تحتكر الأندية الإسبانية أبرز المسابقات في أوروبا. بعيداً عن احتلال ريال مدريد صدارة المتوّجين في بطولة «Champions League» بواقع 14 مرة، كان لافتاً تزعّم إشبيلية للساحة الأوروبية «المجاورة». فرض الأندلسيون أنفسهم كأفضل فريق في الدوري الأوروبي، بحصدهم البطولة للمرة السابعة في نهائي بوشكاش أمام روما. المعركة المحتدمة بين «الأباطرة» انتهت عبر ركلات الترجيح، وأسفرت تباعاً عن إلحاق بطل نهائيات «يوروبا ليغ» الهزيمة الأولى للمدرب جوزيه مورينيو في المحطّة الأخيرة من مسابقات القارة العجوز.
هناك ثقافة فوز «عظيمة» داخل أسوار إشبيلية، مشابهة للتي يمتلكها «الميرينغي» في دوري الأبطال. الأمر لا يتعلق بالنجوم. يعكس ذلك التغيير المستمر للاعبين والمدربين الذي لا يثني الفريق عن سعيه الدائم لاعتلاء منصة الدوري الأوروبي. إنه يتعلق بالفريق ككل، التوظيف، خبايا العمل وراء الكواليس، الإعداد الذهني... يلعب مستوى الدوري الأوروبي دوراً في تألق إشبيلية أيضاً، إذ يبدو ملائماً للفريق أكثر من باقي المسابقات. ببساطة، جعل النادي الأندلسي نفسه بطلاً ليوروبا ليغ قبل بداية كل موسم، في أذهان لاعبيه وأذهان الخصوم، حتى إذا شارك الفريق في دوري الأبطال، يعرف الوسط الرياضي سلفاً بأن هناك احتمالاً كبيراً بخروج إشبيلية ثالثاً من دور المجموعات ليرفع تباعاً لقب البطولة «الرديفة». وبتعبيرٍ آخر، إنه فريق بلا نجوم يعمل فيه الجميع من أجل الجميع.
تعد قدرة إشبيلية في العودة إلى صدارة منصة الدوري الأوروبي مراراً وتكراراً من عجائب الرياضة، وخاصةً في العصر الحديث لكرة القدم بما يحمله من تفاوت هائل في القدرات المالية. المدرب السابق للفريق، أوناي إيمري، الذي توّج برفقة إشبيلية بثلاثية يوروبا ليغ بين 2014 و 2016، أعاد الأمر للعامل النفسي بقوله إن «كل شخص مرتبط بإشبيلية يستمتع تماماً بالمشاركة في هذه المسابقة، ولقد شجعت دائماً الجميع على التعامل معها بالشغف الذي تستحقه». من هنا، يتّضح وجود ترابط عاطفي بين الفريق والبطولة.

سيطرة متفرّقة
تمكّن إشبيلية من فرض نفسه كأفضل فريق في الدوري الأوروبي على مراحل، وحقق تباعاً نجاحاً هائلاً كأعلى المتوّجين بسبعة ألقاب.
بدأت هيمنة الأندلسيين على يوروبا ليغ في موسم 2005-2006، عندما عُرفت المنافسة باسم كأس الاتحاد الأوروبي. تجاوز إشبيلية حينها عدداً من فرق النخبة تحت قيادة المدرب خواندي راموس قبل الانتصار في المباراة النهائية أمام ميدلسبره 4-0. كان ذلك اللقب الأول للفريق في البطولة، ومثّل شعلة البداية لحقبة ذهبية مستمرة.
هناك ترابط عاطفي بين إشبيلية والدوري الأوروبي


عزّز الفريق مكانته بعدها كقوة أوروبية من خلال رفع اللقب في الموسم التالي، بفوزه على إسبانيول في نهائي إسباني بالكامل انتهى بركلات الترجيح. العلامة الفارقة بدأت في موسم 2013/ 2014، عندما فاز إشبيلية بلقبه الثالث في الدوري الأوروبي أمام بنفيكا، ثم أتبعه بلقبين متتاليين أمام دنيبرو دنيبروبتروفسك وليفربول. يُحسب لإشبيلية نجاحه باعتلاء المنصة الأوروبية في وقتٍ عانى فيه الفريق من صعوبات متفرّقة، ارتبط آخرها بتراجع قوة النادي المالية نتيجة تبعات فيروس كورونا. ورغم ندرة العائدات حينها، وما تبعها من هيكلة استثنائية للبطولة، ازدهر إشبيلية ورفع اللقب السادس أمام إنتر ميلانو موسم 2019-2020، ثم اللقب السابع أمام روما.
ما يفعله إشبيلية يستحق الثناء. بطل أوروبي بإمكانات مادية غير عالية مقارنةً بالمنافسين الإنكليز تحديداً، تمكّن من فرض نفسه ملكاً على الساحة متحدّياً كل الظروف. حتى عندما يتصف موسم الأندلسيين بالتخبط محلياً، يخرج إشبيلية من رحم المعاناة ويستشرس على المسابقة المحببة له. إشبيلية بطل الأوساط الرياضية المحايدة، بطل كرة القدم البريئة من حيتان المال، بطل من لا بطل له.