خسر منتخب لبنان أمام مضيفه الإيراني بثنائية نظيفة في مباراة لم يكن أحد يتوقع أن يفوز بها لبنان إلا في حال حصول ما هو أكثر من مفاجأة على ملعب مدينة مشهد الإيرانية. هي مباراة تحصيل حاصل إلى حد كبير في ظل الفارق الكبير بين المنتخبين من جهة، وصعوبة تحقق سيناريو حلول لبنان في المركز الثالث في المجموعة الأولى المؤهّل إلى خوض مباراتي الملحق الآسيوي مع المنتخب الأسترالي صاحب المركز الثالث في المجموعة الثانية.كان الهدف الرئيسي تقديم صورة لائقة وتلميعها بعد تشظيها أمام المنتخب السوري في الجولة الماضية حين خسر منتخب لبنان 0-3 على ملعب صيدا. نجح اللبنانيون في تفادي خسارة ثقيلة أمام خصم يسعى إلى الفوز لانتزاع صدارة المجموعة في حال تعثّر المنتخب الكوري الجنوبي المتصدر أمام منتخب الإمارات.
انتهت التصفيات الآسيوية النهائية وانتهى معها عقد المدرب التشيكي إيفان هاشيك، في وقت تبدأ ولاية لجنة المنتخبات الجديدة التي شكّلها الاتحاد اللبناني قبل أسابيع برئاسة عضو اللجنة التنفيذية الدكتور مازن قبيسي. حين شُكّلت اللجنة كان أعضاؤها يعلمون أن أمامهم عملاً شاقاً فكان الاتفاق على أن يبدأوا مهامهم بعد انتهاء التصفيات انطلاقاً من عدم مسؤوليتهم عن المرحلة الماضية بغض النظر عن نتائجها التي كان بعضها إيجابياً والبعض الآخر سلبياً.
الملف الأول الذي سيكون على طاولة لجنة المنتخبات في أولى مهامها هو الجهاز الفني للمنتخب وعقد المدرب التشيكي إيفان هاشيك الذي انتهى أمس عقب المباراة مع إيران.
السؤال الأبرز هو هل يجدد الاتحاد اللبناني للمدرب هاشيك أم يبحث عن مدرب آخر يقود المنتخب اللبناني في نهائيات كأس آسيا في الصين بعد حوالى 15 شهراً؟
لا شك أن أي قرار سينطلق من عدة عوامل منها تقييم لتجربة المدرب هاشيك خلال السنة التي عمل فيها مع المنتخب اللبناني. قاد هاشيك منتخب لبنان في عشر مباريات رسمية آسيوية وثلاث مباريات عربية حاصداً ست نقاط في التصفيات الآسيوية وثلاثاً في البطولة العربية في مجموعة ضمته إلى جانب منتخبات مصر والجزائر والسودان.
كانت بداية هاشيك مع المنتخب اللبناني في التصفيات الآسيوية جيدة جداً حيث أحرز خمس نقاط في أربع مباريات خارج أرضه فائزاً على سوريا ومتعادلاً مع الإمارات والعراق وخسر أمام كوريا الجنوبية.
انتقل هاشيك مع منتخبه إلى البطولة العربية فقارع منتخبات مصر والجزائر رغم خسارته منهما وفاز على منتخب السودان لينتزع إعجاب الجميع في البطولة بعد الصورة المشرقة التي ظهر عليها المنتخب اللبناني في البطولة العربية في قطر.
انتقل منتخب لبنان إلى قواعده مستضيفاً خمس منتخبات في التصفيات الآسيوية لتبدأ «الكارثة» مع إحراز منتخب لبنان لنقطة واحدة فقط من أصل 15 ممكنة على أرضه.
سيكون ملف الجهاز الفني على طاولة لجنة المنتخبات التي ستبدأ مهامها اليوم


صحيح أن الخسارتين أمام إيران والإمارات في النافذة الأولى كانتا ظالمتين، لكن في النهاية خسر منتخب لبنان مباراتين كانتا في متناول اليد ولا بد أن أحداً أو أكثر يتحمّل المسؤولية.
إذا تجربة هاشيك مع منتخب لبنان حملت وجهين الأول إيجابي مع تحقيق لبنان رصيداً من النقاط بلغ ست نقاط في أفضل حصيلة للبنان في تصفيات آسيوية. أما الوجه الثاني فكان سقوطه في مبارياته المحلية وخصوصاً أمام الإمارات وسوريا.
تقييم التجربة متروك للاتحاد اللبناني ولجنة منتخباته لتحديد ما إذا كان القرار هو التجديد لهاشيك أو البحث عن مدرب جديد.
الشق الأول سيكون تحت مجهر أسئلة من نوع: هل نجح هاشيك مع منتخب لبنان أما لا؟ هل هناك ما يستطيع تقديمه لمنتخب لبنان أكثر مما قدمه خلال الفترة الماضية؟ هل هاشيك هو الوحيد الذي يتحمل مسؤولية ما قدّمه منتخب لبنان في النصف الثاني من التصفيات؟ هل هناك ظروف وعوامل أخرى كالإصابات وأمور إضافية أسهمت في إخفاق المنتخب اللبناني استغلال عاملي الأرض والجمهور؟ هل التجديد لهاشيك يعني التجديد للجهاز الفني المساعد بكامله أم ضمن صيغة جديدة؟ هل الجهاز الفني المساعد يتحمّل مسؤولية في نتائج النصف الثاني من التصفيات؟ ومن الطبيعي أن من يتحمل مسؤولية نتائج النصف الثاني لا بد أنه مساهم في نتائج النصف الأول الإيجابية.
أسئلة عدة تحتاج إلى أجوبة إضافة إلى أسئلة أخرى قبل التجديد لهاشيك.
الشق الثاني المتعلّق بعدم التجديد لهاشيك والبحث عن مدرب آخر أيضاً سيجد نفسه أمام مجموعة من الأسئلة الملحّة. من هو البديل؟ ما هي ميزانية المنتخب الأول؟ ما هو حجم الأموال المتوافر للمنتخب الأول. هل الأموال المتوافرة قادرة على تأمين عقد مع مدرب أفضل من هاشيك؟ علماً أن المدرب التشيكي يملك عقداً متواضعاً مالياً مقارنة بالعقود السابقة من جهة وبما حققه هاشيك مع المنتخب اللبناني في مشواره التدريبي.
لا شك أن منتخب لبنان يملك ورقة قوية لمفاوضة أي مدرب: كأس آسيا 2023. فالبطولة القارية الأهم في القارة الصفراء تشكل عنصر جذب لأي مدرب يبحث عن فرصة للتواجد في أهم عرس كروي آسيوي. كما أن هذه المشاركة تُغري هاشيك شخصياً لتقديم تنازلات مقابل تجديد عقده كي يتواجد مع المنتخب الذي لم يكن هو من قاده إلى هذه البطولة، لكنه أصبح يعرفه تماماً وحقق معه نتائج جيدة جعلته يتحوّل إلى «المنقذ والمبدع والخبير» قبل أن تتراجع النتائج فينسى كثيرون كل ما قالوه عن هاشيك وأصبحوا يطالبون بعدم التجديد له.
أيضاً أسئلة عدة تحتاج إلى إجابات من القيمين على المنتخب اللبناني قبل اتخاذ القرار بعدم التجديد لهاشيك. لكن بغض النظر عن طبيعة القرار فإن مهمة لجنة المنتخبات صعبة، وأي قرار سيخضع لعدة اعتبارات ويتضمن رهانات ومخاطر لا يمكن التنبّؤ بها.