مرّة أخرى سدّدت «جبهة النصرة» (الفرع السوري لتنظيم القاعدة) ضربةً «متشدّدة» في قرية كفرنبل (ريف إدلب الجنوبي) التي تحوّلت في مرحلة من المراحل إلى رمز لـ«الحراك الإعلامي الثّوري». عناصر مسلّحون تابعون لـ«النصرة» داهموا أمس مقرّ لـ«راديو فريش» المحليّ الذي يبث من داخل القرية، لتسري بعدها أنباء عن اعتقال ناشطَين إعلاميين اثنين، هما رائد الفارس (مدير المكتب الإعلامي لـ«مجلس مدينة كفرنبل»)، وهادي العبد الله. ويُعد الأخير أحد المقرّبين من «النصرة» وواحداً من الناشطين الإعلاميين الذين قاموا بمحاورة زعيمها أبو محمد الجولاني في آخر ظهور إعلامي له (تشرين الأوّل الماضي). لاحقاً، نقل ناشطون عن «مؤسسة المنارة البيضاء» (الذراع الإعلامية للنصرة) نفيها اعتقال العبد الله وتأكيد اعتقال الفارس. كذلك، أدلى «القاضي العام لجيش الفتح» عبد الله المحيسني بدلوه في القضية، فقال عبر تغريدة في موقع «تويتر»: «أبلغني الإخوة في النصرة أن هادي لم يعتقل (...) ننتظر من الغالي هادي أن يوضح الأمر».
«النصرة»: ثمن التحرير ليسود الشرع ويحقّ الحق
كما نقل الناشطون عن «قيادي في النصرة» تأكيده أنّ «هادي حر، وسيفرَج عن رائد أيضاً»، من دون أن تتوافر أي معلومات تؤكّد الكلام، أو تنفيه. وأوضح عاملون في «راديو فريش» أنّ العناصر قاموا بـ«مصادرة أجهزة البث، وإغلاق استوديو الإذاعة ومنع أي عضو في الراديو من الاقتراب والعمل». وأفرغت «النصرة» المقرّ من محتوياته، وأبلغت العاملين أن المقر مُصادر وردّدوا عبارة «ما بدنا إعلام هون» وفقاً للمصادر ذاتها. بدوره، قال خالد العيسى (أحد العاملين في الإذاعة) إنّ عناصر «النصرة» أجبروه على «دوس علم الثورة» بعدما اعتقلوا العبد الله والفارس. وأفادت مصادر من داخل «النصرة» بأنّ توقيف الفارس جاء على خلفية نقضه اتفاقاً يقضي بـ«عدم بث الموسيقى عبر الأثير، لأنّها محرّمة شرعاً». وفي السّياق، أكّد مصدر من «النصرة» لـ«الأخبار» أنّ «هناك أسباباً شرعيّة وجيهة استوجبَت الإجراءات ونحن نستغرب كلّ هذه الضجّة، سبق ان أعلنّا أننا سنطبق الشرع في المناطق الحرّة وهذا ما نقوم به». وأضاف: «من لا يعجبه ذلك فليذهب إلى مناطق سيطرة النصيريين ويطبّق قوانينهم الكافرة. الشهداء الذين دفعوا ثمن التحرير قاموا بذلك ليسود الشرع ويحقّ الحق». يُذكر أنّ «النصرة» سبق لها أن قامت في كانون الأوّل 2014 بإجراءات مشابهة في القرية ذاتها، حيث عمدت حينها إلى «طمس اللوحات الثورية باللون الأسود».(«الأخبار»، العدد 2478)، الأمر الذي أثار ردود فعلٍ مشابهة لما جرى أمس، قبلَ أن ترضخ القرية للأمر الواقع.وفي وقتٍ متأخر من ليل أمس، كتب العبد الله على صفحته على «الفيسبوك»، تفاصيل إقتحام «النصرة» مقر الراديو، وإحتجازه مع رائد الفارس. وقال العبد الله «لقد خلعوا كل الأبواب المغلقة، واقتحموا المقر وداسوا على أغراضنا وقاموا بمصادرتها». وأشار إلى أنه وبعد نقاشات مع قادة وشرعيين في «النصرة»، طوال أمس، «أقرّينا بـالمخالفات الشرعية في منشورات الفارس، وأقرت النصرة بخطئها في الإقتحام، ووعدت بإرجاع المعدات، وتم السماح لنا بالمغادرة».