لا شك أن تفاصيل كثيرة حصلت قبل المباراة الحدث وخلالها وبعدها. ومَن أفضل من القائد الثاني في فريق النجمة وصمام أمان دفاعه ومسجّل هدف الفوز التاريخي في الوقت بدلاً من الضائع الكابتن قاسم الزين ليروي تفاصيل ما حدث والأسباب التي أدت إلى فوز النجمة باللقب؟ الكابتن قاسم زار مكاتب جريدة «الأخبار» وتحدث عن المباراة الحلم التي شهدها ملعب جونية يوم الأحد الماضي.البداية كانت من النهاية. من الهدف الذي منح النجمة الفوز ولقب البطولة، وكان بتوقيع ورأسية قاسم الزين. هل هو الهدف الأغلى له في مسيرته الكروية؟ هل كانت له نكهة مختلفة؟ هل كان يتوقع أن يسجّل في المباراة؟ بماذا فكّر بعد تسجيل الهدف؟ هل كان خائفاً من إلغاء الـ VAR للهدف؟
«بالطبع هو الهدف الأغلى في حياتي. هو الهدف الذي منح فريقي لقباً طال انتظاره. بالنسبة إليّ لطالما كانت الأهداف التي أسجلها في مرمى الأنصار لها نكهة خاصة، وكان لديّ إحساس بأنني سأسجل. حين سجّلت، نظرت إلى الحكم المساعد ورأيته يثبّت الهدف، فركضت ومن ثم جلست على أرض الملعب. مرّ شريط الموسم كاملاً في ذهني في لحظات. كل ما مررت به من صعوبات وبعض الخيبات والانتقادات والتشكيك بقدراتي، حتى ما حصل معي في كأس آسيا والآثار السلبية التي مرت عليّ فكّرت فيها. كل هذا في لحظات، لكن بعد عودتي إلى الواقع أصبح كل همّي أن يتم تثبيت الهدف. كنت خائفاً من أن يكون هناك تسلّل على سعيد عواضة في الكرة الأولى، لكن حين أعلن الحكم محمد عيسى أن الهدف صحيح ارتحت»، يقول صخرة دفاع النجمة لـ«الأخبار».

لكن فوز النجمة باللقب كان بعكس التوقعات والترجيحات التي صبّت لمصلحة الأنصار بعد فوزه على النجمة أربع مرات هذا الموسم، فما هو رأي الزين بهذه الفكرة؟
«صدّقني لأننا خسرنا أربع مرات مع الأنصار هذا الموسم، كنت متأكّداً بأننا سنربح ولن يفوزوا علينا مرة خامسة. كان لدينا إيمان بأننا إذا وصلنا إلى مباراة فاصلة فستكون الكفة أرجح لمصلحتنا. لطالما كانت الغلبة لنا في المباريات الفاصلة مع الأنصار وخصوصاً على الصعيد الشخصي. لم يكن هناك شيء لنخسره. تعب الموسم كله كان في مباراة، لذلك يجب أن نفوز بها» يجيب الكابتن قاسم الزين.

هكذا كانت الأجواء في النجمة قبل المباراة، فكيف كانت الحال في منتصفها بعد خروج النجمة متقدماً بهدف خليل بدر؟ ماذا حدث في غرفة الملابس، وماذا قال المدرب دراغان يوفانوفيتش للاعبين؟
«الكابتن دراغان لديه نظام خاص في غرفة الملابس بين الشوطين. فالهدوء أساسي، وممنوع الكلام على اللاعبين. يجلس كل لاعب ليرتاح ويفكّر بما قدّمه في الشوط الأول وما سيقدمه في الشوط الثاني. بعد ذلك تحدث الكابتن، مشيراً إلى بعض الإيجابيات لكنه في الوقت عينه لم يكن راضياً عن تراجع اللاعبين وعدم ضغطهم على لاعبي الأنصار بعد التقدم في الدقيقة 30. مدربنا متطلّب جداً ودائماً ما يطلب المزيد، وهذا ما حصل. شدد على ضرورة تطبيق ما تدرّبنا عليه خلال الأسبوع».
الزين: حين سجّلت الهدف مرّ شريط الموسم كاملاً في ذهني خلال لحظات


هل طبّقتم ما تدرّبتم عليه في المباراة؟
«أكثر من 80% تم تطبيقه، لذلك فزنا» يجيب الزين.
بالحديث عن دراغان، لا بد من السؤال عن مدى صوابية التعاقد معه بعد إقالته من شباب الساحل، وهل كان هناك قلق من الكابتن قاسم تجاه هذا التعاقد بعد نهاية المرحلة المنتظمة؟
«على العكس، أنا كنت مع هذا التعاقد. لطالما كنت أجد في دراغان مدرباً جيداً منذ كان مع شباب الساحل. وهذا التعاقد هو سبب فوزنا بالدوري. فدراغان ومعه الكابتن عباس عطوي غيّرا الروح في الفريق منذ قدومهما، ولهما فضل كبير في ما حققناه».

