لم يكن بالامكان التأكيد يوماً على ان قدوم لاعبي اي منتخبٍ من الدوري عينه هو مسألة مفصلية في تحقيق نتائج ايجابية، لكن من دون شك يساهم هذا الموضوع في تعزيز ثقافة كروية متشابهة بين افراد التشكيلة، وهو امر يسهّل من عمل المدربين، وخصوصاً المحليين منهم الذين بامكانهم تطبيق نظرياتهم في الملعب، وتحديداً اولئك المتأثرين بأسلوب الكرة الموجود في بلدانهم.
وفي مقارنة بسيطة حول هذه الاشكالية، نعود الى نهائيات كأس العالم 2010 حيث كانت نقطة قوة المنتخب الاسباني ونظيره الالماني، الكيميائية الموجودة لدى لاعبيهما الذين قَدِم غالبيتهم من فرق «الليغا» والبوندسليغه» ما خلق تقارباً في الفكر الكروي لديهم، وبالتالي كان من السهل على المدربَين الاسباني فيسنتي دل بوسكي والالماني يواكيم لوف العمل على اخراج الافضل من رجالهما. والاهم ان هذين المدربين كانا قريبين من الاكثرية الساحقة من اللاعبين لمراقبتهم، اذ خاضوا مباريات الدوري تحت انظارهما، فكان بالتالي من السهل عليهما تحديد حاجة كل لاعب للتأقلم مع اجواء المباريات الدولية.
واذا كان ضخ الثقافة الاسبانية والالمانية في عقول لاعبي «لا فوريا روخا» و«المانشافت» القادمين من نفس البطولة، امراً مريحاً بالنسبة الى دل بوسكي ولوف، فإن مسألة وجود تشكيلة من اللاعبين الذين يمثلون اندية تنتمي الى بلدٍ واحد، ليست عاملاً حاسماً في افراز نتائج ايجابية، والدليل الابرز على هذه المقولة هو منتخب انكلترا الذي دخل مونديال 2010 بتشكيلة مؤلفة من 23 لاعباً يدافعون عن الوان اندية الـ«برميير ليغ»، الا ان الفشل كان في انتظار منتخب «الأسود الثلاثة» بعد تضارب ثقافة المدرب الايطالي فابيو كابيللو مع فلسفة لاعبيه الذين تركوا جنوب افريقيا بعدما خرجوا يجرّون اذيال الخيبة بخسارة مذلة (1-4) امام الغريم الالماني في دور الـ16.
وتشير خريطة توزيع اللاعبين الى توازنٍ في تشكيلات غالبية المنتخبات بالنسبة الى احتوائها على لاعبين محليين وآخرين يلعبون في الخارج، وهو امر لا ينطبق كثيراً على منتخبات الصف الاول، امثال اسبانيا والمانيا وايطاليا وانكلترا الذين يتسلحون بمجموعة من اللاعبين اكثريتهم من رجال اندية البلاد.
اما النسبة الاكبر من اللاعبين الـ 368 الذين تمّت تسميتهم لتمثيل بلدانهم في البطولة القارية، فقد قدموا من انكلترا، اذ ان منتخب الاخيرة يضم 23 لاعباً من انديتها، بينما يعيش 20 لاعباً ايرلندياً من خيرات الاندية الانكليزية ايضاً. واللافت ان 14 من اصل 16 منتخباً في البطولة لديهم لاعباً على الاقل يدافع عن الوان احد اندية انكلترا، فهناك مثلاً 7 لاعبين من منتخب فرنسا و7 من منتخب هولندا يلعبون في الـ«برميير ليغ»، و4 من اسبانيا، و3 من كلٍّ من السويد وكرواتيا.
وبعد انكلترا تأتي المانيا ثانية اكثر دولة ممثلة بلاعبين من بطولاتها في كأس اوروبا، اذ قدّمت انديتها 48 لاعباً، بينهم 19 الى المنتخب الوطني، و7 آخرين سيتواجدون ضمن صفوف كلٍّ من منتخبي كرواتيا وبولونيا، علماً ان 10 من المنتخبات الـ16 يضمّون على الاقل لاعباً ناشطاً في المانيا.
واذا كانت انكلترا قد قَدمت بتشكيلة من اللاعبين المحليين مئة في المئة، فان اوكرانيا تأتي بعدها بـ21 لاعباً يخوضون البطولات مع اندية محلية، تليهما ايطاليا بـ20 لاعباً قادمين من أندية الـ«سيري أ» ثم اسبانيا والمانيا بـ19 لاعباً. لكن التناقض يبرز هنا عند منتخب جمهورية ايرلندا الذي لم يضم مدربه الايطالي جيوفاني تراباتوني اي لاعبٍ محلي، بينما ضمّ منتخب السويد 3 لاعبين محليين، الذين تواجد 4 مثلهم في منتخب كرواتيا و6 في منتخب بولونيا. والمنتخب السويدي يشكّل علامة فارقة في التنوّع حيث ينشط لاعبوه في 13 بطولة دوري مختلف في العالم، بينها الدوري السعودي الممثّل بلاعب الهلال كريستيان فيليمسون!
كذلك فان لاعبي البرتغال موزّعون على 9 بطولات وطنية مختلفة، والحال عينها تنطبق على بولونيا، بينما يتوزع لاعبو كرواتيا والدنمارك وتشيكيا على 8 بطولات مختلفة.
ومهما يكن من أمر، فابتداءً من يوم غدٍ ستسقط كل الحدود التي تفصل بين هؤلاء اللاعبين، وستتبخر جميع الحواجز الناتجة من الحساسية بينهم، اذا كانوا ينافسون بعضهم محلياً، فالمنتخبات جمعت شملهم حول هدفٍ واحد هو رفع راية الأمة.



بايرن الاكثر تمثيلاً


سيكون بايرن ميونيخ الالماني النادي الاكثر تمثيلاً في كأس اوروبا من خلال 13 لاعباً سيدافعون عن الوان 5 منتخبات، بينهم 8 دوليين ألمان. ويأتي بعده ريال مدريد بطل اسبانيا بـ11 لاعباً سيرتدون الوان 4 منتخبات مختلفة، بينما يقدّم دينامو كييف الاوكراني 10 لاعبين الى منتخبين.
ويلفت ارسنال الانكليزي بمنحه 8 لاعبين الى 7 منتخبات مختلفة، لكن مواطنه تشلسي بطل اوروبا يملك لاعبين دوليين اكثر في البطولة القارية، اذ بلغ عددهم 9 وهم ينتمون الى 5 منتخبات مختلفة.