بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بقيت موسكو مركز الأضواء على صعيد الجغرافيا، لكن روسيا «الجديدة» خرجت من خريطة المنافسة الكروية والإنجازات بعد التفكك. أبرز ما حققته كان المركز الرابع في بطولة أمم أوروبا عام 2008، ولا شيء غير ذلك يمكن أن يذكر. وعلى مقربة من بحر قزوين تحطّ رحلة كأس العالم هذا الصيف. روسيا اليوم، تمتلك منتخباً أصغر من اسمها «السياسي» بكثير. وحسب كثيرين، الغاية من استضافة المونديال هي غاية تتجاوز الرياضة إلى السياسة والاقتصاد. كل هذا يدفعنا إلى طرح تساؤلات عن قوة المنتخب السوفياتي وضعف المنتخب الروسي. في الفترة السوفياتية كانت موسكو وكييف منبعاً اللاعبين. البطولة السوفياتية اعتمدت على اللّاعبين المحليين، نظراً للاتساع الجغرافي، أضف إلى ذلك أن العقلية والإيديولوجية كانت مختلفة، بحيث لم يكن تفكير اللاعبين منصبّاً على المال، بل على الهوية. اليوم، يستثمر«حيتان» المال في عالم كرة القدم، وروسيا أرض خصبة لذلك. لكن التاريخ أجمل، وقصة إنجازات الاتحاد السوفياتي في كرة القدم بدأت مع ستالين، وانتهت عند ميخائيل غورباتشوف. بوتين ينتمي إلى العالم الجديد.
ستالين ودينامو موسكو
ستالين وكان مشجعاً لدينامو موسكو
أيام الاتحاد السوفيتي كانت مركزية موسكو تمتدّ إلى كرة القدم أيضاً. لكن هذه المركزية كانت سبباً لنجاح الفرق على الصعيد العالمي. في عام 1925 كانت الفرق الأربعة المتصدرة للدوري السوفياتي جميعها من موسكو، وكانت تحت سيطرة أجهزة الدولة. لوكوموتيف موسكو كان تحت سلطة وزارة السكك الحديدية، ونادي توربيدو موسكو تحت سلطة «زيل»، وهي شركة تصنيع سيارات الدولة. أمّا أشهر الفرق الروسية، سيسكا موسكو ودينامو موسكو، فانقسما بين السلطات العسكرية. الأول كان تابعاً للجيش الأحمر، والثاني كان يديره المقرب من ستالين لافرينتي بيريا، الذي كان يرأس «كي جي بي»، وهي لجنة أمن الدولة. ستالين الذي ينحدر من جورجيا، كان محباً لكرة القدم، وكان مشجعاً لدينامو موسكو.

غورباتشوف يفتح باب الرحيل
عام 1988 أصبح ميخائيل غورباتشوف رئيساً للاتحاد السوفياتي، وبدأ يدعو إلى «البيريسترويكا»، أي إعادة الهيكلة الاقتصادية للاتحاد. اللافت في عهده كان وقوف اللاعبين السوفيات في وجه المركزية الكروية، حيث خرق سيرغي بالتشا النظام العام، وانتقل إلى فريق إيبسويتش تاون الإنكليزي في العام نفسه. بعده، انتقل الهدّاف التاريخي للمنتخب أوليغ بلوخين إلى فريق فوروارتس شتاير النمساوي والحارس رينات داساييف إلى فريق إشبيلية والمدافع فاغيز خيدياتولين إلى فريق تولوز الفرنسي. بدأ السوفيات يخرجون من النظام الشيوعي، بخروجهم من أنديتهم، وكان ذلك مؤشراً للتغيير الكبير.

بوتين والاقتصاد الرياضي
يركز بوتين في حديثه على هيبة الدولة دائماً(أرشيف)
تحولت كرة القدم في روسيا اليوم إلى سوقٍ تجارية. في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، لم تقدم الكرة الروسية أي إنجاز إلّا الفوز باستضافة كأس العالم. ومن المعروف عن بوتين، صاحب الصلاحيات الواسعة، أنه من أنصار «تحسين» صورة روسيا، انطلاقاً من استقطاب السياح من خلال محاولة خفض أسعار التذاكر كما حدث في كأس القارات. يركز بوتين في حديثه على هيبة الدولة دائماً. وفي اجتماعه في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي مع مجلس الرياضة والتنمية البدنية قال: «كأس العالم هي بطولةٌ أكبر بكثير من كأس القارات، وبالتالي، يتطلب الأمر المزيد من الاهتمام والتنسيق الفعال بين جميع الهياكل المعنية. الحديث يدور حول هيبة الدولة بوصفها بلداً مضيافاً ومفتوحاً يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم أحداث دولية كبرى، بما في ذلك ما يتعلق الأمر بالمسائل الأمنية».

