسم «الجبهة الديموقراطية» ميس كريدي، أن «الهدف من الزيارة هو البحث عن حل سوري ــ سوري، وتوافق سياسي»، مشيرة إلى أن تزامنها «بالصدفة» مع تصريحات الأسد الأخيرة هو «مؤشر مهم، يعكس التعاطي الإيجابي للسلطة مع فكرة الحوار... ونحاول استثمار هذه الفكرة لدفع العملية السياسية». وأشارت مصادر من داخل الوفد، إلى أن الزيارة تأتي في «إطار الانفتاح السياسي من قوى معارضة الداخل باتجاه القوى الكردية، للتمهيد إلى إدخالها في حوار مع كل مكونات المجتمع السوري، بما يمهد الطريق لاحقاً للحوار مع الحكومة».
وفي تعقيب على الزيارة وتوجه دمشق المعلن، رأى عضو «مجلس سوريا الديموقراطية»، نصر الدين إبراهيم، أن «المجلس وأحزابه يراهنان منذ بداية الأزمة على الحل السياسي، وهما منفتحان على أي حل سياسي، أو أي حوار مع كل القوى السورية». واعتبر أن «الحل في سوريا متوقّف على توافقات كبرى بين الجانبين الأميركي والروسي، والتي ستكون المخرج لإنهاء الحرب في البلاد». وكشف ابراهيم في حديث إلى «الأخبار» أن «الحكومة رفضت طلباً روسياً لمناقشة وثيقة الأحزاب الكردية التي زارت (قاعدة) حميميم العام الفائت، لكون الوثيقة كانت تطالب بتطبيق النظام الفيدرالي على عموم الجغرافية السورية، وهو مشروع رفضت السلطة حتى مناقشته». وفي الوقت نفسه، لفت إلى أن «التواصل لم ينقطع بين الحكومة والقيادات الكردية. والحوار المباشر بين الطرفين قد لا يحتاج لوساطات محلية»، معتبراً أن «الحزب الديموقراطي الكردي ــ سوريا» (أحد الأحزاب المتحدرة عن الحزب الديموقراطي الكردي ــ البارتي ــ الذي تأسس عام 1957)، الذي يرأسه، يرى أن «اللامركزية هي الحل الذي يمكن أن يطبق في البلاد، لإنتاج حل ديموقراطي يرضي كل الجهات المتنازعة».