الغرور سبب خسارة الأنصار
لعل من أكثر الأسئلة التي تخطر على بال المتابعين هو: لماذا خسر الأنصار المباراة؟
يحاول الكابتن قاسم أن يكون لبقاً في إجابته، لكنه لا يجد كلمة تعبّر عن الواقع سوى الغرور. «شعرت بأن هناك بعض الغرور وتفكيراً بضمان اللقب. هذا كان واضحاً في التصريحات والكلام على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن تسجيل الحاج مالك هدف التعادل أيضاً لعب دوراً لمصلحتنا بشكل غير مباشر. فهو هدف التعادل وهو كافٍ للأنصار لإحراز اللقب، وبالتالي سيكون اللاعبون مكتفين بعكس لاعبي النجمة الذين سيسعون لتسجيل هدف، وهذا ما حصل. لا أخفي عليك أنه بعد تسجيل الحاج مالك للهدف، شعرت في بعض الأحيان بأن الأمور انتهت. كما أن تسجيل الحاج مالك شخصياً للهدف أزعجني. لكن بعد ذلك عاد الإيمان بإمكانية تحقيق الإنجاز وخصوصاً بعد كرة مهدي الزين في القائم». يشرح قائد دفاع النجمة.

على أرض الملعب، لا شك أن هناك بعض الأحداث التي حصلت وصبّت في مصلحة النجمة، ما هي؟
«تسجيل التعادل أحدها، كما أن خروج حسن معتوق ومحمد حبوس أراحنا كثيراً»، يقول الكابتن قاسم.
المحطة الأخيرة هي ما حصل بعد المباراة. وفي هذه المحطة، يغلب الشق العائلي والجماهيري على الأجواء.
فالفريق كان مستعجلاً للتوجه إلى ملعب النادي في المنارة لملاقاة الجمهور الكبير هناك.
بالنسبة إلى الكابتن قاسم، هناك أيضاً سيلتقي بعائلته. زوجته وابنه محمد. «محمد نجماوي متعصّب. قال لي قبل المباراة إذا خسرت أمام الأنصار فستنام في المطبخ. حين رأيتهما في الملعب أدمعت عيناي. سألته: ماذا فعلت بعد تسجيلي للهدف؟ فأجاب بكيت وأمّي بكت وصرت أركض في البيت» يصف قاسم الزين ضاحكاً الأجواء بينه وبين نجله.

الـ VAR ساعد كثيراً
بالعودة إلى الأمور الفنية، كيف يرى قائد النجمة الموسم الكروي بشكل عام؟
«طويل تنافسي. النظام الفني ناجح جداً وخصوصاً قسمة النقاط على اثنين بعد المرحلة المنتظمة. هذا يسمح بتعزيز المنافسة على اللقب. وجود الـ VAR أيضاً كان أمراً مميزاً ساعد كثيراً في نجاح المباريات».

ابني هددني إذا خسرت أمام الأنصار فسأنام في المطبخ


وهل ترى النظام الجديد جيداً أيضاً وخصوصاً مرحلة رباعية بعد الذهاب والإياب بدلاً من سداسية؟
«بالطبع، لكن هناك ملاحظة على مسألة عدد اللاعبين فوق الثلاثين الذين يحق للنادي تسجيلهم على كشوفه. أراه مجحفاً. كرة القدم تغيّرت والتأهيل والاستشفاء تطوّرا. في السابق، كان هناك اعتقاد بأن اللاعب حين يصل إلى الثلاثين يكون في نهاية مسيرته الكروية. لكن برأيي، الآن عزّ عطاء اللاعبين بين 28 و35 عاماً وهذا ظاهر عالمياً. أتمنى إعادة النظر بالقرار».
ولا يمكن الحديث مع الكابتن قاسم دون التطرّق إلى منتخب لبنان وعدم تأهّله إلى التصفيات النهائية لكأس العالم 2026.
«صراحة، لم يقصّر أحد في موضوع المنتخب بدءاً بالاتحاد، ومروراً بالجهاز الفني وانتهاءً باللاعبين. الجميع قاموا بأقصى ما يستطيعون. لكن الواقع صعب والظروف لا تساعد. موضوع الملاعب مؤذٍ جداً ولا أحد يريد مساعدة الاتحاد».

هل هناك احتمال لعدم تأهلنا لكأس آسيا، وهل هناك خطر على مستقبل منتخب لبنان بعد اعتزال اللاعبين الكبار، في ظل غياب النجوم الصغار حالياً؟
«سنتأهّل بالتأكيد ولا خطر على منتخب لبنان. لطالما انتهى جيل وجاء جيل بدلاً منه. من أيام جمال طه ووارطان وغيرهما، مروراً برضا عنتر وعباس عطوي ويوسف محمد وغيرهم وانتهاءً باللاعبين الحاليين. سيأتي جيل جديد يكمل المسيرة».
وعلى سيرة الأجيال الجديدة، ما هي النصيحة التي تقدمها للاعبين الصغار؟
«احلموا واعملوا لتحقيق الحلم. باستطاعة كل لاعب الوصول بعيداً إذا حلم وبذل كل جهده لتحقيق الحلم. كرة القدم في لبنان أمرٌ جيد، وأنا أشجع على لعب هذه الكرة. حتى ابني محمد البالغ من العمر سبع سنوات أشجعه على لعب كرة القدم، بشرط أن تكون أحلامه كبيرة ويسعى لتحقيقها».

وبالنسبة إلى الكابتن قاسم، هل حقق أحلامه وهل اقترب موعد الاعتزال؟
«حققت قسماً كبيراً منها. أنا الآن بعمر 33 عاماً ولا أعتقد بأنني سأعتزل قبل ثلاث سنوات من الآن»، يختم قائد دفاع النجمة حديثه لـ«الأخبار».