ينقسمُ «الجهاديون القوقازيون» في سوريا في الوقت الرّاهن تبعاً لولاءاتهم إلى ثلاثة أقسام. ينضوي أوّلهم تحت راية تنظيم «الدولة الإسلاميّة». وينتظمُ ثانيهم في مجموعات دانت بـ«بيعات» لـ«جبهة النصرة – تنظيم القاعدة في بلاد الشّام»، فيما يتوزّع ثالثهم على مجموعات تدين بالولاء لـ«إمارة القوقاز الإسلاميّة» وهي مجموعات مستقلّة تنظيميّاً، وتُنسّق عسكريّاً مع باقي المجموعات.
«قوقازيّو داعش»

يتوزّعون على المناطق التي يحتلّها التنظيم في كلٍّ من سوريا والعراق. ومن الصّعب تقدير عديدهم بدقّة داخل الأراضي السوريّة نظراً إلى تكتيكات التنظيم القائمة على تنقّل مقاتليه بين الدولتين الجارتين، علاوةً على اعتماد «داعش» أسلوب التعمية الإعلاميّة منذ بدء ضربات «التحالف الدولي» ضدّه قبل حوالى عام.

كذلك أدى أسلوب «لا مركزيّة الإدارة» دوراً إضافيّاً في هذا السّياق. ورغم أنّ بعض التقديرات ذهبت في مرحلة سابقة إلى أنّ عديد هؤلاء في صفوف «داعش» يتجاوز حاجز العشرة آلاف، غيرَ أن هذه الحصيلة مبالغٌ فيها.ومن المرجّح وفقاً لتقديرات متقاطعة أن عدد هؤلاء في سوريا في الفترة الراهنة يراوح بين 2500 و3000 «مهاجر». ودأب التنظيم في الشهور الأخيرة على تجنب الزّج بهم في معاركه، والاعتماد في الدرجة الأولى على العنصر السوري، في ما يبدو ادّخاراً لـ«قوّات النّخبة» بغية استثمارهم في مرحلة لاحقة. ووفقاً لشهادات مصادر من السكّان تواصلت معهم «الأخبار» في معظم مناطق سيطرة التنظيم داخل سوريا، يبدو أنّ أكثر المناطق انتشاراً لهؤلاء هي على التوالي: الباب (ريف حلب الشرقي)، ومنبج (ريف حلب الشمالي الشرقي)، والرقة. ولا يشمل هذا الانتشار «قوّات النخبة» (يُرجّح أن عديد القوقازيين فيه حوالى 1000) التي تمثل العمود الفقري لما يُعرف بـ«جيش دابق».

عدد هؤلاءفي
الفترة الراهنة يراوح
بين 2500 و3000 «مهاجر»
وهو «الجيش» الذي يُجهّزه التنظيم لخوض «معركة آخر الزّمان» التي تؤكّد معتقدات التنظيم أنّها اقتربت، وسيكون مسرحها قرية دابق (تقع على بعد حوالى 35 كم شمال شرق مدينة حلب، وتتبع إدرايّاً ناحية أخترين، منطقة اعزاز). كما ينضوي حوالى 500 قوقازي في صفوف ما يُعرف بـ«جيش العُسرة» التابع للتنظيم أيضاً، والذي يؤدي دوراً شبيهاً بـ«قوّات التّدخل السريع» ويتنقّل بين الجبهات في سوريا والعراق تبعاً لضرورات المعارك.

«قوقازيّو القاعدة»

ينتظم هؤلاء في مجموعات تدين بـ«بيعات» لتنظيم «القاعدة». منها ما هو مُباشر، ومنها ما هو عبر فرعه في سوريا «جبهة النصرة». وقد صدرت أخيراً توجيهات من التنظيم الأم بضرورة الانضواء تحت راية «النصرة»، وتحويل تعاملهم من التنظيم الأم إلى «فرعه الشامي» («الأخبار»، العدد 2704) . أمّا أبرز هذه المجموعات فهي:


ــ «جيش المهاجرين والأنصار – التشكيل الثالث»: كان «الجهادي» الشهير عمر الشيشاني (طورخان باتيرشفلي) أوّل من أسّسه. قبل أن يقرر «مبايعة» تنظيم «داعش» في تشرين الثاني 2013 ويتبعه في ذلك معظم مقاتليه («الأخبار»، العدد 2284) . احتفظ صلاح الدين الشيشاني باسم «جيش المهاجرين والأنصار» وبمن تبقّى من مقاتليه. أعلن «اعتزال الفتنة» بين «داعش» و«النصرة»، ثم عمل على إعادة ترميم «جيشه» ورفده بالمزيد من «المهاجرين». واستفاد في ذلك من كونه «الممثل الرسمي لإمارة القوقاز في سوريا». في حزيران الماضي أدّت خلافات إلى «عزل» صلاح الدين وتعيين أبو إبراهيم الخراساني «أميراً عامّاً»، وعمر الداغستاني «أميراً عسكريّاً». وقبل حوالى عشرة أيّام أعلن «الجيش» عن «مبايعة جبهة النصرة». حاليّاً، يضمّ «جيش المهاجرين والأنصار» في صفوفه قرابة 200 قوقازي، ويتمركز بصورة أساسيّة في ريف حلب الغربي.
«كتيبة سيف الدين الشّيشاني»: أسّسها سيف الله الشيشاني تحت مسمّى «مجاهدي القوقاز والشام». كان سيف قد رفض الانضمام إلى عمر الشيشاني في «مبايعة داعش»، كما رفض البقاء تحت سلطة صلاح الدين الشيشاني، واختار العمل بشكل مستقل وبتنسق مع تنظيم «جند الشّام». وفي أواخر عام 2013 أعلن «مبايعة جبهة النصرة». قُتل سيف في شباط 2014 بعد تزعّمه محاولة اقتحام فاشلة لسجن حلب المركزي. يقود المجموعة اليوم أبو عبيدة المدني، وقد تحوّل اسمها إلى «كتيبة سيف الله الشيشاني». تضم في صفوفها حوالى 350 من أصول شيشانية، وتنشط في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشّرقي، كما انتقل العشرات من أفرادها إلى أحياء حلب القديمة بعد قيام «النصرة» بإخلاء مواقعها في ريف حلب الشمالي.

