«كورونا» ساوى، نوعاً ما، بين الجميع: مشجّعين، ولاعبين وحتى مالكي الأندية الفاحشي الثراء.صحيح أن أثر الأزمة على من اضطر للبقاء في منزله المتواضع من دون راتب أقسى بكثير منها على النجم الذي يطلب من الجميع البقاء من منازلهم من أحد غرف قصره. إلا أن على الجميع أن يدفع الثمن في ظل خطر «كورونا»، الذي جمّد كرة القدم وإن لم يقتلها... بعد.

نشرت صحيفة Marca أن من المتوقع أن يطلب الاتحاد الدولي لكرة القدم من اللاعبين أن يتنازلوا عن 50% من رواتبهم (الخيالية) من أجل مساعدة الأندية على تحمّل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بها بسبب «كورونا». كذلك، أشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن FIFA سيضع قوانين استثنائية ومؤقتة لمساعدة الأندية وحمايتها.
في وقت بدت خطة الفيفا واضحة بشأن التسويات التي من المقرّر طرحها بين اللاعبين وإدارات الأندية، كتمديد عقود اللاعبين المنتهية عقودهم في حزيران/يونيو حتى نهاية الموسم الكروي الحالي، حتى وإن استمر الموسم إلى ما بعد 30 حزيران/ يونيو، لكن رؤية FIFA في ما يتعلّق بمشاكل الأندية الأخطر لا زالت ضبابية.

في ما يلي نستعرض مشكلتين أساسيتين خطيرتين من المتوقع أن تواجها الأندية الأوروبية بسبب توقف اللعب مؤخراً. (مصدر أرقام ونسب العائدات: The Economist)

العائدات التجارية

شكّلت العائدات التجارية* بين 43 – 50 % من إيرادات الأندية الخمسة الأغنى من حيث الإيرادات في موسم 2018/2019. والأندية الخمسة هي: برشلونة (370 مليون يورو)، ريال مدريد (350 مليون)، مانشستر يونايتد (330 مليون)، بايرن ميونخ (350 مليون) وباريس سان جيرمان (300 مليون).

أما الفرق التي تليها، وأبرزها مانشستر سيتي (250 مليون يورو)، وليفربول (200 مليون)، تشلسي (200 مليون)، يوفنتوس (190 مليون)، بروسيا دورتموند (170 مليون)، آرسنال (120 مليون) والإنتر (180 مليون)، فتشكّل العائدات التجارية بين 20 و30% من إيراداتها.

الأندية تجني الملايين من العقود التجارية والرعاة الرسميين مثل Nike وAdidas وRebook وPuma و«طيران الإمارات»... إلخ، بل وتقبض الأموال سلفاً دفعة واحدة أو تتلقى نسبة معيّنة قبل كل موسم.

ماذا سيحدث لو أن المباريات توقفت حتى أيار أو حزيران، أو حدث ما هو أسوأ كإلغاء الموسم الحالي أو تقليصه ليصبح على شكل «أدوار إقصائية» (Playoffs)؟

الأندية مُلزمة ببنود جزائية في هذه الحالة أو ستُطالب بتمديد عقودها مع الرعاة لمدة عدة أشهر (حسب مدة التوقّف) من دون مقابل مادي إضافي.


اقرأ أيضاً: الدوري الإيطالي «ينازع» بسبب كورونا


إيرادات حقوق البثّ التلفزيوني والإذاعي والستريمينغ

من غير المتوقّع أن تتنازل شبكتا SkySports وBT Sports عن حقوقهما بعد أن دفعتا سلفاً 4.95 مليار يورو من أجل ضمان حقوق بثّ الدوري الإنكليزي الممتاز في الفترة الممتدة بين 2019 و2022، بحسب موقع Goal (عام 2018). وبينما تدفع SkySports حوالي 10.32 مليون يورو في المباراة الواحدة، تدفع BT حوالي 10.24 مليون يورو مقابل كل مباراة.

هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي وقعت بها الشبكتان اللتان تكبّدتا حتى الآن خسائر توازي عشرات الملايين.
تعد هذه الخسائر الأقسى والأعلى، لكنها بالتأكيد ليست الوحيدة، إذ أن ذلك ينطبق على الفائزين بحقوق بثّ البريميرليغ خارج أوروبا، كما الفائزين بحقوق بث الدوريات الأوروبية الأخرى.
وفي حال ألغي موسم البريميرليغ الحالي أو فشل ختمه قبل 31 تموز/ يوليو المقبل أو لم يبدأ الموسم المقبل في آب 2020، فسيتحتّم على أندية الدوري الإنكليزي الممتاز تسديد 836 مليون يورو للشبكتين، كما ينص البند الجزائي في العقد.

قد لا تكون كل عقود الدوريات الأوروبية بقسوة عقد البريميرليغ، إلا أن لا مفرّ من النزاع، والأمر ـ بالتأكيد ـ لن يكون بمثابة «نزهة» بالنسبة إلى الأندية الأوروبية ورابطاتها. وخير مثلٍ على ذلك نادي يوفنتوس، الذي تقدّر خسائره الإجمالية، بسبب «كورونا»، بحوالى 110 ملايين يورو، بحسب مجلة Forbes. نسبة الخسائر المتعلّقة بحقوق البث حوالى 40%، والـ60% المتبقية هي مجموع العائدات التجارية وثمن بيع التذاكر وتوابعها.

وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أن إيرادات حقوق البث شكّلت بين 30 و35% من إيرادات الأندية الخمس الأغنى من حيث الإيرادات في موسم 2018/2019. ولاحظنا أن كل ما انخفض ترتيب النوادي على اللائحة المذكورة (تتضمن 20 نادياً)، زاد اعتمادها على إيرادات حقوق البث، ليصل إلى حدود 60% من مجمل الإيرادات في الأندية صاحبة المراكز الخمسة الأخيرة، وهي روما، ليون، ويست هام يونايتد، إفرتون ونابولي.

ببساطة الكل خاسر، ولا مفر من ذلك، لكن من المتوقّع أن يحاول الجميع أن يقلّص خسائره بقدر الإمكان.

أخيراً وليس آخراً، الجمهور. صحيح أن الجمهور هو «اللاعب الـ 12» لفريقه، قيمته المعنوية تتجاوز قيمة الرعاة والشبكات الإعلامية، إلا أنه الحلقة الأضعف بالنسبة إلى النادي، فإنفاقاته في الملعب (تذاكر، مشروبات، جولات سياحية....) لا تشكّل أكثر من 20% من إيرادات النوادي الكبرى.

*النسب والأرقام المأخوذة عن The Economist تقريبية ومدوّرة

تابع صفحة «الأخبار» - رياضة على فايسبوك