أخيرا، وصل «خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى مدينة دوما في الغوطة الشرقية لدمشق بمرافقة وزير الصحة السوري». ولكن هذا الخبر، الذي كان مطلبا دوليا «ملحّا»، بات اليوم لا يعني شيئا تقريبا. يجب القول هنا، أن الدول الغربية، وتحديدا الدول الأعضاء في مجلس الأمن، والتي طالبت مرارا وتكرارا، بضرورة إرسال البعثة، باتت تعتبر أن وصولها الى مكان «الهجوم الكيميائي» المفترض، والنتيجة التي قد تصدر عنها، محلَّ «شكّ». ومن الآن، يمكن القول، بأن أي نتيجة قد تصل إليها البعثة المذكورة، لن تزيد أو تنقص شيئا من الموقف الغربي، ولا من الموقف الروسي- السوري، ومن هم معه. يظهر هذا جليا، من خلال تصريحات كل من روسيا وفرنسا والولايات المتحدة.وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، أوردت أن «خبراء لجنة الأسلحة الكيميائية يدخلون مدينة دوما»، بعد ثلاثة أيام على وصولهم إلى دمشق، حيث عقدوا لقاءات مع مسؤولين سوريين. وكان من المتوقع أن يبدأ فريق تقصي الحقائق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عمله الميداني الأحد، ولكن المنظمة أعلنت من مقرها في لاهاي، بالأمس، أن المسؤولين الروس والسوريين، قد «أبلغوا الفريق أنه لا تزال هناك قضايا امنية عالقة يجب الانتهاء منها قبل الانتشار». وفي حين رأت وزارة الخارجية الروسية اليوم، أن «دخول خبراء منظمة حظر الكيميائي إلى دوما واجه صعوبات بسبب تواجد المسلحين»، فقد شككت وزارة الخارجية الفرنسية بالأمر، وقالت أنه «من المحتمل للغاية أن تختفي أدلة وعناصر أساسية من موقع الهجوم الكيميائي» المفترض. موسكو نفت تلك الاتهامات، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا «من غير الواضح لماذا تتحدث وزارة الخارجية الفرنسية باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. إذا واجه المفتّشون مشاكل، بإمكانهم أن يصرّحوا هم بذلك». بذلك، تكون قد لحقت بريس بموقف الولايات المتحدة، الذي قال مندوبها لدى منظمة حظر الاسلحة الكيميائية، يوم أمس الاثنين: «قد يكون الروس زاروا موقع الهجوم»، مشيراً الى «احتمال أن يكونوا قد عبثوا به».
بموازاة ذلك، قال الجيش الروسي انه عثر على مختبر للمسلحين في مدينة دوما لإنتاج الأسلحة الكيميائية، وأكد أنه وجد في المختبرات «مكوّنات لإنتاج غاز الخردل وبالون مع الكلور». وقال ألكسندر روديونوف، ممثل قوّات الدفاع الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية في سوريا، في حديث لقناة «روسيا 24» التلفزيونية: «أثناء تفتيش مدينة الدوما تم اكتشاف مختبر كيميائي ومخزن للمواد الكيميائية». من جهتها، دعت وزارة الخارجية الروسية «الدول التي ضربت سوريا لعدم التدخل في عمل المنظمات الدولية بالتحقيق في الكيميائي»، وأكدت أن موسكو «فعلت ما يلزم لتأمين دخول خبراء منظمة الأسلحة الكيميائية إلى دوما».
في سياق متصل، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مكالمة هاتفية مع نظيره الإيراني حسن روحاني، تناولا فيها «أهمية الجهود المشتركة لحماية وحدة أراضي سوريا وإيجاد حل سياسي دائم لأزمتها». وقالت مصادر في الرئاسة التركية لوكالة الأناضول إن أردوغان «أشار خلال المكالمة إلى الموقف التركي الواضح بخصوص استخدام السلاح الكيميائي»، وأضافت أنه أكد على «أهمية تجنب تصاعد التوتر، وضرورة تقييم الأحداث في سياقها الخاص». كما أشار الرئيسان إلى أهمية «الاستمرار في الجهود التركية الإيرانية الروسية المشتركة ضمن إطار عملية أستانا، من أجل حماية وحدة أراضي سوريا، وإيجاد حل سياسي دائم لأزمتها».