عندما توّج بول نجيم بطلاً للبنان في سباقات الكارتينغ عام 2005، لم يتخيّل ان يؤثر هذا الامر بشكلٍ مباشر على ابنائه الثلاثة باتريك وماتياس وكريستوفر، الذين كان كافياً بالنسبة اليهم متابعته على الحلبات لينغمسوا بارادتهم في عالم السرعة، ويكونوا حجر الاساس لبناء جيل واعد يصبو الى ارتقاء اعلى مستوى في سباقات السيارات الاحادية المقعد. القصة بدأت قبل ست سنوات تقريباً عندما قرر الصبية الثلاثة السير على خطى والدهم وخوض غمار سباقات الكارتينغ، طالبين منه تعليمهم اصول القيادة.
وما هي الا اشهر حتى اصبح هؤلاء نواة تأسيس نادٍ لفئة «جونيور» على حلبة «بيت ستوب» في جعيتا، وسرعان ما انضم اليهم اكثر من 18 فتى، لتنطلق من بعدها بطولة حازت على رعاية رسمية بالنظر الى اقبال الاولاد على هذا النوع من السباقات. وهذا الامر يبدو واضحاً من خلال الزيارة الى الحلبة المذكورة حيث ترى اطفالاً في سنٍّ صغيرة يملكون سيارات خاصة بهم ومزيّنة بأسمائهم، بينما يراقبهم آباؤهم وامهاتهم مشجعين إياهم لا بل لا يرفضون تأمين مستلزمات وتجهيزات باهظة الثمن ليظهر اولادهم على صورة ابطال العالم للفورمولا 1.
باتريك (16 سنة)، ماتياس (14 سنة) وكريستوفر (13 سنة)، توّجوا جميعاً بألقاب بطولة لبنان لفئاتهم، وحتى انهم مثّلوا لبنان في الخارج عندما خاضوا احدى مراحل بطولة اميركا الشمالية في كندا، قبل ان يحط الفتى الاكبر في ايطاليا العام الماضي للمشاركة في بطولة العالم عقب احرازه اللقب المحلي.
وسبق لباتريك ان توجّه الى انكلترا حيث يطمح للانضمام الى احد فرق بطولة فورمولا رينو مستقبلاً، ولهذه الغاية خاض تجارب على جهاز محاكاة مسجلاً اوقاتاً واعدة، وهو قال لـ«الأخبار»: «بصفتي الاكبر بين اشقائي فإنه من الطبيعي ان اقطع الخطوة الاولى نحو العالمية». واضاف: «الا ان هذا الامر لن يكون سهلاً، وخصوصاً انه علينا تأمين العائدات المالية لمشاركة من هذا النوع، وهذا يرتب عليّ مواصلة العمل ومحاولة تسويق انجازاتي من اجل تأمين رعاة وداعمين».
واللافت انه خلال بطولة 2012 كانت المنافسة الاساسية بين باتريك وماتياس، وقد انتهت المواجهة لمصلحة الشقيق الاصغر في المرحلة الاخيرة ليحجز بطاقته الى بطولة العالم في البرتغال ويحمل هذه المرة بنفسه مهمة تمثيل لبنان. وعن تفوّقه على شقيقه الاكبر يقول: «بالطبع اتعلّم من شقيقي الكثير من الامور، لكن على الحلبة كل واحد يعتمد على نفسه، لكننا نساعد بعضنا في احيانٍ عدة من اجل احراز المركزين الاوّلين في كل سباق، وهذا كان سبباً ايضاً في تنافسنا على صدارة الترتيب العام».
اما المشهد المميّز الآخر فهو عند رؤية كريستوفر في نزالٍ شرس مع شقيقيه ووالده غير آبهٍ بأنهما يفوقانه سنّاً او خبرة، وهو يختصر طموحاته بالقول: «احب الكارتينغ لانها الاساس لكل سلسلة سباقات السيارات الاحادية المقعد، واذا اردت ان احلم بالوصول يوماً الى الفورمولا 1 عليّ اتقان ما اقوم به حالياً».
لكن هل سيصل أحد ابناء بول نجيم الى العالمية؟
سؤال ربما يمكن الاجابة عنه بتفاؤل، وخصوصاً عند ادراك ان الدماء الالمانية تسير في عروق هؤلاء الفتية الذين حصلوا من والدتهم على جنسية بلاد ابطال العالم في الفئة الاولى، في الوقت الذي تشير فيه ملامحهم الى «العرق الجرماني» (يتحدثون الالمانية والانكليزية بطلاقة وافضل من العربية). لكن ورغم اعتراف الأب بأن جنسيتهم الثانية قد تكون عاملاً مساعداً لهم في المستقبل وتحديداً في اوروبا، فانه يبدو مصرّاً على ان يحمل كلٌّ منهم الالوان اللبنانية في المحافل العالمية.



خوف الأب ورضاه

لا يخفي بول نجيم خوفه على أولاده بسبب انغماسهم في الكارتينغ، لكنه يعترف بأنه كان من الصعب عليه منعهم من خوض التجربة التي أحبها بنفسه، مشيراً إلى أنه «عادة ما يهوى الأولاد الرياضات التقليدية ككرة القدم وكرة السلة، لكن أولادي فاجأوني عندما أظهروا رغبة كبيرة بالكارتينغ بفعل تأثرهم بي».