أبرز الإنجازات التي حققها المنتخب السوفياتي:
الميدالية الذهبية في أولمبياد أوستراليا (1956)
بطولة أمم أوروبا (1960)
المركز الرابع في مونديال إنكلترا (1966)
المركز الثاني ثلاث مراتٍ في بطولة أمم أوروبا (1964-1972-1988)
برونزيتان في أولمبيادي ألمانيا وكندا (1972-1976)

أبرز إنجازات أندية الاتحاد السوفياتي
دينامو كييف كان أول الفرق التي أعلنت العصيان على موسكو. الفريق القادم من أوكرانيا كان أول فريق من خارج العاصمة يحقق لقب دوري الاتحاد السوفياتي، وأول من يحقق لقباً أوروبياً على صعيد الأندية السوفياتية، إذ توِّج بكأس الاتحاد الأوروبي مرتين (1975، 1986) وكأس السوبر الأوروبي.

أبرز إنجازات الأندية السوفياتية بعد تفكك الاتحاد
لم تشهد الفرق الروسية إلّا تتويجاً أوروبياً وحيداً عام 2008(أرشيف)
سار شاختار دونستيك الأوكراني على خطى أبناء العاصمة كييف وتُوِّج بلقب اليوروبا ليغ عام 2009 (التسمية الجديدة لكأس الاتحاد الأوروبي). أما الفرق الروسية، فلم تشهد إلّا تتويجاً أوروبياً وحيداً عام 2008، حين حقق زينيت سان بطرسبرغ لقب كأس الاتحاد الأوروبي، بعدما استثمرت شركة «غازبروم» في النادي، ودفعت مبلغ 100 مليون يورو، الذي كان رقماً كبيراً آنذاك. واللافت، أن استثمار زيينيت بقي في «الوعاء السوفياتي»، وضمن حدوده الجغرافية، إذ إن معظم اللاعبين كانوا من روسيا، لكن الشركة حاولت شراء أبرز الأسماء في أوكرانيا، سلوفاكيا، وكرواتيا.
لاعبون في ذاكرة السوفيات

ليف ياشين «الأخطبوط الأسود»

ليف ياشين أول حارس مرمى يصوّر على ملصق لكأس العالم
لقب الحارس الذي لن يُمحى من ذاكرة الكرة العالمية يعرّف عنه. شارك في أربع بطولات لكأس العالم توالياً (1958-1962-1966-1970). وهو بطل أوروبا وأولمبياد ميلبورن، والحارس المتوّج بالكرة الذهبية عام 1963. يعتقد كثيرون أنه الحارس الأفضل في التاريخ، إلى جانب الإيطالي جان لويجي بوفون.

أوليغ بلوخين... أيام كييف
توّج المولود في العاصمة الأوكرانية الحالية كييف، ولاعب المنتخب السوفياتي بجائزة أفضل لاعبٍ في العالم 1975 بعد أن توّج مع فريقه دينامو كييف بلقب كأس الاتحاد الأوروبي.

أندريه شفتشنكو... «لن يتكرر»

شفتشنكو اللاعب الوحيد الذي يتوّج بالكرة الذهبية في أوكرانيا
الاسم الأبرز بعد تفكك الاتحاد، وإن كان قد بدأ هناك في المنتخب السوفياتي، ثم لعب في صفوف دينامو كييف. بعد نجاحه في بلده الأم، انتقل إلى ميلان الإيطالي، الذي كان مهيمناً على أوروبا، وأصبح اللاعب الوحيد الذي يتوّج بالكرة الذهبية في أوكرانيا، ومن بين الدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي.

أندريه أرشافين «الموهبة الضائعة»
القاسم المشترك بين أرشافين وشفتشنكو هو الموهبة، لكن ما يفرّقهما هو الاستمرارية والألقاب، بحيث لعب شفتشنكو مع فريق كبير هو ميلان حصد معه كل شيء، بينما ضاعت سنوات أرشافين في أرسنال. في الواقع، لمع اسم أرشافين في أوروبا بعد تألقه في «يورو 2008» وتتويجه مع فريقه زينيت سان بطرسبورغ بلقب كأس الاتحاد الأوروبي. الأمران ساعداه في الانتقال إلى أرسنال الإنكليزي، لكن مسيرته لم تكن ناجحة هناك، وكانت أبرز مبارياته أمام ليفربول عندما سجل 4 أهداف.