لا يمكن اعتبار مباراة بايرن ميونيخ بطل المانيا ودوري ابطال اوروبا مع تشلسي الانكليزي بطل مسابقة «يوروبا ليغ»، مجرد مباراة بين فريقين اوروبيين. هذه المباراة تأخذ ابعاداً اخرى تحمل معها المزيد من موجات الاثارة الى ملعب «إيدن أرينا» في العاصمة التشيكية براغ التي تستضيف اللقاء السوبر هذه السنة بعدما درجت العادة ان يحل ضيفاً على امارة موناكو.
لكن تغيير مكان الاستضافة لا يسقط ابداً اهمية المباراة. فالأبعاد التي تحدثنا عنها تبدأ من عند الفريقين الالماني والانكليزي؛ فهما سطّرا في ايار 2012 واحدة من الملاحم التي لا تنسى في المباريات النهائية لمسابقة دوري الابطال. وفوز الفريق اللندني عامذاك في عقر دار نظيره البافاري «أليانز أرينا» يترك حتى الآن ذيوله وينسّم رائحة ثأر يريده الألمان بشدّة بعدما حرمهم الإنكليز احتفالاً مثالياً باللقب القاري الذي عاد الى «هوليوود الكرة الالمانية» في ايار الماضي.
ايضاً وايضاً، يبرز بعدٌ آخر يرتبط بالاحتشاد الاعلامي الانكليزي خلف تشلسي لقهر العملاق البافاري، اذ ان محازبي «البريميير ليغ» يرون في «البوندسليغا» خطراً داهماً، اذ مع بروز الاندية الالمانية على حساب نظيرتها الانكليزية على الساحة القارية، بدأت اندية الدوري الممتاز تشعر بسحب البساط من تحتها من قبل بايرن وجماعته، لذا لا بدّ من اعادة تصويب الامور انطلاقاً من موقعة براغ.
لكن كل هذه النقاط تبقى تفاصيل امام المواجهة الاكبر، وهي تلك الفردية بين المدربين الاسباني جوسيب غوارديولا ناحية بايرن، وعدوه الأبدي جوزيه مورينيو ناحية تشلسي.
فما إن اعلن تشلسي عودة مورينيو اليه، وهو الاعلان الذي تلا تأكيد اشراف غوارديولا على بايرن، حتى بدأ الحديث عن تجدد المواجهة بين الرجلين اللذين الهبا ملاعب «الليغا» بتجاذباتهما في قاعات المؤتمرات الصحافية، وعلى خط المستطيل الاخضر ايام اشراف «بيب» على برشلونة و«مو» على ريال مدريد.
مخطئ من يعتقد ان الاجواء الساخنة قد بردت بين الرجلين، اذ لم يكتفِ مورينيو برحيل غوارديولا وتركه لاسبانيا عندما قرر الانضمام الى بايرن، فكان تعليقه على الخطوة: «ربما اختار بطولة يعرف مسبقاً انها لا تثير اهتمامي، فهو ذهب الى هناك مخافة من مواجهتي».
لا شك في ان هذا التصريح لا يزال يصيب غوارديولا بالتوتر، وهو صاحب الاجوبة المهذّبة عند اللزوم، والخارجة عن كل الاطر في لحظات الغضب، واهمها عندما وصف مورينيو بـ«المدير العاهر» في سياق احدى مشاداتهما الصحافية.
وما يصبّ الزيت على النار حالياً، ويؤكد ان غوارديولا ترك كلاماً بأنه لا يهضم مورينيو حتى لو انفصلا لفترة في نزالهما المستمر، هو ما جاء على لسان الرئيس التنفيذي لبايرن ميونيخ أولي هونيس الذي رأى أن مدرب فريقه يتفوّق بأشواط على البرتغالي استناداً الى الارقام التي توثّق مواجهاتهما (في 15 مباراة ضمن المسابقات المختلفة، فاز غوارديولا 7 مرات، ومورينيو 3 مرات، وتعادلا 5 مرات). وذهب هونيس الى ابعد من ذلك عندما قال إن ناديه اراد المدرب الافضل في العالم «والدليل اننا لم نفاوض مورينيو، بل ذهبنا مباشرة الى غوارديولا».
ربما لا شأن لبايرن وتشلسي بما حصل وما قد يحصل بين المدربين الفذين، لكن الاكيد ان لاعبيهما سينجرون الى حمل السلاح والقتال بضراوة، اذ ان عصبية كل من غوارديولا ومورينيو تركت اثرها على عددٍ لا بأس به من اللاعبين خلال مواجهات «إل كلاسيكو» في اسبانيا، فرأينا سيرجيو بوسكتس والبرتغالي بيبي مثلاً كوحشين ضاريين لا يجدان مشكلة في التهام او قتل اي منافس امامهما، وقد اتهم مورينيو فعلاً بتأثيره على مواطنه الذي شرع في ركل وضرب ودهس النجم الارجنتيني ليونيل ميسي ورفاقه...
عموماً، لا مكان للصداقات على ارض الملعب، وهذا ما يشدد عليه غوارديولا ومورينيو، فالأول مستعد لإهانة عدوه مجدداً على غرار ما فعل في اول «كلاسيكو» بينهما عندما اكتسح برشلونة ضيفه ريال مدريد بخماسية نظيفة. اما الثاني فهو يريد التأكيد للأول أنه اصبح يعرف العابه ويقرأ افكاره على صورة ما فعل في آخر «كلاسيكو» بينهما الذي انهاه الريال فائزاً 2-1 في «كامب نو» ليتوّج باللقب المحلي لموسم 2011-2012.
هي ليست مباراة الكأس السوبر الاوروبية فقط، هي جزء من معركة لا تنتهي بين رجلين عنيدين، لا بل هي نفس المعركة، اذ ما تبدّل الآن هو فقط ألوان بزّات المقاتلين.




كأسٌ طال انتظارها

رغم أنّ بايرن ميونيخ فرض نفسه كبيراً في أوروبا منذ زمنٍ بعيد وتمكن من إحراز لقب مسابقة دوري ابطال اوروبا خمس مرات (أعوام 1974 و1975 و1976 و2001 و2013)، فإنه لم يتمكن اطلاقاً من الفوز بلقب الكأس السوبر الأوروبية. واللافت ان أيّاً من الفرق الالمانية التي احرزت احد اللقبين الاوروبيين لم يتمكن ايضاً من تحقيق هذا الانجاز سابقاً.
اما تشلسي، فقد احرز الكأس السوبر مرة واحدة عام 1998، وهو كان امام فرصة اضافة لقبٍ ثانٍ، لكنه فشل امام أتلتيكو مدريد العام الماضي.