ــ «كتيبة التوحيد والجهاد»: يتزعّمها «أبو صالح الأوزبكي»، ويراوح عدد مقاتليها بين 500 و700 «مهاجر» معظمهم من طاجيكستان.
وكانت من بين مكوّنات «جيش الفتح» في إدلب، أهم مقارّها الآن تتوزّع على ريفي إدلب الشمالي والشرقي، وريف حلب الغربي. كان لها دورٌ مؤثّر في اقتحام جسر الشغور، وفي اقتحام مطار أبو الظّهور، كما في معارك تلّة المياسات (ريف حلب الشمالي).

«قوقازيّو الإمارة»

يرتبط من تبقّى من «القوقازيين» في مجموعات صغيرة توالي «إمارة القوقاز الإسلاميّة» (المركزيّة). وتجهدُ «جبهة النصرة» لاستقطاب معظم هذه المجموعات، فيما يسعى صلاح الدين الشيشاني إلى لم شملها تحت رايته بعدما انفصل عن «جيش المهاجرين والأنصار». أمّا أبرز هذه المجموعات فهي:
ــ «إمارة القوقاز الإسلاميّة لنصرة أهل الشّام»: متسلّحاً بالاعتماد الذي منحته إيّاه «إمارة القوقاز» بوصفه «ممثلاً لها في الشام» يطمحُ صلاح الدين الشيشاني إلى إنشاء كيان قويّ يضمّ معظم أبناء جلدته. تؤكّد أوساط الشيشاني أنّ عدد المقاتلين الذين انحازوا إلى خياره بعد الشقاق الأخير مع «المهاجرين والأنصار» يناهز 400 معظمهم من القوقاز، فيما يقول مصدر شيشاني من خارج مجموعته إنّ «عدد المقاتلين الذين تبقّوا مع الأخ صلاح الدين لا يتجاوز العشرين». ويقول مصدر «جهادي» سوري لـ«الأخبار» إنّ «صلاح الدين يسعى إلى عقد حلف مع الحزب الإسلامي التركستاني، الأمر الذي يبدو متعذّراً حتى الآن». ووفقاً للمصدر فقد أرسل الشيشاني موفداً إلى «التركستاني» حمل معه «تهنئة بحلول عيد الأضحى، وطرح في القوت نفسه فكرة التحالف. لكنّ الإخوة في التركستاني اعتذروا». ويؤكد المصدر أنّ الاعتذار عائدٌ إلى أنّ «قرار التركستاني في حقيقة الأمر ليس بيد قادته بل في يد الأجهزة التركيّة التي توجّهه كيفما شاءت».
ــ «أجناد القوقاز»: أبرز المجموعات «المستقلّة» حتى الآن، وأفضلها تدريباً وتنظيماً. يُقدّر عدد مقاتليها بحوالى 500 في الوقت الرّاهن. ويشغل عبد الحكيم الشيشاني (34 عاماً) منصب «الأمير العام». وهو صاحب تجربة «جهاديّة» تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث كان «قائداً للعمليات العسكرية في العاصمة الشيشانية». ينتشر «الأجناد» بشكل أساسي في ريف اللاذقية الشمالي، وقد تنقّلوا حين الحاجة لمؤازرة باقي المجموعات في كثير من المعارك في إدلب، وريف حلب، وريف حماة.
ويؤكّد أبو عبيدة المتحدث باسم «الأجناد» لـ«الأخبار» أنّ «خيار مبايعة الأخ صلاح الدين الشيشاني يبدو مستبعداً». ويضيف: «ربّما قمنا بمبايعة الجبهة (النصرة) يوماً ما ولكن أن نبايع صلاح الدين فهذه خطوة لا أتوقعها نهائيّاً».
ــ «جماعة جند الشام»: يشغل مسلم الشيشاني (مراد مارقشفيلي، ويكنّى أبو الوليد) منصب «الأمير العام». ويؤكّد انصاره أنّه كان «مجاهداً تحت راية خطّاب». يبلغ عدد أفراد الجماعة حوالى 350 جميعهم من أصول شيشانية. كانت الجماعة تنشط بشكل أساسي في ريف اللاذقية الشمالي، قبل أن تنقل معظم أفرادها إلى ريف إدلب الغربي بسبب «سهولة الحركة»، مع احتفاظها بتمركزات في جبل التركمان في ريف اللاذقية.
إضافة إلى ما سبق، ثمّة أعداد من القوقازيين يقاتلون في مجموعات تضم خليطاً من «المهاجرين». وأكبر أعداد منهم توجدُ في صفوف «كتيبة الامام البخاري» (حوالى 200 قوقازي)، وتنظيم «جند الأقصى» (يضم حوالى 300 قوقازي) وكلاهما ينشط في ريف إدلب.