شهد الصيف الحالي على حركة انتقالات «جيّدة» في إنكلترا مقارنةً ببقية الدوريات، وعلى رغم وفرة الأسماء المستقدمة إلى «البريمرليغ»، لم يكن ليفربول من الأندية الناشطة الأمر الذي أثار غضب جماهير الفريق. ندرة الصفقات داخل أسوار الأنفيلد لم تكن عبثيةً بل جاءت تبعاً للوضع المالي «الحسّاس»، وهو ما أوضحته دراسة أجراها موقع «Swiss Ramble» المختص بتحليل الوضع المالي لأندية كرة القدم. تبحث الدراسة في الأماكن التي توزّعت عليها أموال ليفربول، كما تراجع نموذج أعمال «الريدز» تحت إدارة الملّاك الجدد مقارنةً بالأندية الأخرى.دفعت أربعة أندية إنكليزية أكثر من 100 مليون جنيه استرليني خلال سوق الانتقالات الصيفي: أرسنال 149 مليون جنيه استرليني، مانشستر يونايتد 126 مليون جنيه استرليني، مانشستر سيتي 115 مليون جنيه استرليني وتشيلسي 108 ملايين جنيه استرليني.
من جهته، أنفق ليفربول 36 مليون جنيه فقط على مدافع نادي لايبزك إبراهيما كوناتي، كأدنى نفقات صُرفت في سوق الانتقالات الصيفي بين الأندية الستة الكبرى. عدم قدرة النادي على التوقيع مع لاعبين جدد أدّى إلى ظهور الحيرة عند جماهير الفريق، بخاصة بعد النجاح اللافت في السنوات القليلة الماضية (التتويج ببطولة دوري أبطال أوروبا 2019 ثم لقب الدوري الإنكليزي الممتاز 2020)، الأمر الذي دفع الموقع السويسري لمراجعة بيانات النادي المالية منذ انتقال الملكيّة لصالح شركة «FSG» عام 2010 حتى موسم 2019/2020 (آخر الحسابات المنشورة) بهدف شرح «خبايا» الضيق المالي.
ارتفعت عائدات الريدز بمقدار 306 ملايين جنيه استرليني (167 في المئة) في آخر عشر سنوات


ارتفعت عائدات الريدز بمقدار 306 ملايين جنيه استرليني (167 في المئة) في السنوات العشر الماضية. وبلغة الأرقام فهي زادت من 184 مليون جنيه إلى 490 مليوناً، وهي ثاني أعلى إيرادات في إنكلترا بعد مانشستر يونايتد (509 ملايين جنيه). في الواقع، يقبع ليفربول (490 مليون جنيه) في المركز الخامس من ناحية أعلى إيرادات حققتها الأندية بحسب «Deloitte Money League»، وهي المرة الأولى التي يتواجد فيها النادي في المراكز الخمسة الأولى منذ عام 2002. يعود ذلك لعدة عوامل، فقد نمت عائدات يوم المباراة بمقدار 30 مليون جنيه (73 في المئة) في السنوات العشر الماضية (من 41 مليون جنيه إلى 71 مليوناً)، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى التوسع في المدرج الرئيسي في ملعب آنفيلد. مبلغٌ كان من الممكن أن يكون أعلى لولا لعب بعض المباريات خلف أبواب مغلقة عام 2020. إضافة إلى ذلك، تضاعفت عائدات البث للريدز أكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2011، حيث ارتفعت بقيمة 136 مليون جنيه من 66 مليوناً إلى 202 مليون جنيه كأعلى نمو بين أندية القمّة. تجدر الإشارة إلى تأثر الإيرادات عام 2020 بشكل كبير بسبب تداعيات فيروس كورونا.
رغم العائدات الضخمة، تم «التهام» النمو بسبب ارتفاع التكاليف وهو ما أثّر سلباً في نشاط النادي في سوق الانتقالات الصيفي. زادت أجور ليفربول بمقدار 197 مليون جنيه منذ عام 2011 وهو المبلغ الأعلى بين الأندية الست الكبرى، حيث انصبّ التركيز على تمديد العقود للحفاظ على لاعبين ذوي جودة عالية مع ضمان حصولهم على مكافآت محفّزة. إضافةً إلى ذلك، فشل النادي نسبياً في «إطفاء» اللاعبين من النفقات الرئيسية عند احتساب الربح والخسارة حيث أضاف مبلغ 718 مليون جنيه (بما في ذلك الاستهلاك) إلى الربح التشغيلي، مقارنةً بحوالي 1 مليار جنيه في مانشستر سيتي، تشيلسي ومانشستر يونايتد. ووفقاً للحسابات المدققة للنادي، تبلغ فاتورة الأجور لجميع موظفي ليفربول 326 مليون جنيه، وهي ثاني أعلى فاتورة في إنكلترا بعد مانشستر سيتي (351 مليون جنيه). يشمل الرقم تكاليف الضمان الاجتماعي ومدفوعات المكافآت ذات الحوافز العالية.
هكذا، حالت الأجور العالية وسوء الاستثمار باللاعبين دون إمكانية إبرام صفقات جديدة، حيث يسعى الريدز لضمان استمرارية عناصر المنظومة الأساسية إلى أبعد مدى ممكن عبر تقديم تحسينات ومكافآت مستمرة في العقود. فهل يتمكن كلوب بتشكيلته شبه الثابتة من مقارعة بقية الفرق «المعزّزة» على لقب الدوري؟