«ما حصل مع تيتو فيلانوفا هو ضربة كبيرة لنا. لم نتوقع هذا الامر، والفريق يعاني كثيراً». بهذه العبارة وصف كابتن برشلونة بطل إسبانيا كارليس بويول ما حدث في الايام الاخيرة داخل اروقة النادي الكاتالوني بسبب استقالة المدرب تيتو فيلانوفا. كلمات اذا ما دلت على شيء، فهي على مدى تأثير رحيل المدرب المذكور عن منصبه، وهي تدل ايضاً على التوقعات للمرحلة المقبلة حيث لن يكون التعويض سهلاً إن لم يكن خيار ادارة النادي صائباً.
وقد يأتي البعض ليقول ان فيلانوفا لم يكن ذاك المدرب الكبير او لم يكن متوقعاً ان يحمل الرجل «البرسا» الى امجادٍ مشابهة لتلك التي خطّها سلفه جوسيب غوارديولا. هذا الامر قد يكون صحيحاً اذا ما اخذنا في الحسبان الطريقة التي خرج بها برشلونة من مسابقة دوري ابطال اوروبا في الموسم الماضي على يد بايرن ميونيخ بطل المانيا واوروبا. كذلك يمكن ذكر هذا الامر إن تحدثنا عن نوعية لعب «البرسا» في فترة من الفترات، حيث كان الأداء متراجعاً ومختلفاً عمّا كان عليه ايام «بيب» حيث حفلت المرحلة بالاستقرار.
لكن لا يمكن اسقاط مسألة ان فيلانوفا قاد الفريق الى لقب «الليغا» وحافظ على القسم الاكبر من الميراث الذي تركه له غوارديولا. وعند هذه النقطة يمكن التوقف عند ما يهم ادارة برشلونة بالدرجة الاولى. ومن هذه النقطة يمكن الانطلاق نحو رسم صورة او افقٍ لمستقبل لا يتغيّر فيه مستوى «البلاوغرانا» او يتأثر بابتعاد فيلانوفا.
وفي هذا القول الكثير من الصحة، والدليل ان النادي الكاتالوني يرفض اسقاط ثقافته الخاصة بعدما لمس نجاحاً كبيراً من خلالها، فكان توجهه لتعيين جوردي رورا مدرباً مؤقتاً عندما ذهب فيلانوفا الى العلاج ضمن اطار يشبه التعيينات الحزبية. ومن هنا بدأ البحث عن المدرب الجديد، اذ رفض الكاتالونيون ارتكاب خطأ مميت عبر الابتعاد عن السير ضمن التوجّه «الحزبي» نفسه اي استقدام مدرب جديد لا يملك مقاربة مطابقة لتلك التي اعتمدها غوارديولا ثم فيلانوفا وبعدهما رورا.
لذا طُرح في بداية المطاف اسم الدولي السابق لويس إنريكه، وهي كانت فكرة جيدة، وذلك لاسباب مختلفة ترتبط بما ذُكر اعلاه، قبل ان تميل الكفة للارجنتيني جيراردو «تاتا» مارتينو فحلّ انقسام في الرأي في «كامب نو».
مؤيدو إنريكه يعتبرون ان الاخير يملك الاصالة الكاتالونية؛ فهو لعب 8 مواسم مع الفريق حيث حمل شارة القيادة ايضاً. والاهم ان هذا الرجل يمكنه ان يمثّل الاستمرارية للعمل الذي كان قد بدأه كلٌّ من غوارديولا وفيلانوفا في الفترة الماضية، اذ انه في خلال عمل الاثنين مع الفريق الاول، كان إنريكه مدرباً للفريق الرديف من 2008 وحتى 2011 حيث نسّق معهما مباشرة، وذهب الى تبني اسلوبهما بسبب اقتناعه بأنه الافضل للفريق الكاتالوني دون سواه. كذلك، يملك إنريكه الفكر نفسه، اذ عاصر غوارديولا لاعباً ثم كان زميلاً لعدة لاعبين يدافعون حالياً عن الوان النادي وهم من اعمدته اي بويول وشافي هرنانديز واندريس إينييستا والحارس فيكتور فالديس، قبل ان يدرّب في الفريق الرديف بعض العناصر التي شقّت طريقها الى الفريق الاول.
ويعتبر كثيرون ان إنريكه كان قادراً على اضافة المزيد من الايجابيات الى الثقافة المعتمدة، اذ إن لعداء الماراثون والترياتلون ثقافة خاصة، يحب ان يعكسها من خلال هاتين الرياضتين في كرة القدم حيث يصرّ على رفع مستوى الحضور البدني للاعبيه الى اقصى درجة ممكنة، وهي مسألة بدا ان برشلونة يحتاجها بعدما انكشف بدنياً خلال مواجهتيه مع بايرن ميونيخ في الموسم الماضي.
صحيح ان إنريكه هو الاقرب الى «كرايتيريا» برشلونة والنظام المعتمد، لكن اعتماد اسم «تاتا» مارتينو قد لا يكون خطأ، اذ ان الاخير وعلى غرار مواطنه مارتشيلو بييلسا (كان المرشح الاول عند غوارديولا عشية رحيله)، يعشق اسلوب لعب «البرسا»، وهو يهوى اللعب الهجومي والجذاب، وقد طبّق هذه المسألة مع نيولز أولد بويز الارجنتيني حيث قاده الى اللقب المحلي، والى الدور نصف النهائي في كوبا ليبرتادوريس.
ويمكن لمارتينو السيطرة على غرفة الملابس عبر شخصيته القاسية، ولديه ايضاً افضلية مهمة، اذ يُقال انه الخيار العاطفي لنجم الفريق الارجنتيني ليونيل ميسي ابن مدينة روساريو ايضاً. لكن ما يعيب مارتينو هو انه لم يُختبر قط في اوروبا، وهي نقطة قد لا تصب في مصلحته خلال المرحلة المقبلة التي تبدو صعبة الى ابعد الحدود.
فعلاً هي مرحلة دقيقة يمرّ بها «البرسا»، واسم الرجل المختار قد يغيّر تاريخ النادي نحو الأفضل او الأسوأ.



من تيتو إلى تاتا

من تيتو الى تاتا ستنتقل قيادة دفة برشلونة، اذ يُنتظر ان يوقّع المدرب الارجنتيني على عقدٍ لمدة ثلاثة مواسم للاشراف على برشلونة، بحسب ما اجمعت وسائل الاعلام الاسبانية مساء امس، وعلى رأسها صحيفة «سبورت» الكاتالونية المقرّبة من النادي المعني. بدورها، ذكرت صحيفة «آس» الرياضية ان مارتينو سيصل الى برشلونة اليوم لتوقيع العقد بعد ان توصل الى اتفاق مع ادارة النادي الكاتالوني، وهو سيصطحب معه مساعده الحالي خورخي باوتاسو، اضافة الى مدرب اللياقة الفيو باولوروسو.